2-عرين الأسد

18.8K 364 33
                                    

قصر الأسد هو قصر ذو طراز مراكشي تم بناؤه في جبال سييرا نيفادا المرتفعة في القرن الثاني عشر ، وهو يطل على مدينة غرناطة.
راحت الطريق المؤدية الى القصر تزداد انحداراً كلما اقتربت ، فاضطرت غرايس الى نقل مقبض تبديل السرعة الى سرعة أعلى عندما واجهت انحناءً خطيراً آخر في طريقها. فكرت وهي تحدق صعوداً نحو القصر الذي بدا وكأنه يتشبث بقوة بتلك الصخور الشامخة على حافة الجرف المنحدر ، انها لو صعدت بسيارتها اكثر فقد تصل الى الغيوم.

بدت قمم الجبال البعيدة اكثر ارتفاعا ، وهي ماتزال مغطاة بالثلوج . بدا المنظر الطبيعي نضرا واخضر مع ان السماء تمطر . أقرت غرايس بكآبة ان الطقس الموحش يتلائم مع مزاجها .
لدى وصولها الى غرناطة قال لها مدير الفندق :" هطلت الامطار لمدة ثلاثة ايام وهو امر غير اعتيادي خلال هذا الوقت المتأخر من فصل الربيع . لكن انتظري ، فغدا سوف تشرق الشمس وسوف تجعلك سعيدة ".
فكرت غرايس متنهدة ان مدير الفندق لايعرف شيئا عن مزاجها ، فالأمر سيتطلب اكثر من مجرد تبديل في حالة الطقس حتى ترتفع معنوياتها . تخيلت للحضة وجه والدها الشاحب المنهك مرتميا على كرسيه وقد نبت شعر ذقنه . انهار مدير المصرف الفخور الانيق اللباس قبالة عينيها ، وحل محله رجل وصل الى آخر رمق من امكانياته .

- ليس هنالك مايمكنك فعله ، عزيزتي .
قال لها أنغوس ذلك محاولا من دون جدوى أن يبتسم . أدركت غرايس انه يحاول حماية ابنته الوحيدة ، إلا أن هذا شحذ تصميمها وعزمها لكي تفعل شيئا ما . والدها هو بطل بالنسبة اليها ، وهو بطل بالنسبة إليها ، وهو أروع رجل في العالم ، لكن المبلغ الهائل الذي اختلسه من المصرف جعل رأسها يدور في دوامة مع انها فهمت أسبابه ودوافعه . تلك السنوات التي قضاها في الاهتمام بصحة والدتها التي اصيبت بمرض الاضطراب العصبي الوظيفي دمرته تماما . بحث أنغوس في العالم بأسره طلبا لعلاج لهذا المرض العضال الذي لا شفاء منه . جرب كل شيء أملا في تخفيف معاناة زوجته المحبوبة ، بدءا من العلاج بالأعشاب الصينية إلى العلاج التكاملي والعلاجات المكلفة في الولايات المتحدة الاميركية .

في النهاية اتضح ان هذه العلاجات من دون جدوى ، فسوزان بيريسفورد توفيت منذ عامين ، قبل اسابيع قليلة من بلوغ غرايس الحادية والعشرين من عمرها . ومنذ اسابيع قليلة فقط علمت غرايس ان أنغوس حصل على الاموال الطائلة التي احتاجها لعلاج والدتها من المقامرة ، كما علمت ان ادمانه خرج عن السيطرة ما دفعه الى "اقتراض" الأموال لدفع ديونه من المصرف الاوربي ، وهو الفرع البريطاني لمصرف هيريرا .

لم تستطع غرايس اخفاء صدمتها لدى معرفتها بهول ما فعله والدها ، فنعق أنغوس قائلا :" لطالما نويت أن أسدد ما علي ؛ أقسم بذلك . كان بوسعي أن اعيد الاموال التي أقترضتها ، وأن أغلق الحسابات المزيفة التي فتحتها من دون ان يعلم أحد بذلك ".
أما الآن فهم يعلمون! قام أحد مدققي الحسابات باكتشاف بعض المخالفات ، ما اطلق سلسلة من التحقيقات الأكثر عمقا ، وتم التبليغ عن هذه المخالفات إلى رؤساء مصرف هيريرا . لم يكن بوسع غرايس سوى الوقوف جانبا ومشاهدة عالمها وهو ينهار ، والاهم من ذلك رؤية والدها يسقط الى الحضيض .

شبح من الماضي "شانتيل شاو"... (روايات احلام )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن