لماذا نصمم؟

204 34 33
                                    

سؤال بسيط أجوبته مُتعددة، فالبعض يُصمِم من أجل المُتعة، والبعض الآخر من أجل المال أو الشهرة، لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن المُصمم يصمم من أجل إرضاء عميل وضع ثقته في عمله وآمن بقدرته على تجسيد أحلامه وتخيلاته في تصميم يُكمل الناقص في عمله، فالتصميم واجهة العمل وأول ما يجذب القراء إليه.

يقضي المصمم ساعات طويلة يبحث ويجتهد، يُصمم ويعيد وينقد عمله آلاف المرات حتى يصل لنتيجة ترضيه وكله أملٌ في رسم الابتسامة على وجه عميله الذي ينتظر تصميمه بفارغ الصبر، لكن وللأسف يخيب ظنه أغلب الوقت، فبدل الابتسامة يُقابل بالتذمر والجفاء.

ويتحول السؤال إلى: لماذا يُقرر المصمم ترك التصميم؟ وفي هذه الحالة الأجوبة تكون بسيطة نختصرها في نقطتين اثنين:

أولها أن يكون طلب العميل خارج نطاق إدراك العقل البشري.

كأن يطلب أن يُوضع في غلافه: جيون جونغ كوك، ليونيل ميسي وسيلينا غوميز في الوسط، كلب أسود على اليمين وآخر فضي على اليسار، كائن ثلث بشري ثلث ملاك وثلث حصان في الأسفل، برج إيفل، سور الصين العظيم، زهور بنفسج خضراء في الخلف. 

-دقيقة للتأمل.. شهيق، زفير-

عزيزي العميل عليك أن تعرف أنك تطلب غلافًا مساحته بضع سنتيمترات مُربعة، لا كتاب صور من مائة صفحة، كيف تتوقع من المصمم أن يحشر كل تلك الأشياء في صورة واحدة؟ حتى دال وبمساعدة سحرها الفتّاك لن تقدر على فعلها، وإن كانت روايتك مُتشعبة ومُبتكرة وتجمع شخصيات وعوالم مُختلفة، لا شيء يجبرك على وضعها كلها في الغلاف، اكتفي بالأشياء المهمة فقط التي تتمحور حولها أهم أحداث عملك واترك القارئ يستنتج الباقي بدلًا من فضح كل أحداثها في الغلاف.

أو أن يطلب العميل غلافا نبذته: «تدور الرواية حول المافيا.» «راقبتك من بعيد لكنك لم تبالي» «أنت ملكي، ملكي وحدي.»
 
كيف تريد من المصمم تصميم أي شيء لنبذة مُماثلة؟ وإلى متى سنقول ونعيد أن النبذة تعني ملخصًا لأهم أحداث الرواية، لا جُملة حماسية لا تسمن ولا تغني من جوع تضعونها كوصف لكُتبكم قصد جذب القراء؟

لستم بحاجة لحماسنا فلا وقت لدينا لقراءة روايتكم على كل حال، لذا حبًا بالله أرفقوا طلباتكم بنبذة مفهومة، فأنتم كُتاب بعد كل شيء.

وحتى مع نبذة مماثلة يتكرم المصمم المسكين ويبتكر لعميله أغلفة أكثر من لائقة، لكن جلالته صاحب الغلاف لا يعجبه؛ فبالنسبة له هو الغلاف غير مناسب للنبذة.

دقيقة أخرى للتأمل.. شهيق، زفير..
-تحاول ألا تتهور وتشحذ سيفها-

حسنا جلالتك، فلتعلم فقط أننا بشر مثلك لا نملك أي قدرات خارقة، ولا نحترف قراءة الأفكار والمستقبل، لذا لن نستطيع فهم ما تفكر فيه دون أن تخبرنا به؛ فلا تتوقع منا أن ندرك أن عقلك الباطني يريد ذئبا على غلاف رواية أخبرتنا في نبذتها أنها تتكلم عن المافيا!

خَلاَّقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن