فصول العشق الأربعة

139 13 1
                                    

المشهد الأول

______________

بحذاء اسود انثوي وفخم ذو كعب عال كانت تخطو بزهو شديد
نهض الجميع فور أن وصلت ثم قاموا بالانحناء لها باحترام شديد
وهي تنظر أمامها بخيلاء دون أن تعير أيًا من الواقفين انتباهها وشعرها الاسود ينسدل على ظهرها وكتفيها بدلال يسبي القلوب 
الرجال تدلت فكوكهم بانبهار من حُسنها والنساء يحدقن في ردائها العملي الفخم بحسد لا يستطعن اخفاءه !
تركض نحوها مساعدتها لتحمل عنها حقيبتها الصغيرة التي اشترتها بمبلغ يعادل مرتبها لثلاثة أشهر من ( كوكو شانيل ) وتتبعها بطاعة ثم تسبقها بخطوات بسيطة بعد ذلك لتفتح لها باب المكتب باحترام شديد .
دلفت إلى مكتبها فركضت المساعدة تزيح عن كتفيها معطفها الثمين بحذر لتعلقه بعد ذلك على ظهر المقعد بينما جلست هي بأرستقراطية لتبدأ مساعدتها في شرح برنامجها اليومي ..
" حسناء هانم .. حضرتك عندك لقاء بالمرشح الجديد لرئاسة مجلس النواب بعد كده اجتماع مع المساهمين في الجريدة ، الساعة ٤ ميعاد الغدا في النادي بعد كده حضرتك هتعدي على الكوافير علشان تجهزي للبرنامج بليل "
وحسناء تستمع لها بملل وهي تراقب ردود الفعل على اخر حلقات برنامجها المسائي ثم تبتسم بزهو شديد وعبارات المدح تنهال عليها بلا توقف ونسب المشاهدات تزداد بسرعة الصاروخ فتضوي عينيها بالألق وتنتشي روحها بنشوة التميز .
خرجت مساعدتها لتحضر لها قهوتها فنظرت حسناء في إثرها قليلًا ثم تركت هاتفها ونهضت لتتطلع من نافذة مكتبها الذي يقع في الطابق العشرون في واحدة من افخم أبنية المدينة !
تأملت الطريق المزدحم بالأسفل والسيارات التي تحول حجمها إلى حجم النملة في عينيها ..
كل ما حولك يبدو صغيرًا حينما تكون على القمة !
وهي وصلت للقمة ولن تتزحزح من فوقها أبدًا ..
( حسناء ربيع )
افضل وأشهر صحفية وإعلامية في الشرق الأوسط
وجودها كفيل بسرقة الاضواء من اشهر النجمات واكثرهن جمالًا
مقابلتها ودخول مكتبها تعد مهمة مستحيلة التحقيق !
انتبهت على عودة مساعدتها بالقهوة فالتفتت تحدق في ملامحها بتشوش ..
ومساعدتها تقترب منها بخطوات بطيئة وهي تحمل فنجان القهوة
خطوة
اثنان
ثلاث
لترشقها في وجهها بشكل مفاجئ فتشهق حسناء برعب وهي تنتفض من فوق فراشها البسيط بينما صوت امها يهدر في أذنيها بعد أن قامت برشقها بالماء حتى تستيقظ :
" ايه هتنامي للضهر ؟!! .. قومي يلا عشان تلحقي عنبة بتاع الفول قبل ما يشطب عايزين نفطر عشان تلحقي تروحي الشغل "
نظرت حسناء للمكان حولها بتيه فوجدت نفسها عادت لغرفتها البسيطة وفراشها الخشن
الجدران المتشققة والخزانة التي عفى عليها الزمن !
وامها الست عديلة تقف مختصرة أمامها وتحدق فيها بحاجب مرتفع ..
" صباح الخير يا ماما "
همهمت بتحية الصباح بنبرة ضائقة بعد أن استيقظت من حلمها بأسوأ شكل ممكن فلوحت عديلة بكفها وقالت وهي تغادر الغرفة :
" يسعد صباحك يا ست البنات ، يلا وريني جمال خطوتك و انزلي اشتري الفطار بسرعة "
نهضت حسناء بتأفف ثم نظرت بغيظ إلى منامتها الوردية التي بهتت من كثرة الغسيل والتي غرقت بالمياه تمامًا
نظرت إلى نفسها في المرآة ثم أمسكت بالمشط وضربت شعرها المجعد لمرات عديدة بلا فائدة لتهتف فيه بخبال وهي تنظر إلى نفسها في المرآة بنصف عين مغلقة من أثر النوم :
" اعمل فيك ايه ؟!! .. حنة وكريمات فرد وزيوت و جلاد .. هتنعم امتى بس ؟!! "
انتفضت على صوت والدتها الزاعق من المطبخ :
" الفطااااااااااار "
فجمعت شعرها كما اتفق وهي تصرخ بدورها :
" حاضر .. حاضر "
أخرجت عباءة سوداء تستخدمها حين تخرج لمكان قريب ثم وضعتها عليها بسرعة وغسلت وجهها من آثار النوم لتنزل بعدها لتحارب وسط عامة الشعب للحصول على فول الحاج عنبة الشهير
احضرت الفول والفلافل ثم عادت إلى المنزل بسرعة حتى لا تتأخر على عملها في الجريدة وتنال تقريعًا جديدًا من رئيس التحرير
تناولت الإفطار بسرعة ثم ركضت لتبدل ملابسها بأخرى أكثر عصرية وأناقة لتتبقى معضلتها الأساسية .. شعرها !
نظرت إلى خصلاته الملتوية بغضب مكتوم ثم جمعته في ربطة قاسية حتى لا تفلت منه أي خصلة مرة أخرى لتخرج بعدها وتتجه إلى عملها وذكرى حلمها تساعدها على تحمل سخافة البشر في وسائل المواصلات لبعض الوقت
وبعد ثلاث شجارات واثنان ( مش عايزه صابون الفحم ولا بنس ) وصلت حسناء إلى الجريدة بسلام لتجد عملها الأسود في استقبالها ككل صباح ..
( الاستاذ فكري )
رئيس قسمها والسبب المستقبلي لعلتها ومرضها بإذن الله
" الحضور الساعة كام يا آنسة ؟!! "
والسؤال الروتيني يفرض نفسه لدرجة أن لسانها همس به تلقائيًا فور أن وقعت عيناها على ترهلات بطن الاستاذ فكري ونظارته التي لا تعلم كيف يُثبتها بتلك الطريقة على طرف أنفه !
" معلش بقى يا استاذ فكري انت عارف المواصلات والزحمة "
والحوار يكرر نفسه فتهمس بداخلها برده المتوقع :
" اخرجي بدري يا استاذة ،كل زمايلك من مناطق بعيدة و ..... "
انقطع الارسال فور وصول رئيس التحرير ليتحول الديك الرومي ذو الريش المنتفش إلى ذكر بط معاق في قدميه فيركض الاستاذ فكري بكل ترهلاته نحو السيد رئيس التحرير ليحمل عنه حقيبته ويتبعه بتملق شديد الى مكتبه وهو يغرقه بوابل من المديح الزائف حول مقالته الأخيرة .
انتهزت حسناء الفرصة وتحركت إلى طاولتها بملل شديد لتبادرها نجلاء زميلتها بفم ممتلئ بالطعام :
" صباح السكر يا حسناء "
ردت حسناء تحيتها فابتلعت نجلاء ما بفمها ثم قالت بصوت متحمس :
" بكره العرض الخاص لفيلم فهد العدوي الجديد "
رمقتها حسناء دون تركيز حقيقي لتكمل نجلاء ثرثرتها وهي تتناول بقية طعامها :
" انا سمعت أنه عامل علاقة في السر مع عارضة الأزياء الجديدة دي اللي اسمها زيزي، اه يا نوسه لو الواحد يعرف يعمل اللي محدش عارف يعمله وياخد كام صورة حلوة ليهم كده يبقى طاقة القدر اتفتحت له ، هيبقى سبق محصلش "
ابتسمت حسناء على احلام زميلتها البسيطة بينما نجلاء تعلو بخيالها أكثر :
" دي هيبقى فيها مكافأة تلات شهور على الأقل ومش بعيد أمسك القسم الفني كمان بدل فكري ترهلات اللي ربنا بلانا بيه ده "
ضحكت حسناء لسذاجة زميلتها ليخرج بعدها فكري من مكتب رئيس التحرير ثم يهتف بصوت مرتفع :
" عماد و حسناء "
انتبه المذكورين فأكمل فكري بأمر لا نقاش به :
" استعدوا عشان تحضروا بكرة العرض الخاص لفيلم فهد العدوي الجديد وتعملوا تغطية شاملة عن كل حاجة .. مفهوم ؟! "
أومأت حسناء وهي تنظر إلى عماد زميلها فغمزها قائلاً بمشاكسة قصد بها نجلاء :
" استعدي للسبق يا نوسه عشان نوجا اوت المرة دي "
قذفته نجلاء ببعض الاوراق بينما ضحكت حسناء بخفوت حتى لا يعنفها الاستاذ فكري مرة أخرى لتتمتم لها نجلاء بوجه مغتاظ وهي تقرصها في ذراعها :
" يا ريتني كنت انا يا اخي ، هتشوفي ابن العدوي لايف يا محظووووووظة "
رقصت لها حسناء حاجبيها ثم همست بصوت ضاحك :
" وهعمل السبق وهاخد مكان فكري ترهلات كمان وانتي هتفضلي عايشة مع سندوتشات الفول والجرجير بتوعك دول "
تبرمت نجلاء بنزق ثم عادت لعملها لتعود حسناء إلى عملها بدورها وسؤال واحد يتردد في ذهنها بإلحاح ..
( ماذا عليها أن ترتدي غدًا ؟!! )
_____________

( اليوم التالي )
وقفت جوار عماد وورائهم المصور تتطلع حولها بانبهار لتجفل حينما شاكسها عماد حتى يبدد توترها :
" حلاوتك في الفضي يا نوسه ، لا و لعبتي في شعرك كمان وفردتيه بالمكواة "
رمقته حسناء وهي تلوي شفتيها بامتعاض فيما تقول :
" الحلو حلو من يومه يا سي عماد ، وبعدين ما انت كمان جاي لابس لنا بدله وببيون ولا كأنك جاي تخطب بنت ساويرس "
رمقها عماد باستعلاء وهو يعدل من ربطة عنقه الفراشية بغرور ليردد عليها نفس جملتها السابقة :
" الحلو حلو من يومه يا ست حسناء "
لكزته حسناء بغيظ وهي تقول بملل :
" طيب يا اخويا ، ركز في اللي احنا فيه بقى شويه خلينا نخلص لان انا ركبي خشخشت من الوقفة دي .. على الله يوصل بقى ابن بارم ديله اللي احنا جايين له "
" اسمه ابن العدوي يا نوسه .. متغلطيش في الثوابت "
غمغم بها عماد ضاحكًا بسخرية فنظرت له حسناء بطرف عينيها لينتبها على وصول صناع الفيلم وعلى رأسهم بالطبع ( فهد العدوي )
ازدحم الصحفيين حوله فأشار للكاميرات يحي جمهوره بابتسامة عريضة لا تخلو من العجرفة الفطرية وكأن العالم قد خلق لأجله فشتمته حسناء سرًا بحقد دفين تجاه كل من هو مشهور وفي نفس الوقت تتزاحم مع البقية بل وتدفعهم بغلظة للوصول إليه وكأنها في حرب ليهتف بها عماد بصوت ضائق :
" انتي مجنونة يا حسناء ، بتزحيني ليه ما انا معاكي ! "
دقائق بسيطة وانفض الجمع ومحصلة حسناء صفر فنظرت نحو فهد الذي دلف إلى القاعة مع طاقم عمل فيلمه بغضب وشراسة وكأنها تفكر في الحل الامثل للقفز عليه والتخلص منه ..
" سلاما قولا من رب رحيم .. بتبصي للراجل كده ليه ؟! "
بنفس التعبير تحولت حسناء نحو عماد فتراجع للوراء بفزع مفتعل لتهمس فجأة من بين اسنانها وكأنها مسجلة خطر :
" انا هروح اشم شوية هوا لحد ما العرض يخلص "
رفع عماد حاجبيه بتعجب ظهر في قوله :
" طب والفيلم .. مش المفروض نشوفه عشان نكتب تقرير عنه ؟!! "
ابتسمت حسناء ابتسامة صفراء ثم قالت بسخرية :
" اتفرج انت على الفيلم و اكتب تقرير عنه ، وانا تقريري هيبقى عن ابن بارم ديله ذات نفسه "
هز عماد كتفيه بلا مبالاة ثم تركها ودخل لتتحرك هي وتبدأ في تتفقد الحديقة التابعة للمكان ثم بدأت بالتقاط بعض الصور التذكارية لنفسها يمينًا ويسارًا وبكل الأوضاع الممكنة ..
تارة تستعرض ثوبها وتارة تفرد شعرها على كتفها الأيمن ومرة أخرى على الجانب الايسر ثم نظرة اغراء تليها ابتسامة مغرورة دون سبب لتجلس أخيرًا بعد أن انهكها الوقوف وهي تختار افضل خمس صور حتى ترفعهم على حسابها الشخصي ( حسناء الربيع ) الذي يتابعه سبعة وعشرون شخص هم زملائها في العمل وبعض الأقارب والمعارف .. !
شعرت بالملل فجلست على حافة رخامية ثم فتحت حسابها على ( فيس بوك ) المدون بنفس الاسم ( حسناء الربيع ) وتفقدت الأخبار قليلًا لتزفر بغضب وإعلان فيلم ابن العدوي الجديد يظهر لها من اللاشيء
لمعت عيناها بالشر الدفين ثم قررت أن تكتب منشورًا غامضًا تنال به منه وتنفث قليلًا من اللهب الذي يأكلها من فرط غروره دون أن تنسى تعديل خصوصية المنشور حتى لا يصل إلى فكري ترهلات فيمثل بجثتها ..
( ابن بارم ديله .. من غير تحية ولا كلام ، انت فاكر نفسك ايه ؟! .. بص لي وانا بكلمك ، هو خلاص عشان ربنا فتحها عليك هتشوف نفسك علينا وهتعملي فيها عمر الشريف ! .. امال لو كنت حلو شويه ( وجه يلوي شفتيه ) .. لعلمك انا موجودة في افتتاح فيلمك الجديد بس مرضتش ادخله عارف ليه ؟ .. لانه اكيد هيبقى اوفر زي اللي قبله يا خريج معاهد السينما الهندية يا اللي معتمد على وسامتك مع أنك والله مش قد كدة .. امضاء حسناء الربيع )
لتنهي منشورها بوجه متعجرف ثم تضغط على اختيار النشر دون أي نية في التراجع .
دقائق اضافية وآلمها الجلوس على الرخام البارد فنهضت تمسد على ثوبها بحرص لتقطب وهي تلتقط بعض الأصوات المكتومة تأتي من ممر مظلم على بُعد خطوات منها !
دب الخوف في قلبها فنظرت حولها لتجد المكان شبه خالي فازداد توجسها لكن مصدر الصوت لا يبدو أنه يقترب بل على العكس ..
الصوت يخفت ثم يعلو قليلًا ثم يعود ويخفت من جديد !
اقتربت بحرص شديد وشعلة فضول الصحافة تقودها إلى بداية الممر لترهف السمع فشعرت ببعض الاضطراب خاصة حينما استطاعت أن تميز أنه شجار بين عاشقين ..
انتابها الإحباط وكادت أن تعود ادراجها لتتسمر موضعها حينما ظهر صوته شديد الوضوح :
" مش فهد العدوي اللي يتهدد ولا يتحط قدام الأمر الواقع "
اتسعت عيناها بصدمة لحظية لتتمالك نفسها بسرعة وتخطو إلى داخل الممر قليلًا ليتضح وجهه الغاضب على مسافة مناسبة منها فتجده يقف امام المدعوة زيزي التي بدأت تنتشر الاخبار حول علاقتهما بينما تهتف هي فيه بسخط :
" ولا زيزي عبد القادر اللي يتلعب بيها "
اخرجت حسناء هاتفها بسرعة وبدأت بتصوير ما يدور أمامها وقلبها ينبض بحماس شديد لسبق صحفي كالقنبلة قد اتاها على طبق من ذهب بينما زيزي تستطرد بتهديد صريح :
" انت لو مأعلنتش علاقتنا انا مش هسيب مكان من غير ما افضحك فيه .. دا انا زيزي "
اقترب منها فهد حتى اختلطت انفاسهما فاتسعت عينا حسناء بترقب ولقب رئيسة القسم الفني يداعب عقلها فتزغرد روحها بينما الآخر يهس من بين أسنانه :
" اعلى ما في خيلك اركبيه .. انتي حتى مش معاكي اثبات واحد على أن في حاجة حصلت بينا "
وعلى حين غفلة في لحظة كارثية رن هاتف حسناء فانتفض الثلاثة في وقت واحد وكلًا منهم يركض في اتجاه ..
حسناء ركضت لتهرب من ناحية وزيزي ركضت لتهرب من الناحية الاخرى بينما فهد ركض يطارد حسناء وعيناه تلمع بالشر والوعيد .
______________

( صباح اليوم التالي ) 

استيقظت حسناء في فراشها بكسل وصعوبة شديدة بعد ليلة الأمس الحافلة ..
تذكرت حين طاردها المجنون ابن بارم ديله والذي تمكن من الإمساك بها بسهولة غريبة ليلفها لتواجهه ثم يهدر فيها بغضب وجنون :
" انت مين ومين اللي باعتك ؟!! "
وقتها حاولت حسناء نفض ذراعيه عنها لكنها لم تفلح في زحزحته ولو لإنش واحد بينما فهد يكمل بسخط شديد :
" زيزي اللي مشغلاكي وباعتاكي ورايا مش كده ؟! .. فاكرين انكم كده هتدبسوني معاها .. دا على جثتي يا شوية نصابين "
صرخت فيه حسناء بغضب مماثل خبأت وراءه خوفها منه وهو في تلك الحالة العصبية :
" ابعد عني يا حيوان "
" هاتي اللي في ايدك ده "
هتافه تقابل مع هتافها ليتركها على حين غفلة حتى يستطيع اخذ الهاتف من بين اصابعها لكنها تشبثت به بكل قوتها وبكل غباء رفعت ذراعها للأعلى كما لو أنها تتعامل مع طفل أقصر قامة منها لتتسع عيناه فهد العدوي بذهول من مستوى ذكائها ثم ينظر إلى ذراعها الذي كان يعلو رأسه بإنش أو اثنين على الأكثر ليمد يده بكل سهولة لكن ما لم يتوقعه أن تميل المجنونة إلى كتفه وتعضه بكل شراسة وجنون .
صرخ فهد متألمًا ثم أبعدها عنه بغلظة وهو يشتمها بغضب لتنفض المعركة تمامًا حينما وصل سكرتيره ومدير أعماله الأستاذ  آسر .. !
