الفصل الثاني و الأربعون(أبو جميلة)

110K 4.6K 2.1K
                                    

"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ"
"الفصل الثاني و الأربعون"
____________

كلما طال بُعدكِ رفعت رأسي أنظر للسماء، أراكِ فيها كَـنجمةٌ و قلبي طامعٌ في اللقاء.
_____________

‏من أقسى التساؤلات التي كتبها كافكا إلى حبيبته ميلينا: "لقد كان فراقًا عاديًا يزول أثره مع الوقت أو لا يزول، لكنّ السؤال الذي يورِّقُني دائمًا مُحاولاً طردهُ مِن رأسي: كنتُ دائمًا أُضيئُك، كيف استطعت إطفائي؟"
«كافكا إلى ميلينا»

وقف الأثنين كمن سُكب عليهما دلوًا من الماء الباردة في ليالي الشتاء القاسية، ثم نظر لبعضهما البعض، بينما «حسان» حرك رأسه نفيًا بيأس وهو يقول بضحك:

"أظن جميلة بنتي مبخلتش عنكم بأي معلومات، أنتم مين بقى؟"

نظر له «وليد» بخبثٍ وهو يقول:

"لأ دا خير ما فعلت، أعرفك أنا بقى بينا، وليد مرتضى، و دا طارق محمد، الرشيد"

رفع «حسان» رأسه بقوة ينظر لهما، كمن صُعق بالكهرباء لايدري هل ما سمعه صحيح؟ نظر في وجهيهما يحاول إستبيان ملامحهما التي محاها الزمن من ذاكرته، وجد نظراتهما تشع نيران، فنظر لإبنته يقول لها بصوتٍ مهزوز بعد رؤيته تلك النظرات:

"جـ..جميلة...روحي هاتي حاجة للناس تشربها،يلا"

قطبت جبينها تسأله حائرة:
"طب ما أكلم حد من الكافيه اللي تحت يطلع يا بابا"

_"لأ، أنزلي أنتِ"

خرجت منه تلك الجملة بنبرة قوية جعلت التعجب باديًا على ملامح وجهها، أما عنهما فقبض «طارق» كف يده بشدة حتى يتمالك نفسه، بينما «وليد» كانت نظرة الخبث تشع من عينيه، نظرت هي في أوجه الجميع، ثم حركت كتفيها وغادرت المكان وهي متعجبة منهم جميعًا، نظر هو أمامه حتى زال أثرها، فإلتفت ينظر لهما بنظرة مذعورة وهو يقول بنبرة مهزوزة يحاول تغير الموضوع:

"أهلًا..أهلًا و سهلًا بيكم، ها نتكلم بقى في الشغل؟"

رفع «طارق» حاجبه مُتعجبًا منه، بينما «وليد» رد مُعقبًا بهدوء خبيث:

"لا لا لا، مش مقابلة دي يا عمو حسان بعد العمر دا كله، إيه نسيت ليدو حبيبك؟ وبعدين الكلام دا كان قبل ما تخرجها من المحل، لكن للأسف اللي عملته دا خلانا متأكدين إنك عرفتنا"

تحدث «طارق» يقول بضيق ونبرة قوية:
"هو أنتَ فاكر إننا ناسين؟ شوف يا أخي الدنيا، بعد العمر دا كله ربنا يجمعنا سوا"

ثم إقترب منه يقف مقابلًا له وأمسكه من تلابيبه فجأة وهو يقول بصياح:

"علشان أطلع عليك اللي عملته فيا، لأ وكمان عاوز تتكلم في الشغل، يا بحاجتك يا شيخ"

كان يهزه بقوة، مما جعل «وليد» يقترب منهما وهو يقول:
"خلاص يا طارق سيبه، هي ممكن تطلع دلوقتي"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن