لِتُشفِق عليهِ عَقارِبُ الساعّة

222 25 44
                                    

إهداء:
بدون ذكر أسماء لتجنب الفضيحة،
لكن كلانا يعلم لمن.

Note
يا الله، بسم الله
اذكروا الله وسلكوا للأخطاء لأن لعله أقدم مني.


وقيّلَ أن 'يا ليت' لم تُعيد الزمان يومََا..
أحدهما تمنى بحسرةٍ أنهُ كان ظالِمََا يستحقُ الظُلم،
و الأخر ترجى أن يا ليت كان لهُ لسانُ حقٍ حينها

"يا ليتني كنتُ مُذنبََا.. يا ليتني كنتُ مُجرمََا يستحقُ العقاب.. كنتُ وقتها لأستطيع أن أقول لنفسي هذا ما تستحقهُ إن هذه نتيجةُ طيشك، كنتُ لأشعُر بالندم والكره لنفسي..
كان سيكون أفضلَ من أن أشعُر بهذا.. بالحقد ناحية كل شخصٍ يتنفس، بالرغبة بقتلكَ أنت، والدُك وأصدقائُك وكلُ من شجعكم حينها..
لم أكُن لأبكي ليلََا على عمري الذي ضاع بسبب رغبةٍ أنانية منك و مِن أمثالك،
كنتُ لأعرِف أن والدتي ماتت غاضبةََ مني بدلََا من أن تموت حزينةََ تبكي عليّ بمفردها دونَ وجودي لطمئنتِها.
يا ليتي كنتُ ظالِمََا ولم أكُن مَظلومََا..
أتمنى أن تعيش نادِمََا طوال حياتك، أن تموت في قهرك وتغرق في خطاياك، أن تشعر بذلك أنت والجميع عندما تنظرون إلى الحقيقة، لتشعرون بفشلِكم
لتمُت بِجُرمِك"

هل سمعتَ يومََا جُملََا تُقال مِرارََا و تكرارََا بلا قائل؟
كان عقلهُ يعيدُ له ذاك المشهد دائمََا وتلك الجُمل..
عندما كان يقفُ قربَ الشجرة هلوعََا يسمعُ جُملََا تخبطُ عقلهُ على جدران الندم.
عندما كان هو حيََا يقفُ فوق الهُوَّة، يقولُ الحقيقة بنبرةٍ مليئةٍ بالشجن و الغَّم، عندما كانت عيناه تصرخان تلهفََا لموته عندما بَكّت مشاعره قبل دموعه.
لازال يتذكر الجثّة الطازجة، الدماء اللزجة والراحة التي تدفقت على وجهه.

كان يسالُ نفسه ذات السؤال عندما يشُّدُ شعره و يلطمُ رأسه،
'ألا يُمكن أن يعود الزمان ثانيةََ؟ ثانية واحدة كانت تكفي ليمنعَ نفسه من قتل نفسٍ بريئة، ثانية فقط كانت كافيةََ حتى لا يوجه آصابع الإتهام لطفلٍ غير محبوب، ثانية حتى لا يبكي عند ابيهِ ليخرجهُ من كُربته بمالهِ، نفوذه و روح طاهرة واحدة. كان سيمنعُ نفسهُ من الوقوف في المحكمة شاهدََا ضدّ طفلٍ لا يعرف يمينهُ من يساره، أمام أُمٍ جُن جنونها عند رؤياها لقطعةُ من روحها يُساقُ الى عقابٍ بئْيس بجرمٍ لم يقترفه.

_صدح صوتٌ النشيج في قاعة المحكمة كان صوتََا حزينََا يكسرُ القلب يوضحُ مُعاناة تلك الأُم وبين يديها يقبعُ طفلها الباكي كانت شهقاتُه بالكاد مسموعة، وتلك التنهيدات حطمت فوائدها بينما أبكى همسهُ الصغيرُ روحها "أمي صدقيني.. فأنا صدقََا لم أفعل شيئََا" بالنسبة لها كان سهلََا تصديقُ فلذة الكبد أما بالنسبة لمن في القاعة.. من السهل تصديق إبن رجلٍ غني.
"يا ليتني كنتُ مكانك صغيري، يا ليتك كُنتَ في المنزل وكنتُ أنا مكانك"_

ثانية حتى لا يقف قربَ قبرها يحققُ آخر أُمنياتها بدفنِ روحها قربها.

_وقف أمام تلك الحفرة محكمََا قبضتهُ على المجرفة، تلونت عيناهُ حُمرةََ لإحتضانها دمعََا، وأصبح لايُرى بياضُ قميصه إلا ترابََا.
رمى المجرفة أرضََا و تحرك بضع خطواتٍ إلى اليمين ثم جلس أرضََا بوهن.. مد يدهُ إلى صخورٍ تجمعت حول التُربة التي ضمت جسدََا طاهرََا.
"ها أنا أُحققُ إحدى أُمنياتك، أتمنى أن تملكي رفقةََ تُسعِدُ نقاء قلبكِ"_

فقط لأنهُ كان طفلََا مكسورََا للغاية حتى خُيلَّ أن إصلاحهُ مُستحيل، لأنهُ غارقٌ في الوحدة، كُل ما يتعلمهُ من التجربة، إعتقد ان لا بأس في رميهِ حيثُ الهلاك،
وبئسَ الظَّن، إتضحَ أنهُ كُل البأس.'

_"لقد ماتت والدتي"
جوٌ غائمٌ إكتسح أركان الغرفة الصغيرة، أمام الطاولة البالية جلس صبيٌ صغير مُقيدُ الذراعين.
"لقد ماتت والدتي بسببك، كيف تشعُر؟"
صمتٌ غلف المكان، حاملََا في طياته الحقد، الندم، الكره و رغباتٍ لم يُنطق بها. والكثير من 'يا ليت'.
إحكم ذاك الواقفُ قبضتيه حتى جُرِحت يده وتساقط دمهُ أرضََا،
شاهد الصبي بإنهاكٍ قطرات الدم تتساقطُ وأردف "دماءٌ قليلة تتسرب، ألا تعتقد أنها وحيدة وتحتاج رفقةََ أكثر؟"_

يعترفُ أنهُ كان مُذنبََا، يعترفُ أن الذنبَ غمرهُ حتى ما عادَّ قادرََا على زيارة قبره..
أكلهُ الندم في كُل ذِكراه..
يشعرُ بالعار إن بكى قربَ بقاياه..
تسائل كثيرََا أهذا ما يعنيهِ أن يتناولَ الجُرمُ القلبَ يومََا؟

_تكور أرضََا وغطى عينيه بكفيه، أرتجف جسدهُ بقوة وشهقاتهُ تهرب من بين شفتيه، يتمتمُ بنبرةٍ غير مُتماسكة مُحاولََا التعبير عن أسفه الذي لم ينفع لا اليوم ولا غدََا_

"إستمرَ في العيش
حتى لو كان صعبََا..
حتى لو كان مؤلمََا..
إستمرَ في دخولِ دوامة الذنب حتى تغرقَ دون عودة، حتى يُجَنَ جُنونك، حتى يقتُلك الآسى والندم، الى أن تبدأ البكاء قهرََا في كُل حين.
لكن لا تمُت رجاءََ لا اريدُ لُقياك..
اريدك أن تُجرب كيفية العيش وكلمة الذنب تتربع فوقَ قلبك."

_قربَ ذاك الجُرف نُطقت تلك الكلمات، أخرُ ما رآهُ كانت إبتسامةََ مُرتاحة وجسدََا هوى بقوة حين هوى الندم عليه،

قُلّ يا ليت دائمََا لان الأُمنية مُستحيلة،
قُلّ يا ليت حتى لا تتحقق؛ إذكُرها فداءََ لروحي..
أُرسُمها لروحين لم يزرَعا سوى أزهارِ الياسمين."_








تم، مرّة والى الأبد.

'لعَلّه' Where stories live. Discover now