28

10 4 0
                                    

[سالي]

عندما عدتُ للمنزل مساء اليوم كانت ليندا جالسة على الأريكة في غرفة الجلوس تشاهد التلفزيون و بعض الأطباق أمامها على الطاولة.

"كيف كان يومك؟" سألَت ليندا دون أن تشيح نظرها عن التلفاز.

"كان جيدا.." وضعتُ حقيبتي على الأريكة المجاورة و جلست أنا أيضا. "هل روبي و جودي في البيت؟"

"اتصلت روبي منذ ساعة لتخبرني أنها ستتأخر قليلا الليلة.. أنتِ تعرفين طبيعة عملها." أومأتُ برأسي و تنهدتُ. "أما جودي فهي لم تعد بعد.."

نظرت بشكل عفوي نحو ساعة الجدار التي كانت تشير للسابعة مساء. "لقد تجاوزَت جودي موعد عودتها بالفعل! سأتصل بها لأطمئن عليها."

حملتُ حقيبتي و توجهتُ نحو غرفتي و في طريقي إلى هناك أخرجت هاتفي و قمتُ بالاتصال. كان هاتفه يرنّ لكنها لا تجيب، لذلك قمت بالاتصال ثانية. جلستُ على الأرض مسندةً ركبتيّ إلى صدري محتضنةً حقيبتي. بدأ القلق يسيطر عليّ بينما كان صوت الهاتف يرن في أذني مطولا من دون جدوى.

وضعتُ الهاتف جانبا على الأرض و حاولت أن أقنع نفسي أنها فقط مشغولة بالعمل في المكتب لهذا قد لا تستطيع الرد على مكالماتي.

___________

[جودي]

سرت لمدة قصيرة قبل أن أقرر عدم العودة للمنزل مباشرة.. رغبت في فعل شيء ما يجعلني أنسى همومي قليلا و أبتعد عن الواقع. فجأة تذكرت المكان الذي كنت أهرب إليه كلما أردت الانفراد بنفسي عندما كنت طالبة في الجامعة. كنت حينها أعمل بدوام جزئي في أحد المقاهي القريبة من الشاطئ و بالقرب من هناك كان يوجد جرف صخري مرتفع جدا عن مستوى الماء، كان بعض الشباب يغطسون من هذا الجرف عندما يريدون التباهي أمام الفتيات. كان ذلك المكان هادئا جدا في الليل لذلك كنت ألجأ إليه لأتأمّل و أسترخي و أعيد شحن طاقتي الإيجابية.

خلال نصف ساعة من المشي، وجدتُ نفسي هناك تماما، واقفة على ذلك الجرف الصخري المرتفع. كانت الشمس تبدو و كأنها تغرق في المحيط مخلّفة وراءها بعض الأشعة الخافتة.. جلستُ على الحافة و أخذت نفسا عميقا، ثم راقبت البحر في هدوء. كان الوقت متأخرا آنذاك لكنّني لم أرغب في العودة بعد.

رنّ هاتفي ليقطع عليّ حبل أفكاري لكن لم تكن لديّ رغبة في التكلم مع أحد.. ثمّ رنّ الهاتف مجددا إلا أنني لم أجب و لم أتحقق من هوية المتصل. كلّ ما أردته في تلك اللحظة هو الابتعاد عن كل شيء و عن الجميع.

أحاط بي ظلام الليل من كل اتجاه، و لأن هذا المكان بعيد قليلا عن المرافق الموجودة في الشاطئ، لم تكن هناك إنارة و على الرغم من ذلك لم أرغب في الرحيل. عندما أحسست أن الوقت قد تأخّر، أرسلت رسالة نصية لـ سالي لأخبرها أنني سأتأخّر في العودة إلى المنزل.

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Where stories live. Discover now