بدايةً الساق، وصولًا إلى الصدر.

119 10 42
                                    

«هذه قصة أصلية، غير مقتبسة ولو واحد بالمئة من أي عمل درامي آخر، سواء روايةّ أو قصةً أو فيلمًا أو حتى مسلسلًا. إنها تتمتع بأصالةٍ كاملة.»

تلت الفتاة فخورةً كانت، التي أكبر الظن أنها ما تزال ترتاد المدرسة الثانوية، بلباسها المراهقي وتنورتها القصيرة، وشعرها المصبوغ المائل للشُقرة. طالعتها ڤيڤيان، بتقززٍ داخلي غير واضح.

تدوي في ذهنها، لا يسمع صياحها سواها. إنها كاذبة كاذبة كاذبة.

ناظر المعلم القصة بين يديه، المشرف على أعمال هذه الدورة الكتابية، دورة الكتابة الإبداعية التي سجلت ڤيڤيان فيها اسمها بعدما راودتها أسوأ قفلة كاتب على الإطلاق، الأسوأ لدرجة أنها أقرت ولأول مرة بحياتها، أنها بحاجة لمعونة احترافية من كُتّاب احترافيين. وما هو أفضل مكان سوى دورة أعدّها ليونارد نيجرو، الكاتب الأكثر لمعانًا والأشهر على مدار عقدين. إنه يبدو مع ذلك، مثل نسخة رديئة من شوبنهاور، بخصلات شعره البيضاء المفرقعة، ونظرته الرصاصية.

طقطق المعلم لسانه وفغر فاهه، وهو كاتب آخر مرموق، تحاول نسيان اسمه. «إنها بالفعل كذلك.»

كلكم كاذبون.

لم تدري لمّ أرادوا الكذب بكل هذا التصميم والعزم على فتاة بالسادسة عشر من عمرها، ليس وكأنهم سيجرحون شعورها، ليس وكأنها ستبكي إن صارحوها بأن قصتها مبتذلة. بأن قصتها تفتقر للأصالة التي تزعم تمتعها بها.

عمّ تروي القصة؟ كانت عن شخصية رئيسية تتحول صديقتها إلى رفش، وتظل على مدار أيام عديدات تحفر في تربة باحتها الخلفية بحثًا عن جثة صديقتها تلك، غافلةً تمامًا عن أن صديقتها كانت تقبع بين يديها كل ذلك الوقت.

إنها قصة غبية، بلا فكرة محددة، بلا شخصيات ناهيك عن شخصية واحدة، ولا زمان ولا مكان سوى باحة منزلها. وبالطبع، لا غاية، وأسلوب السرد عادي، والأوصاف كلها متوقعة. ولكنّ الجالسون، ومن ضمنهم المعلم الواقف، ابتلعوا القصة وكأنها تحفةً فنية.

أنفاس ڤيڤيان كانت مهتاجة، أنفاسها حارة وهي تفر من فتحة أنفها اليمنى. لم تدري ما الذي يقض مضجعها بالتحديد، هل كانت فكرة أن تلك الطفلة اللعينة، ادّعت أن قصتها الغبية تلك، أصيلة؟ أم من فكرة أنها تفوقت على ڤيڤيان، صاحبة الست وعشرون عامًا، التي تكتب منذ ما يقارب العشر سنوات تقريبًا؟ فالقصة التي قدمتها ڤيڤيان كانت، ونقتبس من تعليقاتهم: "كئيبة" "جيدة.. ولكن ليس كثيرًا" "يمكن تحسينها بطرق عديدة" "غير متوضحة النهاية".

على أي أساس ندعو قصةً أنها أصلية وغير مقتبسة؟ وهل بالإمكان في القرن الواحد والعشرين، أن يخترع شخصًا من بين ثمان مليارات فردٍ ذوي ذاكرة جمعية والقليل من الذكريات الفردية التي تطمح أن تقتصها الجماعة لأنفسها، فكرة أصيلة بالكامل؟ كانت فكرة غير معقولة، غير معقول أن تتوصل طفلةً لم تحصل على درجة جامعية بعد، ولا تزال تأخذ مصروفها اليومي من أبويها، ولا تزال تتسلل من نافذة غرفتها هربًا من عقابات أمها. غير معقول.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Dec 02, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

يأكل نفسه | It Eats Itself Where stories live. Discover now