١٦

42 8 0
                                    

صوت هادئ بترنيمة مخدرة تهادي إلى مسامعى بتشوش من بقائي عالقة ببقايا النوم، فارقت أجفانى بثقل من بكاء أمس.

البرودة الشديدة التى تجعل أسنانى تصدك وشت بأنى قريبة من كاي، تراجعت عن تصنع النوم مع سماعى صوت حشرجاته الباكية ونبرته الضعيفة المتلاشية.

إرتعشت أوصالى وتخبط قلبى بإضطراب حين أبصرت هيئته، جسده شاحب ودرجة حرارته أقل من المعتاد بكثير وأجنحته باهتة وملقاة خلفه بإهمال والفاجعة الكبرى تمثلت فى عينه اليمنى النازفة.

كان يتمتم بكلمات غير واضحة وأعينه شاخصة، مظهره كان مروعاً. قمت بندائه عله يستجب ولكنه بدي غير مدرك لما يحدث حوله.

" كاي،انت تنزف!"

صحت به عالياً فنظر نحوى بابتسامة واهنة ولا تزال أعينه فاقدة التركيز، أمسك يدي قبل وصولها إلى الدماء بنية مسحها عن وجهه وبصوت ضعيف أردف " ستتأذين. "

حين دققت النظر إكتشفت أن الدماء تصهر جلد وجهه ولحمه وحين تظهر العظام يكون مظهره قد تجدد ولكن الدماء تعيد صهرها.

غطيت فاهى بيدي أكتم شهقتى ومرارة ما أشعر به من ألم لحاله، حاولت أن ألمس دماءه من جديد علنى أتوهم ما أرى؛ فإنبثقت منى صرخة من تلامس هين لحظى مع سطح دماءه تسبب فى إحتراق إبهامى وتأكل جلدى.

أتى فيشنو بقلق يستفسر عن صراخى ورائحة دماء كاى وما أن وقعت أنظاره عليه رحل لبرهات وعاد برفقة كاثرين التى خصتنى بنظرة قاتلة ثم فعلت قواها فوق كاى.

همساتها بطلاسم مبهمة إستمرت لما يقارب النصف ساعة تحول خلالها الهمس إلى صوت مجلجل يتردد بالأرجاء، ضوء ترابى منير يحيطها ويشع من أعينها المتسمرة فوق كاى وريشتها تدور حوله وأخيرا سقطت فوق عيناه المنغلقة مذ قام بتحذيري.

إلتفتت إلى بذات الهيئة فرُفعت عن الفراش عالياً بالهواء وإلتف حبل رفيع بلون الكراميل حول جسدى يقيده، وصاحت بى تطرحنى أرضاً " أنتِ السبب فيما أصابه."

أى كان ماخطته لى بعقلها منعها فيشنو من تحقيقه بتحوله إلى هيئته الضخمة كتهديد وما أن إنصرفت من الجناح، تاركتاً إياي مقيده بذلك الخيط المريب وجسد ملقى فوق الأرض عاجز عن الحراك، عاد فيشنو إلى هيئته اللطيفة من جديد.

صاحبنى فيشنو طيلة يومان، يومان على ذات الوضعية المؤلمة، يومان ورغم تشاركى الجناح مع كاي لا يمكننى رؤيته لعدم قدرتى على التحرك وعدم نهوضه من سباته.

فيشنو أعلمنى أن كاي لم يكن ينزف بل يبكى، فكاي أحد المدعين بالدموع المدماه أو باكى الدماء، ليسوا قلة كأعداد فردية ولكن نادرون كأجناس.

" يسمح لذوى الدموع الدامية بعدد محدد من مرات البكاء لكل جنس من الأجناس، فمصاصي الدماء سبع مرات ويليها إسوداد الروح وطغيان الظلام عليهم، والشياطين ثلاث مرات وإلا فقدوا قواهم وطردوا من ممالكهم لأرض البشر. لا أعلم الحد المسموح به لكميرا أو عدد مرات بكاءه ولكن منذ أن وجدت فهذه المرة الأولى لبكاءه. ولكن تحول دموع الدماء إلى دموع اللافا لم أشهد شيء كهذا قبلاً، كما أنها تنذر بالخطر؛ فلم يصل إليها أى باكى دماء من قبل ولطالما ظننت أنها محض أسطورة من أساطير العالم السفلى. "

كاتارا تو كميرا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن