الفصل الثاني و السبعون_الجزء الثاني (لم يكن خيرًا)

83K 3.6K 965
                                    

"الفصل الثاني و السبعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"و كأنني اليوم أضحك مع نفسي و أمرح مع ذاتي، اليوم تتوقت نفسي للفرحِ و نسيت معاناتي"
_________________________

_ كيف لي أن أكون غريبًا حتى عن نفسي ؟! كيف أكون مني تائهًا و فاقدًا لـ أُنسي، كيف غدا ليلي طويلًا و غابت عني شمسي ؟! اليوم نظرتُ في مرآتي فأصبحتُ لم أعرفني، و كأن نفسي القديمة غادرت مني، و تأكدت أن ما بقىٰ مني هو أسوأ ما تبقى من ذاتي....اليوم فقط خسرت راحتي و ربحت مُعاناتي.

في بيت آلـ «الرشيد» وصل «طـه» مع أبنائه بعدما قام «طارق» بتوصيلهما بسيارته و رحل مرةً أخرى نحو مَسكنه، كانوا في حالة غريبة مختلطة التأثير عليهم، فلم يعلم أيًا منهم كيف مرت تلك الليلة العصيبة عليهم جميعًا، أما «أحمد» فشعر بالخزي من نفسه بعد فعلته تلك، لطالما كان هادئًا حكيمًا يقوم بحساب خطواته قبل أن يُخطيها، لكن تلك المرة فعل ما لم يكن في حسبانه، حتى كادت تلحقه العواقب الوخيمة.

كانت «خلود» في حالة صدمة أيضًا بعد ذلك اليوم و رؤية أخيها مُكبل الأيادي كما لو أنه مُجرمًا خطيرًا يشكل خطرًا على الأمةِ بأكملها، تحمم «أحمد» في غرفته ثم ارتمى على الفراش بتعبٍ بلغ أشده و انهاكٍ ينهش في أعصابه مثل وحشٍ مفترسٍ، رفع كفيه يمسح وجهه ثم أغمض عيناهُ لعله ينعم ببعض السلام، حتى تفاجأ بطرقاتٍ رتيبة على باب غرفته، سمح للطارق بالولوج إلى غرفته، حتى تفاجأ بوالدته تركض إليه تحتضنه ببكاءٍ و لوعة الاشتياق، احتضنها هو الأخر مستسلمًا للراحة التي عبرت بين خلجات روحه مثل طفل الصغير الذي القى بتعبه في حضن والدته يشكي همه و يعالج في دفء عناقها ألمه.

جلست «زينب» معه و هو بين ذراعيها و هي تبكي حتى طلب هو منها أن تدعو الله له و تخلد لنومها، و بعد إلحاحه عليها خرجت من الغرفة و تركته بمفرده حتى ينام، و قبل أن يَغُط في ثباتٍ عميقٍ فُتح باب غرفته دون إنذارٍ مسبق و تفاجأ بـ «خلود» تقترب منه و في يدها صينية متوسطة الحجم قامت هي بوضع الطعام عليها، عقد ما بين حاجبيه حتى جلست مقابلةً له على الفراش تبتسم بتوترٍ و قالت بصوتٍ مهتز مترددٍ:

"يـ....يلا علشان تاكل يا أحمد.... أنا جهزت الأكل لينا احنا الاتنين، أنا ماكلتش من بدري و أنتَ كمان"

حرك رأسه نفيًا و هو يقول بنبرةٍ خافتة:
"شكرًا يا خلود مش عاوز آكل و الله، كلي أنتِ بألف هنا و شفا"

نزلت دموعها على الفور و هي تقول بصوتٍ باكٍ و ندمٍ يُقطر من كلماتها:
"أنا آسفة و الله، أنا عارفة إنك زعلان مني بس أنا ماكنتش أعرف....ماكنتش أعرف إن الأمور هتوصل لكدا.....متزعلش مني"

اقترب منها يسألها بلهفةٍ:
"ازعل منك !! ازعل منك أنتِ ليه ؟! أنتِ هبلة يا خلود ؟!"

تَعَافَيْتُ بِكَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن