في الجنة صغيرتي

231 40 13
                                    

هى أخر من تبقي لي من عائلتي الذين توفاهم الله إثر هجوم صهيـــــوني، كانت هى ما تزال صغيرة وكنت أرها تكبر أمامى يوما بعد يوم وأنا واضعٌ يدي على قلبي من كثرة الخوف من أن تأتي لحظة تأخذها مني او أتركها وحيده بين اولئك الشياطين

وفي يوم تعالت أصوات القصف فحملتها راكضًا بها إلى ركنٍ بعيد من المسجد احتضنها حتى لا تهرع فرفعت عيناها البريئة المليئة بالدموع وهى تسألني

"مُجاهد ما الذي يحدث؟"

كان هذا سؤال طبيعي منها فهى لأول مرة تكون مدركة لما يحدث معنا من هجوم صهيـــــوني
فقمت أنا بإزاحة دموعها مقبلا وجنتيها واحاول أن ابتسم حتى لا تقلق

"لا تقلقي جنة هؤلاء فقط بعض الجنود يمرحون معًا"

"وهل يمرحون بداخل الأقصي؟ ألم تقل لي بأنه مقدس وعلينا احترامه؟"

هبطت دموعي لما قالته فهي محقة لم أجد شيء لأقوله فاحتضنتها أكثر مرددا بأن كل شيء سيكون على ما يرام

لحظات ووجدت أحدهم يقوم بسحبي بعيدًا عنها فحاولت الفرار منه ولكن قد ضربني بسلاحه أعلي رأسي فلم أقوى على المقاومة رأيت "جنة"  يمسكها أحدهم بعيدًا وهو يبتسم بطريقة مختلة وما كان من "جنة" سوى أن تصرخ وتبكي عاليًا

حاولت الحراك حتى أصل لها لكن قام الجندي بركلي في معدتى فخرجت الدماء من فمى واشتد الوجع حينما ألحقني بضربة أخرى، لم يكن شيء يهمني بقدر أن أصل إلي أختي فكم يؤلمني رؤيتها تبكي بهذا الشكل وهى تصرخ باسمي عاليًا

صرخت بها أنا الأخر وعلى وجهي ابتسامة جاهدت لأخرجها
" لا تبكي صغيرتي أنا بخير، فقط الرجال يمزحون معي قليلا"

ضحك الجندي الممسك بي ليردف:
"أجل نحن نمزح سويًا، ما رأيك أن نزيد المزاح قليلا؟ "

انهي حديثه ثم قام بركلى لأقع أرضًا وقام بإخراج بعض الأسلاك مكبلًا كلا من يداي وقدماي
وأحضروا بعض ألالعاب النارية ليهتف ذاك الذي يمسك بــ "جنة"  :

"والآن لنبدأ في المرحلة القصوى من المرح"

قالها وقام بإشعال أحد المتفجرات والقاها داخل ملابس صغيرتي ليرتفع صوتى سابقً صوتها بأن يتركوها وفي لحظات كان صوتها يرفع بالبكاء ألمًا لما فعلوه بها هبطت دموعي وأنا أشاهدها وأشعر بالعجز الشديد لعدم قدرتى على حمايتها الآن

لم يكتفي ذاك المختل فقام بإشعال المزيد وألقاه عليها لتنفجر وتبكي "جنة" معها فصرخت عاليًا حتى كادت أحبالى الصوتية أن تتمزق وأنا أرى قطرات الدماء تهبط منها كالشلالات

"كفي أتركوها هى صغيرة لن تتحمل"

شرعت أترجاهم والدموع بداخل عيناي وقلبي يؤلمني أن أراها هكذا يا إلهي بالتأكيد تتألم بشدة
ارتفعت ضحكات المختل وزملائه ليقول:
"يكفي هذا"

توقفت عن البكاء ونظرت صوبه في توجس منتظرًا منهم أن يتركوها لكن سقط قلبي حينما أكمل :
"لنأتى بهذا نضعه بداخل ملابسها ونبتعد سريعًا لأنه شديد الانفجار و سيقضي عليها"

وعلت قهقهاته من جديد ليصيح أحدهم :
"يا رجل يا لك من حقير"

ظننته يعارضه لكنني سريعًا ما فوجئت به يقهقه هو الأخر مضيفًا :
"هيا فلنفعلها أقسم أنه سيكون ممتعًا"

أخرج المختل شيئًا كبيرًا وأشعله واضعا إياه داخل ملابسها ثم ركض بعيدا هو ورفاقه لأبقي أنا في صدمتى مما حدث فصرخت واختفت صرختى بين صوت الانفجار الذي أصابني أنا الأخر تاركًا ندبة علي وجنتي

لم أشعر بشيء من حولي وانا أرى "جنة" ممدة أرضًا، زحفت حتى أصل إليها ويا ليتني لم أصل
فكانت النيران قد أكلت معظم جسدها الصغير..

هبطت دموعى بصمت وأنا أراها عاجزًا حتى أن أقوم بضمها لصدرى للمرة الأخيرة، فوضعت رأسي أعلى قلبها الذي كان ضعيفًا ومن ثم توقف عن النبض لأغلق عيناي وأصرخ عاليًا بالتكبير :

"الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر"

الله أكبر وأعلى منهم جميعًا
الله شاهدًا على ما يحدث في بيته الشريف
الله هو رب الحق ولن يرضيه سوى الحق
الله هو العلي العظيم وهو بقادرٍ على أن يخسف الأرض بهم جميعا

انتهت لارفع وجهي مقبلا شقيقتي
"في الجنة يا جنة في الجنة صغيرتي، سيكون لكِ نصيب من أسمكِ أنت شهيده الآن يا صغيرتي.."

____________________________

تعزُّ عليَّ فِلسطين، تعزُّ عليَّ أحزانُها
بسم الله على فِلسطين حتى يطمَئن فؤادُها💔.

تعزُّ عليَّ فِلسطين، تعزُّ عليَّ أحزانُها بسم الله على فِلسطين حتى يطمَئن فؤادُها💔

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.


You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 06, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

جنة القدسWhere stories live. Discover now