إصابة السيد جمال

3K 307 23
                                    

قررت نجمة بعدما شاورت عقلها و ارتدت حجابها و اخفت سلاحها و الذي كان عبارة عن سكين مطبخ ان تفتح الباب، فتحت الباب بتردد، و اول ما وقعت عليه عيناها هو والدها الغارق في دمه، وقفت نجمة بخوف لوهلة عاجزة عن الحركة فالدماء التي تغطى بها والدها اخرستها.
"لا وقت لخوفكِ الآن ، بسرعة ساعدينا لندخله ان الحكيم قادمٌ خلفنا" صرخ الشاب الآخر فيها، رفعت رأسها لترى "الأحمق" كما شعرت في تلك اللحظة الذي راح يصرخ فيها بلا داعي، و كان كما توقعت و تمنت ان لا يكون سلطان الهلالي، أسبوعان لم تره و كانت قد نسته ها هو يظهر امامها مجدداً و لكن هذه المرة و هي بهيئة نجمة لا بهيئة نجم.
بسرعة نفضت من رأسها كل الأفكار السوداء
"اتبعوني" قالت بثقة بالرغم من الخوف الذي اكل عقلها وروحها، كانت قد اخذتهم لغرفة والدها انزلوه على السرير، كان والدها قد تغطت ذراعه اليمنى بالدماء.
"ما الذي حدث!؟" سألت نجمة بسرعة
"لقد كان أحد المحكوم عليهم استطاع ان يفلت من يد الجنود كان حكمة مؤبداً، غافل الجميع و طعن السيد جمال في ذراعه" قال الشاب، ميزته نجمة من المرة السابقة كان مع سلطان الهلالي.
تنهدت نجمة قليلاً بعدما علمت بأن جرح والدها بسيط.
"سأذهب لأصنع له عصير برتقال طازج سيحتاجه لاحقاً" قالت بقلق و اكملت بحزم:" اعتنوا بوالدي جيداً حتى يصل الحكيم"
كانت نجمة تريد ان تشغل نفسها بأي شئ فقط لكي لا يشتغل عقلها بجرح والدها، لم يكن جرح والدها خطيراً و لكنه يبدو انه نزف كثيراً فقد فقد الكثير من الدم، كانت تدرك انهم من المستحيل ان يأخذوه للبيمارستانه، فإصابة قاضي القضاة يعني أمن مزعزع و ان وجد من ينوب عنه.
بعد مرور عدة دقائق وصل الحكيم بسرعة هرع الشابان لفتح الباب الذي كانت نجمة قد سبقتهم إليه، دلف الحكيم و بسرعة أرشداه الشابان للغرفة جلست نجمة في الحديقة تنتظر انتهاء الحكيم و بعد ساعة خرج الحكيم، وقفت نجمة بسرعة وبلهفة قلقة سألت:" كيف هو يا حضرة الحكيم!؟"
"لا تقلقي يا ابنتي، انه بخيرٌ تماماً قمت بخياطة الجرح ضعي له و لمدة اسبوعان من هذا المهرهم كل يوم و غيري له الرباط و عليه ان لا يقوم بأي جهد لمدة أسبوع و سحتاج للكثير من السوائل فقد فقد الكثير من الدم" قال الحكيم و هو يطمئن نجمة
ركضت نجمة بسرعة للأعلى بعدما ودعت الحكيم، كان والدها ينام بسلام تنهدت براحة.
"نحن سنبقى هنا الليلة" قال سلطان بسرعة
نظرت إليه نجمة بغضب واضح و راحت تحادث نفسها في عقلها:" كم هو وقح، اي نوع من الطلاب تعلم يا سيد جمال"
"الذي يقصده سلطان هو انه يجب ان نبقى الليلة هنا، فالخطر لم يزل و الجاني لا زال طليقاً و قد يأتي لينتقم هنا" قال الشاب الآخر بلباقة
"هل ترى يا سيدي بعض اللباقة في الحديث لا تحتاج لتأمرني او تصرخ في وجهي" قالت نجمة محدثتاً سلطان بإنزعاج
رمقها سلطان بعدم مبالاة، و لاحظت نجمة ان سلطان تغير تصرفاته عن المرة السابقة فطابعه الخبيث و نظرته المستهزئة اختفت تماماً تحت هذا الظرف.
