الفصل السابع

4.6K 115 1
                                    


كان الخميس التالي هو الرابع من تموز (يوليو) ومع أنه
كان من السهل على روني أن تتجنب الإنفراد مع جيرالد في
اليومين الماضيين، إلا أن نزهة نزلاء النزل الأسبوعية
التقليدية وضعت حداً لهذا التجنب.
الم تشأ روني أن تكون وحدها مع جيرالد . بعد تلك الأمسية
في الشرفة، فقد شعرت بالحرج، كما أن كرامتها جرحت،
وخاب أملها، وأيضاً كانت غاضبة، فتباً لذلك.
ولكن لا بأس. ربما هي ليست بمستوى ملكات
الجمال... وما توهمت ذلك قط، فقد كانت تعلم أنها بالغة
الطول والنحافة، بالغة البياض بالنسبة إلى لون شعرها
وعينيها القاتمتين، كما ان أنفها ربما كان اكثر لياقة برجل
لم تكن جميلة، وأولئك الرجال الذين أحبوها، وكانوا
كثيرين، كان حبهم لها مجرد صداقة ومودة، فهي لم تكن
من ذلك النوع الذي يلهم الرجال قصائد الشعر و أنّ يجعلهم
مجانين بالرغبة مر عليها زمن كانت تتمنى فيه لو كان العكس، ولكن مضى وقت طويل منذ قبلت الأمر الواقع وذلك بنوع من
الاستسلام هو نتيجة قناعة علمتها إياها عمتها وزوجها،
وهي أن الغيظ مما لا يمكن تغييره لا ينتج في النفس سوى
التعاسة فلديها الكثير من النعم الجيدة منها الذكاء ،والصحة، والحنان، كما أن لديها من التقدير لنفسها ما جعلها تعلم بأنها ليست غير محبوبة. وفي الواقع، فقد قالت لنفسها انها محبوبة اكثر بكثير من السيد جيرالد مارسدن وهو الأكثر وسامة وجمال مظهر منها، إلا انه سيء الطباع كما انه ليس بالحسن المعشر الذي
يمكن قضاء وقت طويل معه.أما عن رغبتها في الزواج منه، وانها ناتجة عن طيبة قلبها والتي تلاءمت مع فكرة طائشة كانت صادرة عنه هو في البداية .ألم يقل انه لم يكن يمزح؟ ومع ذلك لم يطلب منها الزواج رسمياً بعد. كان هذا كثيرا فمها كان مقدار
ما ينقصها من مزايا، إلا أنها تمتلك الكرامة ولذلك لن تكون هي من يأتي على ذلك هذا الموضوع أو أي موضوع آخر،
مرة أخرى، ولكن... وجعلها هذا من الجنون، بحيث
أوشكت على البكاء.
**************
آخر ما تصور جيرالد نفسه يقوم به في صباح الرابع من تموز (يوليو) هو أن يمضي النهار في نزهة برية حمقاء مع فرقة من العجائز، وامرأة غاضبة منه وصبي في الخامسة يزحف يومياً، متسللاً إلى قلبه
انه ذكرى الاستقلال.. واخذ متذمراً عند فجر هذه
الإجازة، ينقل صناديق الطعام والشراب إلى سيارة الفان
حيث وضعها فوق كومة المقاعد والمظلات ومنقل شئ
اللحم، ربما كان الاستقلال هو الهدف من هذا اليوم وذلك
بالنسبة لكل شخص آخر، ولكن عدا ذلك الشهر الذي
أمضاه في لودرديل بعد خروجه من السجن، لم يحصل
على استقلال خارج السجن أكثر مما كان يحصل عليه
في داخله.
تباً لذلك، ألن يأتي زمن يستطيع فيه أن يفعل ما يريده
فقط
جبل هود. . وما الذي سيجده هناك غير القراد والحشائش الكريهة الرائحة وذباب الخيل؟
قال ليو: «أن أحسن مكان لصيد السمك هو في هذه الناحية، وأخذ يختار بين مكانين للصيد، و واحد منها للصبي، وهو يضيف قائلاً: الصبي لا يعرف سوى الاستماع إلى الحكايات الخرافية وأنا أعلم ابنك الآن، يا صديقي الطيب، فن الرجال في صيد السمك اليوم
فتمتم جيرالد بجفاء، ابنك. . ثم قال بصوت مرتفع: «افعل ذلك
، أما بالنسبة إليّ فأنا أريد ان أخذ قيلولة طويلة حالما
نصل إلى هناك.
فقإل القاضي كيننغهام وهو يصعد درجات الشرفة
حاملاً بطيخة تحت كل ذراع: شبان هذه الأيام ..انهم يبتلعون قبضات من الفيتامينات، ويقومون بالرياضة البدنية ساعات، ومع ذلك فليس لديهم قدرة على الاحتمال، عندما كنت أنا في عمرك، يا ولدي جيرالد...»
وجاءهم صوت لويزا من داخل المنزل تخاطب جيرالد: هل وضعت الفحم في الفان؟ ،
_بكل تأكيد، يا لويزا.
_هذا حسن.» واستدارت تبحث عن روني، ثم خرجت من
المنزل وصعدت إلى الفان.
بالرغم عنه وعما سبق وقاله، فقد أبدى جيرالد مرحاً
بالغا منعه من التفكير في قيلولته، إنما الآن، بعد ان
التهم كل شخص مقداراً ضخماً من الهمبرغر وعرانيس
الذرة والخبز، بدا وكأنه الشخص الوحيد الذي لم يكن
نعساناً. كان بيتر قد تكور على البطانيه بين القاضي وليو كومينسكي اللذين كان الإرهاق قد حل بهما بينما
اضطجعت لويزا والسيدة هتكز على بطانية مدت فوق
الأعشاب الخضراء، عاقدتي الأيدي فوق صدريهما.
اما المستيقظان الوحيدان فقد كانا جيرالد و روني.
أما أين كانت روني في هذه اللحظة فقد كان مثار
تخمينات الآخرين، ذلك انها بعد الطعام أعلنت انها ستذهب
لتتمشى قليلاً، ثم سارت في طريق ضيق كان يتجه نحو
اليمين من مكان جلوسهم.
كما كان جيرالد فكر في ان يمط ساقيه قليلاً، فنهض
واقفاً تاركاً الكرسي القماش الذي كان تمدد عليه بعد
الغداء، لكنه اختار الطريق الآخر المؤدي إلى الدغل القاتم
في الناحية اليسرى من مكانهم ولكن هذا المكان كان مكاناً رائعاً كما تبين له بعد فترة قصيرة وهو يسير في الطريق المتعرج وقد أفعمت خياشيمه روائح اشجار الصنوبر المميزة، والأزهار البرية والتربة الرطبة ونباتات خضراء لا يعرف اسمها.
لم يكن يعرف حتى الآن  ما كان ينقصه وهو ملتصق
بمعسكرات المتشردين المكونة من الأسفلت في المدينة.
وفيما بعد في السجن الضخم المبني من الأسمنت، لقد رأى
منها عالماً كاملاً مختلفاً.. عالماً لايحصل الكثير من الأولاد
الذين تماثل طفولتهم ما كانت عليه طفولته، لا تحصل لهم
الفرصة لاكتشافه

أب بالصدفة_آن بيتزر_ روايات عبير دار النحاس  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن