نحوَ المجهول

44 6 3
                                    

يقولُ المثل: "الدّاخلُ مفقود، والخارجُ مولود"

ما هذا؟ أينَ أنا؟ حسناً من المنظرِ الذي أشاهده أظنني في غابة، مع أنها ليست واضحةً جداً بسببِ الضبابِ الكثيف، حسناً ما الذي أفعله هنا، سأقومُ لأرى ما يحدث، هذا يؤلم، ذراعي تؤلمني بشدة، لكن ماذا حدثَ لي؟ ذاكرتي مشوشة، كلُّ ما أذكره أنني صحوتُ على صراخِ أمِّي، كانت تطلبُ مني الهربَ من النافذة، سأحاولُ أن أتذكرَ أكثر...

-بسرعة، ليا، اهربي بسرعة! بصراخ.

-ما الذي يجري، ماذا هناك، ما الأمر؟ صارخةً أنا الأخرى.

-ليا اهربي من النافذة بسرعة نحنُ محاصرون! صارخةً بصوتٍ أعلى ولكن بصوتٍ راجفٍ بسببِ البكاء.

-أمِّي ماذا هناك؟

-لا أستطيعُ الشرح، اهربي وكفى!

-ح... حسناً.

وبالفعلِ حينها قفزتُ من النافذة، ورأيتُ شيئاً من أبشعِ المناظر، قريتنا الصغيرة تحترق على أيدي رجالٍ من مكانٍ ما، أظنّهم جنوداً لدولةٍ معادية، ليس هذا فقط بل يأخذون المراهقات ليتسلوا بهنَّ آخر الليل، هذا سيء، لهذا طلبت مني أمِّي الهرب، عليَّ الهربُ بسرعة، لكن أين عساي أذهب، هذا صعبٌ بحق...

-إلى أينَ أنتِ ذاهبة أيتها الصغيرة؟

صوتٌ رجاليّ، أيعقلُ أنَّهم أمسكوا بي؟ كلا، بهذا ستذهبُ جهودُ أمِّي سدى، عليَّ فعلُ شيءٍ ما، فكري ليا فكري، انظري يميناً وشمالاً، وجتُ مجرفة، لكن هل أضربه بها؟

-عن ماذا تبحثين؟ قلتُ لكِ ما الذي تفعله آنسةٌ مثيرةٌ مثلكِ في آخرِ الليلِ هنا؟

-أبحثُ عمَّ أقتلكَ به لكن يبدو أنني وجدتُ الإجابة.

-ماذا تقصدين أيتها العا...

لم يكمل كلامه، استليتُ سيفهُ الذي على خصره، لا أعلم من أينَ جائتني القوةُ لحمله، كان ثقيلاً لأحمله فكيفَ ألوحِ بهِ وأقتلُ أحدهم، لكن جرتِ الأمورُ بسلاسة، لقد قتلته، من ثمَّ هربت، لا أعلم إلى أينَ كنتُ سأهرب، لذلك أغمضتُ عينايَ وركضتُ بكلِّ قوتي، وها أنا ذا هنا، في مكانٍ أجهله، يبدو أنَّهُ غابةٌ ما.

مهلاً، لا تقل لي أنني في الغابةِ التي في شمالِ القرية! هذا أسوءُ من أن يغتصبني أحدهم، حسناً، ليسَ بهذا السوء لكنه سيءٌ أيضاً، هذهِ الغابة لم يخرج منها أيٌّ من دخلها، تشبهُ مثلث برمودا في هذا، هذا سيء، إن كنتَ قد دخلتَ الغابةَ، بحسبِ ما رويَ عنها فلن تستطيع الخروج منها، واحدٌ من الأسباب لأنها كبيرةٌ جداً لذلك كلُّ من دخلها تاهَ داخلها، والسببُ الآخر لربما تصادفُ مفترساً ما ينهشُ لحمك، وآخرُ الأسبابِ المحتملة أنَّكَ إن بقيتَ مكانك فستأكلُ نفسكَ من الجوع.

حاولَ الكثيرُ من المكتشفين أن يدخلو لها كمجموعات، متجهزين بمؤونةٍ زائدة وبعضِ الأسلحة، لكن أيضاً لم يخرج منها أحدٌ منهم، كانتِ الغابة، تتغذى كلَّ هذا الوقت على جثثهم، تنتظرهم ليصبحوا سماداً؛ تصعدُ به بأشجارها نحو السماء.

مع ذلكَ أنا لم أفهم لماذا أنا هنا ولماذا ذراعي تؤلمني! هذا لا يصدق هل كنتُ أركضُ باتجاهِ الشمالِ كلَّ هذا الوقت؟ لحظةً لأفكر، أظنُّ الأمرَ منطقياً، نافذةُ غرفتي تطلِّ على الشمالِ بالفعل، يا لي من غبية، وذراعي تؤلمني لأنني سقطتُ عليها عندما قفزتُ من النافذة، ما لم أفهمه بعد، ماذا حدثَ ليأتي جنودٌ معادون ويغتصبوا تلك القريةَ الجميلة؟ أعني لم يكن عليهم حرقها أيضاً، يمكنهم فعلُ ما يريدون دون حرقها، لقد حزنتُ على شجرةِ التوتِ التي زرعتها عندما كنتُ في الثامنة! بلا شك قد أصبحت رماداً الآن.

مهلاً أسمعُ صوتاً، شيءٌ ما يتحركُ حولي، ما الذي يوجدُ هنا؟ لا تقل لي أنَّهُ وجدني مفترسٌ ما! قد يكونُ دُبَّاً أو حتى أسداً، يا إلهي ما الذي سأفعله؟ قد يكونُ ذئباً أيضاً، هذا سيء، كيف سأهربُ مما أنا فيهِ الآن!

-لا تقلقي، سأكونُ منقذك!

ما هذا؟ ما الذي سمعتهُ الآنَ للتو؟ سمعتُ صوتَ شابٍّ ما لكنني لا أرى أيَّ شيء، هل أنا أهلوسُ أم أحلم، ما هذا؟ دموعي تستهلُّ على وجنتي بغيرِ إحساسٍ مني، أنا خائفة، كلا بل مرعوبة، لا أستطيعُ التفكيرَ بأيِّ شيء، يتقدمُ نحوي حيوانٌ ما من بعيد، لكن لا طاقة لي للركض، لا طاقةَ لي لفعلِ أيِّ شيء، هذا سيء، سينتهي أمري هنا، ذهبت جهودُ أمِّي سدى، في النهايةِ لم أستطعِ الهربَ ولا النجاة، لم أستطع فعلَ أيِّ شيء، يبدو أنَّ هذا قدري، سأغمضُ عيني، وأستسلمُ لهُ مجدداً، لكن ما هذا؟ لماذا أشعرُ بالنعاسِ فجأة؟ لقد صحيتُ للتو، هل هذا...

-قلتُ لكِ ألَّا تقلقي، فأنا هنا لأجلك، لن يمسكِ شيءٌ وأنتِ في منطقتي! هذا آخرُ ما سمعتُه قبلَ أن أستسلمَ للنوم، ورأيتُ أيضاً شاباً بمظهرِ غريب، لم أركز كثيراً، فقد كنتُ ناعسةً جداً لأدرك ما حولي.


يتبع...

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 09, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حظر تجوال (متوقفة: قيد التعديل)Where stories live. Discover now