( الآسر )
ذاك النبيل الذي خلصها من براثن الحقير فهد ثم خبأها وراءه ليسأل فهد بعدها بصوت خفيض وهو يتلفت حوله خوفًا من عدسات المصورين :
" ايه اللي بتعمله ده يا فهد انت عقلك خف ؟!! "
ليلقي بعدها نظرة سريعة نحوها ثم يعود ويسأله مرة أخرى :
" مين دي ؟!! "
أطلق فهد سبة نابية جعلت وجهها يتورد بحياء ثم أشار نحوها قائلًا بعصبية مفرطة :
" بنت الـ***** دي شغالة مع الست زيزي وكانت بتلقط لنا صور في الضلمة "
ليصرخ فيها على حين غفلة وهو يقترب منها كالوحش المفترس :
" هاتي يا بت الموبايل ده "
" على جثتي دا عليه اقساط "
صرخت بها حسناء ثم تراجعت للوراء بفزع بينما تدخل ( الآسر ) مرة أخرى ووقف بينهما يمنعه عن افتراسها وهو يصيح فيه بغضب :
" ما تهدى يا اخي ايه اللي انت بتعمله ده ؟!! "
ثم يلتفت إليها قائلًا بصوت هادئ :
" ممكن موبايلك يا آنسه ؟!! "
ضمت حسناء هاتفها إلى صدرها وكأنها ام تحمي طفلها من الاشرار وعيناها تلمع بالخوف فغمغم آسر بمحايلة :
" متخافيش .. انا بس همسح الصور ويا دار ما دخلك شر "
نظرت له حسناء ثم نظرت نحو فهد بارتياب شديد فابتسم لها آسر مطمئنًا فأغمضت عينيها بضيق ثم مدت له هاتفها باستسلام وقلبها يودع السبق الصحفي ولقب رئيسة القسم الفني بمرارة وهي تراقب السيد الآسر يمسح ما التقطته نهائيًا ثم أعاد لها الهاتف بعدها فيما يقول بتحذير هادئ :
" كدة الموضوع انتهى ، لكن لو عقلك وزك والصور دي ظهرت بأي شكل كان هتضطريني اتعامل معاكي بطريقة انا مبحبش اتعامل بيها ، حضرتك شكلك بنت ناس وفاهمة قصدي .. مش كدة ؟!! "
رمشت حسناء وانتابها الخوف من تهديده المبطن ثم هزت رأسها بطاعة لتلقي بعدها نظرة نحو فهد الذي كان ينظر لها بشر فبادلته نظرته بأخرى تماثلها بتحدي صريح وكأنها تحفظ ماء وجهها بعد مشاجرته معها لتغادر بعدها المكان وهي تسبه وتسب صناع السينما اجمع .
نفضت حسناء رأسها وهي تتمطي في فراشها بكسل لتبحث عن هاتفها ثم تتسع عيناها حينما وجدت كمية مكالمات فائتة لا حصر لها من زملائها في العمل وبعض معارفها واصدقائها ..
" هو انا عشان عملت الموبايل صامت يوم الدنيا قامت "
غمغمت بها بملل ثم تجاهلت الأمر لتفتح بعدها حسابها الشخصي بشكل روتيني لتتسع عيناها بشكل تدريجي وهي تقرأ الخبر المدون أمامها بالخط العريض ..
( علاقة حب جديدة بين فهد العدوي ومجهولة )
وأسفل منه صورتها وهي بين ذراعي ابن العدوي بشكل متقارب جدًا  .. !
رمشت حسناء عدة مرات والغباء المستحكم يسيطر على كافة حواسها لتمر لحظة ..
اثنان ..
ثلاثة
ثم تصرخ بصوت خرج كإنذار الحريق :
" ياااااااا لهوووووووووووووي "

انتهى المشهد ❤️❤️

فصول العشق الأربعة Where stories live. Discover now