3- خدعة أم حقيقة؟

17.1K 370 28
                                    

حدق خافيير بالجدولين الصغيرين اللذين تدفقا نزولا على وجنتي غرايس ، وفكر بازدراء ان النساء غالبا ما ينجحن في تحقيق مآربهن عندما يلجأن الى ذرف الدموع . تساءل كيف يستطيع الجنس الآخر ان ينتقل الى البكاء والدموع في الوقت المناسب . ما زال هذا الامر يدهشه حقا .
بلغ خافيير الخامسة والثلاثين من عمره ، وهو يعيش حياته بنمط سريع جدا بكل ما تحمل الكلمة من معاني . إنه يهوى السيارات السريعة والعلاقات الغرامية الاكثر سرعة. معظم علاقاته لم تتجاوز مرحلة الانطلاق ، فأستمرت لمدة ليلة او اثنتين . تعرف من خلال هذه العلاقات على كل اساليب النساء ، وشاهد كل انواع الحيل التي تستخدمها المرأة في محاولتها لجعل الامور تسير على هواها ، الا ان البكاء هو أسوأ ما ينفره من المرأة من بين جميع اساليبها الاخرى. لماذا اذا جعله منظر دموع هذه المرأة يشعر كما لو ان احدهم طعنه بسكين في احشائه؟ ثمة شيء في عينيها الزرقاوين الغامقتين الطافحتين بالدموع يؤثر به . احس برغبة في ان يجذبها الى صدره فيمرر انامله في شعرها البني الحريري ... يجدر به ان يطردها على الفور. يجدر به ان يسلمها الى الشرطة ويقاضيها بتهمة التعدي على املاكه من دون اذن. لماذا تراه يتردد في ذلك؟ منذ لحظة معرفته بهوية هذه المرأة اخذت مشاعره تتأرجح بين الغضب الشديد واحساس اخر ؛ انها رغبة غريزية نوعا ما، ولا شك انها المسؤولة عن عدم قدرته على ابعاد عينيه عنها.
لطالما فضل خافيير النساء الطويلات القامة الانيقات المظهر اللواتي يتمتعن بأرجل طويلة وقامات رشيقة، اما غرايس بيريسفورد فهي قصيرة القامة نحيلة. انها امرأة غير مميزة بيشرتها الباهتة الفاتحة اللون وشعرها البني الذي تتخلله مشحات من اللون الذهبي الفاتح . غرايس ليست من النوع الذي يلفت النظر ، ومع ذلك فهنالك شيء ما في وجهها ... شيء من الصفاء والرصانة . لعل تلك الرسالة المخفية في عينيها الزرقاوين المدهشتين او الابتسامة المراوغة التي عرضتها أمامه قبل قليل هما المسؤولتان عن الالم الذي ينتابه في احشائه؟
قال ببرود وهو يجبر نفسه على التمشي بتكاسل وغير اكتراث نحو النافذة :" أمامك دقيقتان! مع ذلك يجدر بي ان احذرك بأن لدي فكرة جيدة عن الاسباب المؤدية الى مشاكل والدك المالية، ولا اعتبرها مبررا لاستغلالهالتقة التي وضعتها فيه".
قالت غرايس بألحاح :" ألا تعلم أنه مصاب بالأكتئاب المرضي، وانه لا يستطيع السيطرة على نفسه؟ كما انه ضحية لمجال المراهنة المتوفر عبر شبكة الإنترنت".
- إن قلبي يدمي من شدة الالم .
سخرية خافيير استفزت اعصاب غرايس ، فمشت عبر الغرفة لتقف امامه بحزم وصلابة . حين التوى حاجبا خافيير دلالة على عدم تصديقه قالت بشراسة :" والدي رجل طيب. إنه رجل محترم. منذ بضع سنوات قام ببعض الاستثمارات ، لكنه لسوء الحظ خسر الكثير من الاموال ".
رد خافيير بنبرة لاذعة :" لست افهم لماذا يجدر بي ان اعاني بسبب تهوره".
- كان يشعر باليأس . والدتي كانت مريضة جدا ، وكان هو مستعدا لفعل اي شيء ...اي شيء ... من اجل مساعدتها .
لم تتحرك تعابير وجه خافيير الدالة على لا مبالاته ، فمررت غرايس احدى يديها فوق وجهها من فرط يأسها. انها ليست قادرة على الوصول إليه ليتفهمها ، كما ان الوقت بدأ ينفد منها .
تابعت كلامها متلعثمة فقالت :" بدت له المراهنات السبيل الوحيد للخروج من مأزقه. كسب مرة او اثنتين، فأعتقد ان الحظ سيظل حليفه. لكنه عوضا عن ذلك بدأ يسجل على نفسه ديونا هائلة ".
تابعت بصوت خافت :" لم يعد لديه امل بان يسددها. أما بعد وفاة والدتي ، فغمره الالم اليأس الشديدين. الشيء الوحيد القيم الذي تبقى لدينا هو منزلنا الذي كان ملكا لوالدتي فأصبح ملكه بعد وفاتها. هدده الدائنون بالاستيلاء على منزل "ليتل كوت" فأراد بيأس التمسك به ... لأجلي''

شبح من الماضي "شانتيل شاو"... (روايات احلام )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن