المصمم بين الخيال والواقع

141 14 3
                                    

عندما نتخيل ملكة السحر دال للوهلة الأولى، بالتأكيد ستكون ذات شعر طويل يَقرب للرمادي بأعيُن زرقاء باهتة تصاحبها نظرة ناعسة جميلة، ترتدي عباءة بيضاء وتروسها السحرية عائمة فوق رأسها، لديها تلك الأنامل المخملية التي تشكل بها أركان أغلفتها بإتقان، تغلفها هالة سحرية تجذب كل من يراها، هي ستأخذ حقها في إذهال الجميع بحق.

لكن عندما ننظر للواقع، ستجدها أقل من متوسطة القامة، ذات شعر أشعث قصير وبطن ممتلئة؛ يكاد يلتصق جسدها بكرسي المكتب الذي يقبع فوقه حاسوبها الرديء، تستغرق بكل غلاف ما يقرب للعقد إلى أن تنتهي منه...هي لا تقرب للفخامة بِصلة.

دومًا ما يختلف الواقع عن الخيال؛ فبالنسبة لأي معجب مبتدئ بأصول الفن العريق، سيظن أنها وظيفة أقرب للحلم، ومن يتخذها مهنة له فبالتأكيد سينعم بجنة الله الخالدة، وهذا خطأ فادح.

والأمر سيان مع جنود التصميم؛ فالصادم بالأمر أن هناك بعض المستخدمين يعتقدون أنهم جندٌ حقيقيون! بأسلحة حربية متطورة، يقفون في ميدان المعركة ويحاربون العدو ببسالة، لا يعلمون أنهم أناس عاديون للغاية بل وشتّان بين شخصياتهم هنا وحقيقتهم بالواقع، عدا الجنرال إل فهي لازالت إلف قد لا تتخطى قامتها مترًا.

أولًا: «ألم تتناول ألوان الغداء بعد؟»

عندما تتعلق مهنتك بتصميم الجرافيك أو أي مهارات أخرى متعلقة بذات المجال؛ فأنت بشخصك المتواضع ستواجه حقيقة أن حياتك تتمحور حول الفنون ولا شيء غيرها، تلقائيًا سيتحول نظامك الغذائي حول تناول طبق من شعارات الفنان باول راند على الفطور، غلافين من إبداعات المصمم ميلتون جلاسِر في وجبة الغداء، وطبق محلى بالألوان الدارجة على العشاء كتحلية خفيفة. 

يا إلهي لازلت ترتدي نفس غلاف المانيب منذ أمس؟!

ثانيًا: «اضغط الزر!»

ما لا يعلمه أحد؛ أن هناك إحدى الأيقونات السرية ببرامج التصميم، يقوم الفنِّي بملء تفاصيل مشروعه الجديد وإذ يضغط على ذات الزر، سيجد عمله قد تم الانتهاء منه في غمضة عين، لذا هو يستطيع تسليم كامل الطلبات التي بحوزته في أقل من يوم، هو دومًا ما ينتهي من عمله سريعًا دون مجهود أو تعب، فالتصميم هو آخر شيء قد تفكر في صعوبته يا صاح، أوَليس! سأقدم لك نصيحة من ذهب، امتهن التصميم وأرح بالك، لا مجهود، لا إرهاق، ومالٌ وفير. ستجد الحظ بجانبك.

ثالثًا: «توقف عن استخدام السحر في إتمام عملك.»

ليس هناك شخصٌ لا يعلم خِدَاع الفنانين، هم لديهم تلك الأداة المتوارثة بين هؤلاء المهنيين؛ يستلمونها عن جد الجد السابق، ستجدهم ينتهون من كامل أعمالهم في خضم ثانية بمساعدتها بل في بعض الأحيان يمتلك قلة منهم قوًى حقيقية يستغلونها في الانتهاء من مشاريعهم المتراكمة فوق مناكبهم، بل والأدهى من ذلك هو استعانة البعض الأخر بدجال ما أو مشعوذ لإتمامه، إنهم مجموعة من المخادعين الكسالى، متى سيتوقفون عن التهرب من أشغالهم والقيام بها بجد كما باقي المهنيين!

رابعًا: «لنأخذ جلسة عند الشاطئ اليوم!»

عندما يأخذ المصمم (والجنود على وجه التحديد) إجازة فهو بالتأكيد يريد الترفيه عن ذاته المتهالكة في العمل (الوهمي)، لذا هو دومًا ما يجهز أوراقه الرسمية ويذهب لحجز تذكرة في جزر المالديف أو الباهامَز! يجهز حقائبه المملوءة بقمصان هاواي وقبعة القش بالإضافة لسرواله القصير، هو يتوجب عليه حقًّا الاستمتاع بكامل عطلته، أجل...من يدري؟ قد يكون محصورًا في أكوام من الفصول، الدروس والمقالات التي يتوجب عليه إعدادها وتسليمها للجنرال إل المستبِدّة!

خامسًا: «انتبه! الرجال الآليون يحلقون من فوقك!»

مما لا شك فيه، هو حياة الفني المتطورة، نكاد نجزم أنه قد أتى من المستقبل البعيد؛ في القرن الحادي والثلاثين ربما، هذا الزمن المكتظ بالمعدات المتطورة والتي تعتمد على ذهن العامل وتفكيره لإنجاز العمل، هذا الزمن الذي جعل الفنان رائد العصر المعاصر، لقد تخطى روعة عالم الطاقة الكهرومغناطيسية حتى!

سادسًا: «أبيدوهُم عن بكرة أبيهم!»

نحن كجنود التصميم المخضرمين، يجب دومًا التأهُب والاستعداد لأي حربٍ مبيدة أو حتى مناوشة ضئيلة؛ والتي تنتهي غالبًا بانتصارنا على العدو نصرًا مهيبًا، وهذا بالطبع يعود لأعدادنا الطائلة وكتائبنا الألف المدرّبة على أكمل وجه، ننتصر بقوتنا أولًا وعددنا المهيب ثانيًا، فنحن لسنا مجموعة هواة لا يتخطى عددهم الثمان عشر شابا قد طلب نصفهم إجازة لمليون سنة ضوئية قادمة!

أخيرًا: «خيرُ الكلام ما قلَّ ودَل.»

عند التحاقك بمعتقل الجنود.. أقصد فريق الجنود، ستجد سكونا غريب قد حلّ عليك، ستبدأ بأخذ الأمور ببساطة شديدة ولا تهتم لأي مشكلة قد تمر عليك، كلامك سيكون لبق على غير العادة؛ تنتقي كلمات بسلاسة وترتيب، لن تهتم لأحد من بعدها، فأنت ستمرِّر مَن تجاهَل وضع غلافك واستبدله بكل بساطة بغلاف رث، لن تهتم بذلك الذي يهين تصميمك وقدراتك المهترئة -بنظره-، بل وقد ترد بشكرًا على أي إهانة مقصودة بحقك، أنت ستــ..
ابتعدي من أمامي إل، سأحطم وجه هذا السافل أنا أقسم!

على الرغم من عدم واقعية أيٍّ مما سبق، لكن لكل مصممٍ طابع سحري لا يستطيع أحد غيره القيام به. عزيزي أنت مبدع، لولا أناملك المخملية لما كانت هناك حياة على الأرض حتى؛ فدورك لا يقل أهمية عن أي مهني آخر، أعلم أن الجميع ضدك، الحظ ضدك والفكر ضدك لكنك لم تستسلم يومًا بل أسست فنًّا كامل الأركان، دونك لما كان البشر بشرًا فشكرًا لك ولمجهودك غير المُقدر.

واجبك كمعجب كنت أو مجرد عميل، أن تقدر مجهود سائر العمال، هواة كانوا أم محترفين، نحن نسعى بكاهلنا وساعدنا لتقديم الأفضل لك، لذا عزيزي القارئ...رفقًا بالمصممين.

كانت معكم ملكة الساحرات دال.

خَلاَّقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن