لحظات اخيرة لمنتحر

41 9 20
                                    

      كان يتمشى بين الشوارع الباهتة هائما ، يتساءل  من هو؟ حائرا خائبا ، يتجرع من الألم الجسدي ، المرض أصبح يفتك بسرعة بجسمي ، إنه يتغلغل في أعمق نقطة من وعي ، إلتزم غرفة سوداء لم يعد مجديا، إلتزم الفراش و تجرع أكوام من الاقراص و الأدوية لن يغير الكثير ، إلا في رفع مستوى الإحباط و اليأس المطلق ، اخبرني الأطباء  انه لم يعد لي متسع من الوقت ، فانا في اخر مستويات المرض  ، فعلي ان أودع احبتي و اقاربي و بعض معاريفي ، بوجه متيبس حاولت الضحك لهم بكل صدق ، لكن اكتفيت بإبتسامة باهتة مجيبا: حسنا سأفعل ذلك؟                                                                               بوجه يغلفه الأسى رد علي الطبيب محاولا تغذيتي ببعض الأمل المزيف : لا تيأس سيد علي ، هناك دوما بصيص امل في الأفق .
         نظرت إليه بنفاذ صبر فمنذ زمن و هم يرددون نفس الاسطوانة التحفيزية الكئيبة، الجميع يعلم نهاية اي مصاب بهذا المرض الخبيث يفتك بروحك ،يمتص منك الضوء و الامل، و يدفع بك الى جرف الهاوية ، يبعدك عن العالم و يعزلك عن الألوان يجردك من ذاتك ،فلن تفهم سبب تواجدك في عالم عدت أيامه على الورق التالف كجسمي هذا .
       خطوت الى غرفتي المظلمة ، و راتميت على السرير، انفاسي اصبحت ثقيلة، حتى  السن بدأ يأخذ حقه مني بتأن تام ، خمس و سبعون عام من الشقاء كنت  أكِّدُ بين مشاق الحياة و ها انا وحيد بعد ان هجرني قرة العين بحجة البحث عن مستقبله في بلاد المهجر فلم يعد له  اي تواجد بين جدران هذا البيت الذي كان يوما ما فياضا ببهجة هادئة لكن ذهبت خليلتي إلى جوار ربها بموت سليم لا احد كشف عن سببه ، و انا الآن اصارع هذه الخلايا السرطانية وحيد مستنجدا بصبري الطويل، اختليت بنفسي في زاوية الغرفة و بدأت اترصد أضواء الحياة عبر شبابيك الغرفة المظلمة،تجسدت حياتي البالية بشكل مسرحية هزلية، ابتسمت لبعض الذكريات الملونة، و تحسرت لغيرها و ندمت على أخرى، أسدل الستار، انا ميت منذ أن  اصبحت وحيد ، كانت حياتي بوجودهما لها سبب معين و فقدت ذلك السبب المجهول حينما اختفيا ، لم الإنتظار لم الشعور بعبثية  حياتي و تحسس هذا الألم الذي ينخر بعمق لم اعد استشعره و ضع نقطة نهاية لقصة تافهة افضل من جعلها فضاء مفتوح...
تنهد بعمق !
     _اصبحت افتقد كسرتك الناضجة بحمرة تشهي القلب ...
   انحنى متكأ على دربزان الشرفة و ابتسم بسلام .
في صباح المنعش وجد جثمانه مرتاح على رصيف العالم.

🎉 لقد انتهيت من قراءة لحظات اخيرة لمنتحر 🎉
لحظات اخيرة لمنتحر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن