!إدراك متأخِّر

9 1 0
                                    


أفهم الآن ماذا كنتَ تعني بالتّيه، شعورك بأنك مفقود وضائع، كيف لحجم الخذلان والتعب أن يكسر الأضلع، يُتلِف الروح. أفهم أن الشتات داخل الجسد يمكن أن يظهر على محيا وجهٍ فاقد لكل ألوان الحياة، أن يتحدث جسمك عنك وتظلّ صامت. أن لا تقوى على الحِمل الهائل، والمسؤولية المتزايدة، والتعثّر المستمر بكل أرجاء الطريق!

أفهمك الآن، عندما كنت تبحث عن قسط الراحة بالحديث معي، عن المنفَذ والمنقِذ والمخَرج من دوّامة الانهاك، وتهميش السعادة ذاك.

أفهمك وأقدّر وأحترم وقوفك العَرج على أقدامك المنهكة، فقط لتستمع لأحاديث الطفلة البريئة، التي لم يكن يمسّها أي من شوائب التحديات الفائقة لقواها. لكنها الآن تفهمك، كبرت ودخلت متاهات القدر باحثة عنك وعن أحاديثك المؤنسة لرحلتها، عثرت على آثارك، لكن فات الأوان! فأنتَ كنت قد ذهبت واخترتَ لها المُضي وحدها كمان فعلت انتَ تماماً.

أعترف أنك حذّرتني، ونصحتني بالبقاء؛ فلا رفيق صادق تَلقى، ولا روح بريئة تَبقى. سامحني فجهلي بالقادم رماداً على بصيرتي أَلقى، وحدسي بالصواب لم يعد يرقى، وإن عاد بي الزمن يوماً، بجانبكَ سأظل وأبقى. لعلّ الله اختار لقلوبنا أن تُفصَلَ لتكون له أتقى؛ فاطمع يا صديقي أن يرزقنا أرواحاً لنلتقي بها ونحن أنقى.

أَثَر باقٍWhere stories live. Discover now