1

295 4 1
                                    

لا أعلم ماذا حل بي في الآوان الاخيرة ..لا أشعر أني علي ما يرام ..كأنه شعور بالغربة بالرغم من وجود الأحباب من حولك أو ربما شعور بالخواء الداخلي او إن جاز التعبير.. اللاشئ..كم هي معقدة تلك الحياة ..صدق التعبير في أنها دار الشقاء لا راحة بها ..نأتي إليها أنقياء ونخرج منها محملين بالآلام والتشتت وضياع الأحلام أو ربما تلك الأوهام التي صورت لنا علي أنها إطار الحياه..بلا شك نتعلم من الخبرات ، نسعي من أجل المال ومن أجل حياة أفضل  ونري كل ما هو جديد مع التقدم التكنولوجي الهائل من حولنا ونحن في محاولات بائسة نحاول أن نواكبه ..لكن ما سبب وجودنا هنا ؟..بالتاكيد هناك سبب ..هل نحن هنا لنحيا من أجل بقاء الآخرين كما فعل الأجداد أم علينا أن نحيا من أجل أنفسنا ؟..هل حقا لن تأتي الرياح ولو لمره لما نشتهيه؟.._ربما_ انقضي بالفعل أربعين عامًا من وجودي هنا ولم أنلْ ما أرغب ولا أعلم إلى أين أذهب ..عسي الرياح أن تعيد التفكير وتأتي للمسانده…

قفلت الدفتر اللي متعود أكتب فيه واللي تقريبًا بقي رفيقي الوحيد في الفتره دي من حياتي ..عشان يقطع حبل أفكاري صوت وصول القهوه المفضله ليا (الاسبرسو) واللي مش تعتبر رفيق لأ دي مُؤنس الحياة الباهتة بتاعتي في الكافيه اللي اتعودت أكون فيه لما اكون تايه وده علشان هو في حته هادية بعيد عن دوشة الحياة المعتادة ..اوه ! نسيت أعرّف عن نفسي أنا (جمال) والنهاردة 25/8 عيد ميلادي الاربعين واللي لحد دلوقتي مش مستوعب أنا إزاي وصلت للرقم ده ..إحساسي أنه حد فاصل في حياتي بيقولي أنك لازم تقف وقفه قصاد نفسك وحياتك ..لأن قطر الحياة بيعدي وأنت مش حاسس ..قررت أن اليوم ده هيكون خاص بيا ملكي بعيد عن دوشة الحياة والبيت والعيال والمسؤليات والحاجات الكبيرة أوي دي واللي مليش مُنقِذ فيها غير الكتابة او أقدر أقول إنها الصديق اللي ملازمني من طفولتي ..ريحت ضهري علي الكرسي وخدت نفس عميق وأنا بتأمل الطريق قدامي ..وبما إننا لسه الساعة 8 الصبح ويوم الخميس فالحركة قليلة النهاردة كل الناس في الويك إند بقي فا ده أفضل وقت عشان أصّفى فيه دماغي ..سرحت بأفكارى علشان أشوف شريط حياتي بيعدي قدامي مش عارف أنا بموت ولا بكبر ولا إيه وضعي ..حتي وأنا شحط كده لسه تافه الحمد لله ...لمحت في خيالي (سلمي) اول وآخر وأجمل حب ليا في حياتي زي أى حد بيجرب الحب لأول مره بيطلع بيه في السما وينزله لسابع أرض بكسرة قلب عشان تاخد أول  درس قاسي من الحياة بأنك تعرف أن أكتر حاجة بتحبها هي أول حاجه هتخسرها ..لسه فاكر كلامها ليا في آخر مرة شفتها  وهي دموعها علي خدها قد ايه بشع الفراق ..

سلمي باستغراب :يعني هي.. دي النهاية يا جمال بعد 3 سنين حب

رديت عليها وأنا قلبي بيموت حرفيًا صدقيني مش بإيدي لو كان بإخيتاري كنت اختارتك بس ده قرار أُمي

سلمي بغضب طبيعي مُوجَه ليا : شخصيتك ضعيفة قصاد نفسك وقصاد العالم كله أنت عمرك ما هتاخد أى حاجه نفسك فيها ..هتفضل جبان ..هتفضل تحت رحمة الدنيا ...بصيت ليها بإنكسار : أرجوكي ..كلامك جارج يا سلمي لازم تقدري موقفي

قالت كلامها وهي بتلف ظهرها ليا لأخر مرة : أقدّر موقفك؟ ..كان لازم أعرف أن دي نهاية كل قصه بتمنالك التوفيق يا جمال....كنت عارف أتها النهاية بس مكُنتش عايزها تبقي بالشكل ده  هتفضلي دايمًا جزء مني يا سلمي مهما العمر عدي يا أجمل حاجة حصلت ليا في حياتي ...

وأتاري كلام أهلنا وأجدادنا كان صح مفيش حاجه إسمها حب بيعيش كل ده مجرد وهم في الأفلام والروايات كلها مش واقع ..اللي بيفضل مكمل هو المودة والرحمة..حماس الشباب فترة وبتموت وبيجي العمر يجبرنا إننا نكبر مفيش مفر  ..مش يمكن لو كنت اتجوزت سلمي البنت اللي مشاعري إختارتها كنت هبقي سعيد في حياتي ..بس وقتها كنت صغير إختياراتي كانت مفروضة عليا ..لما أمي وأبويا شرطوا عليّا إني أتجوز بنت عمي وخصوصًا بعد ما عمي مات كانت صغيرة وملهاش حد غيرنا وكنت أنا بس الضحية  مفهمتش ده وقتها قلت أهي جوازة والحياة بتكمل وبالنسبة ليها كنت عارف إنها بتحبني من وإحنا صغيرين وإني كنت بالنسبة ليها الأمان فرق السن بينا  مش كبير أربع سنين بس أنا بقيت كل حاجة ليها وكأنه فرض وإتفرض عليّا أو هو كان مُقَّدر يحصل ده.. عايش معاها بكل ود وإحترام وهي مش مقصرة معايا ولا في تربية العيال  ..وخَلِفت منها ولدين (محمد) و(نور) هما الحاجة الوحيدة اللي أنا عايش في الدنيا عشانهم ..بالمناسبة أنا شغال "محاسب" في فندق  في  الغردقة يعني أوقات قليلة  اللي بكون متواجد فيها ..بقيت مجرد مصدر للدخل حرمت نفسي من حياتي وأحلامى بقالي سنين ..أنا دلوقتي حاسس إني غرقان في غرض البحر بدون أمل حتي لو كان مجرد سراب ..ومازال السؤال ده بيطاردني فين أنا وأنا مين ! وموجود هنا ليه؟. ليه مش مبسوط ليه مش عايش ليه بقيت ميّت من زمان ؟حتي مشاعري العادية مبقتش أحسها حياتي بقت أكلة من غير ملح...
#AK

ما بعد الأربعين Where stories live. Discover now