قامت نجمة بتجهيز غرفة الضيوف لهما ليبيتا فيها، فهم في نهاية الأمر ضيوف والدها.
قدمت لهم طعام العشاء، و الذي شعرت انها لا تشتهيه الليلة فقد قررت ان تبات الليلة على الكرسي الوحيد في غرفة والدها.
حينما فرغ الشابان من الطعام وضعا الأطباق على شباك المطبخ، كان سلطان شارداً تماماً ففي رأسه ألف موال يدور و احدهم نجمة كان متأكداً انه قد رأها سابقاً للفتاة ملامح ناعمة لا يستطيع نسيانها رآها سابقاً نبرة رنانة سمعها سابقاً هيئة صغيرة رآها سابقاً.
"ما الذي يشغل عقلك يا صاحبي!؟" سأل الشاب الآخر
"وجهك الحسن يا حسن" قال سلطان ممازحاً
"أعلم أنني وسيم و لكن ألم تجد أنك تعديت حدودك اليوم مع الفتاة، إنها إبنة معلمك في نهاية الأمر" قال حسن لصاحبه يعاتبه
" لم أفعل لها شيئاً انها فتاة حساسة" قال سلطان بإبتسامة جانبية
" حقاً و كأنك انت لست حساساً لقد انقلبت ملامح وجهك رأساً على عقب حين وبختك الفتاة و اعذرني يا صاحبي فهي محقة بتوبيخك" قال حسن بمرح
" ألا تشعر بالنعاس يا حسن!؟" قال سلطان بمرح مماثل
"و هل ينام من مر بما مررنا به الليلة!؟"قال حسن
"علينا ان نذهب للقصر فجراً و نبرر غياب معلمنا، لقد سمعت الحكيم يحتاج للراحة لمدة أسبوع" قال سلطان و هو ينظر للسقف بهدوء
"اترك لي أمر السلطان،سأتصرف" قال حسن بسرعة
تنهد سلطان براحة، و اخيراً اغلق عينيه براحة ليغرق في أحلامه.
استيقظت نجمة على صوت المنادي لصلاة الفجر، ذهبت لغرفتها لتتنشط و تغير ملابسها و تمشط شعرها، غطت شعرها جيداً و عادت لغرفة والدها و شرعت في ايقاظه.
"سيد جمال، يا سيد جمال" قالت نجمة بدلالها الطبيعي و هي تربت على كتف والدها لتوقظه
"استيقظ يا أبي الصلاة خيرٌ من النوم"
و اخيراً فتح والدها عيناه و راح ينظر حوله بإستغراب فقد كان آخر ما يتذكره هي غرفة المحاكمة، و المتهم الذي هجم عليه، بعدها وجد نجمة ترمقه بقلق ابتسم بتعب.
"ما الذي حدث!؟" سأل والدها بتعب
"لا شئ لم يحدث شئ فقط قام أحد المختلين بطعنك" قالت نجمة بعتاب و اكملت بغضب:" اسبوع لن تتحرك من المنزل هل هذا مفهوم يا سيد جمال !؟"
"أنا بخير، و الآن يجب ان اذهب للصلاة" قال السيد جمال بتعب
"مستحيل ستصلي في المنزل لقد فقدت الكثير من الدم و ستحتاج للسوائل،لقد صنعت لك عصير البرتقال الطازج" قالت نجمة
وقف السيد جمال بسرعة و لكنه فقد التوازن قليلاً اسندته نجمة بسرعه و راحت ترمقه بقلق.
"هل ترى أنت تحتاج للراحة" قال نجمة بقلق
راح والدها ينظر في عينيها القلقتيين و قال بإستسلام: "حسناً لقد انتصرتي علي، الآن ساعديني لأتوضأ"
"اوه صحيح!" قلت نجمة و هي تسند والدها ليتوضأ و اكملت:" لقد كان طالباك هما من احضراك هنا، احدهم شاباً لبق و مهذب و الآخر وقح ذا ملامح خبيثه، لقد باتا الليلة الماضية في غرفة الضيوف"
"اوه حقاً ؟! علي ان اذهب لأشكرهما" قال والدها بسرعة بعدما هرب من تحت يدي ابنته
فكما توقعت نجمة التي راحت تحادث نفسها و هي تشكوا:" الآن سوف يخرج معهما و هو في حالته السيئة هذه، كم انت عنيد يا سيد جمال"
"سيد جمال" قالت نجمة بسرعة و بإستسلام
"ماذا!؟" قال والدها و هو يلتفت إليها
" فقط اعتني بنفسك ارجوك" قالت و هي ترجوه
ابتسم والدها مودعاً اياها، فقد كانت تعلم ان والدها لن يستمع لنصائحها و لن يتغيب عن عمله، راحت تنظر للفراغ الذي تركه والدها خلفه بضيق.
كان الطالبان قد ساعادا والدها للذهاب للمسجد و هم في طريق عودتهم.
"معلمي سأذهب إلى قصر السلطان لأوضح غيابك في الفترة القادمة" قال حسن بسرعة
"كلا لا تفعل هذا يا حسن انا لن اتغيب ابداً فغيابي سيربك الوضع كثيراً، اذا علم احداً من قطاع الجبل عن هذا الموضوع سيحاولون ان ينشروا الرعب بين الناس في الوضع الراهن المملكة تحتاجني فإصابتي هذه و تغيبي سوف يسمح لبعض الحمقى الوصوليون ليطلقوا الشائعات لدى السلطان و يتمادوا ليحققوا مرادهم فتعرفون ان هجمات الغريبة  قطاع الجبل التي نتعرض لها استتابت بالأمن العام " قال السيد جمال و اكمل:" سأحتاج بأن اطلب مساعدة احدكم فقط في الأسبوع الأول و بعدها استطيع تدبر أمري" كان السيد جمال يقوم بشئ كهذا فقط لتسكت نجمة و لا تلح عليه بالراحة فحينما ترى ان احد طلابه سيلازمه دائماً قد يرتاح بالهاوًلو قليلاً.
"أنا! أنا سأقوم بذلك" قال سلطان و هو في نفسه يشعر بالإنزعاج لم يكن هذا ما خطط له أبداً، اجل اراد ان يحدث شرخاً بسيطاً بين بطانة السلطان و لكن دون اصابات في الوقت الحالي، هو لا يهتم ان اصيب هذا او مات ذاك فقد جرد نفسه من كل المشاعر جسد فارغ من المشاعر الا من المشاعر السوداء من الحقد و الغضب و حب التملك و الوصول، فلم يكن بقائه بجانب السيد جمال يوماً حباً فيه، ربما اعجابه بعبقرية الرجل و حكمته و مكانته الإجتماعية و لكنه ليس الا سلماً يرقى فوقه ليصل، ليصل لأحلامه التي يتغنى بها في داخله ليل نهار. فقد راح ينظر للسيد جمال فهو يجب ان يجتمع بالأحمق الذي افشل كل مخططاته عليه ان يصحح الأخطاء في الوقت الراهن، فكل شئ يجب ان يطهى على نار هادئة بالصبر و بالحيلة يستطيع ان يصل لمبتغاه.
-----------------------
مرحباً اصدقائي
اعتذر على التأخير و لكن انشغلت قليلاً في الآونة الأخيرة اعذروني
ما رأيكم بالأحداث!؟
هل كانت اصابة السيد جمال مقصودة!؟
و من الفاغل برأيكم و ماذا قد يستفيد!؟
ما رأيكم بشخصية حسن!؟
و سلطان ما هي اهدافه!؟ و حتى الآن ما رأيكم بشخصيته!؟
و اخيراً اتمنى لكم قراءة ممتعة

نجمة و المخادعWhere stories live. Discover now