5-اعتراف وندم

15.9K 317 34
                                    

قال خافيير لغرايس :" اوشكنا ان نصل الى الفندق. ارى ان التلميحات التي اعطيتها للصحافة اعطت تأثيرها المطلوب. يبدو ان صحافيي الصفحات الصفراء احتشدوا لملاقاتنا ".
القى نظرة على غرايس ، فانعقد حاجباه السوداوان سويا في عبوس وهو يتأمل ملامح وجهها المتوترة. قال :" يا إلهي! تبدين كما لو انك في طريقك الى حبل المشنقة . ابتسمي يا امرأة! يتوقع الصحفيون منك ان تبدي مغتبطة جدا بما انك على وشك ان تصبحي الدوقة دو هيريرا ".
غمغمت غرايس :" لا يمكنني تمالك نفسي . كيف يمكنني ان ابدو سعيدة خلال اسوأ امسية في حياتي؟ ما هم مايعتقده اي شخص ، في جميع الاحوال؟ أوليس معلوما من الجميع بأنك تتزوج فقط لكي تضمن موقعك على رأس مصرف هيريرا؟"
حدقت مشككة في ملامح خافيير العابسة فيما جاءتها فكرة مفاجئة ، فقالت :" من يعلم بخصوص شرط الزواج المدرج في وصية جدك؟"
لوهلة بدا كأن خافيير يرفض الرد. اتسعت فتحتا انفه غيظا ، فيما راقب غرايس بمقت . بعدئذ رد قائلا :
" محامي كارلوس رامون اغويلار فقط، فهو يعرف محتوى الوصية . وانا اريد ان يبقى الامر علينا ".
اضاف خافيير كلماته هذه فيما أثار التهديد المضمر في نبرة صوته الارتعاد في جسد غرايس. بدا من الصعب عليها ان تقرأ افكاره فيما تبدو عيناه مخبئتين خلف أهدابه السوداء الطويلة ، لكنها استطاعت ان تلحظ لمحة حرج عليه ، بسبب تصلب كتفيه. فأستفسرت :" لماذا أصر جدك على وجوب زواجك قبل ان تتمكن من استلام رئاسة المصرف؟"
هز خافيير كتفيه واجاب :" ظن جدي ان صورتي كرجل متزوج افضل من تلك المعروفة كزير نساء . اقر انني لم اعش ابدا حياة الراهب المتنسك ، حبيبتي".
التمعت عيناه باستمتاع لدى رؤيته منظر وجنتيها المتوردتين ، فتابع متشدقا :" أنا اتمتع ... بغرائز سليمة، لكن كارلوس رأى ان حياتي الشخصية قد تترك تأثيرا على احكامي العملية العقلانية ، ما يؤدي بي الى ارتكاب الاخطاء ".
-هل أثر ذلك في احكامك العملية؟ هل ارتكبت الاخطاء؟ لا بد ان شيئا ما حدث فجعل كارلوس هيريرا يضيف البند المتعلق بالزواج الى وصيته.
تلاشت ابتسامة خافيير ، فرمق غرايس بنظرة باردة وقال :" خطأ واحد فقط . عينت رجلا يدعى انغوس بيريسفورد لإدارة الفرع البريطاني من المصرف".
طارت يدا غرايس الى فمها ، وقالت :" آه ، لا! هل علم جدك....؟"
-.... بأن الرجل الذي وضعت فيه ثقتي هو لص ماكر استغل موقعه حتى يختلس ثروة من الاموال من مصرف هيريرا ؟ نعم . علم جدي بالامر . عمل جدي لسنوات على تشذيبي وتهيئتي لأستلم مكانه في ادارة المصرف ، لكنه علم بخيانة والدك وعو على فراش موته ، ما أثار لديه الشك بقدراتي في الحكم بشكل جيد على الاخرين .
ابتسم خافيير ابتسامة خالية من السرور واللهو، وتابع قائلا:" من الواضح ان كارلوس استنتج انه لو كانت لدي زوجة تلبي رغباتي ، سيغدو عقلي خاليا مما يكدره ، فأركز على الاعمال".
احست ان قلبها يغوص في صدرها ، فقالت :" أهذا صحيح؟ أهذا ما تتوقعه من زواجنا ، خافيير؟"
اعلمها خافيير بخشونة :" انا انظر الى زواجنا كأمر غير مناسب لي وكأزعاج لعين . ولا نية لي مطلقا بأن اسمح لأي شخص سوانا ان يكتشف الاسباب الحقيقية الدافعة لهذا الارتباط . لكن هنالك سخرية ما في الامر . فالالتزام بمطالب جدي، دفعني الى الزواج بأبنة الرجل الذي أثار شكوك كارلوس بقدراتي".
انزلقت نظراته على جسد غرايس ثم قال لها :" على الرغم من ذلك ، أرى بأن هنالك تعويضات محددة من خلال جعلك عروسي ،حبيبتي".
اجفلت غرايس فيما انجرف الهلع داخل جسدها ، فاندفعت قائلة :" أي نوع من التعويضات؟"
افترضت ان زواجهما سوف يكون اسميا ولم يطرأ ببالها بأن خافيير يتوقع منها ان تتمم كامل واجباتها كزوجة له. في تلك اللحظة توقفت السيارة فأستنشقت غرايس نفسا حادا لدى رؤية حشد الصحافيين المنتظرين خارج الفندق . فكرت مرتعبة انها غير قادرة على المتابعة . حاولت بقوة سحب خاتم الياقوت الذي بدا كأنه ملتصق بأصبعها . يجدر بها ان تنهي الامر الآن ، قبل ان تؤدي بها خطوبتها المزيفة الى ان تصبح فعلا الزوجة العذراء لخافيير هيريرا.
-تعويضات مثل هذه...
شيء ما في صوت خافيير جعل غرايس تدير رأسها نحوه . ابتلعت ريقها لدى رؤيتها الشرارات اللامعة البادية في عينيه . كان الاوان قد فات حين ادركت نيته. وقبل ان تتمكن من الابتعاد الى الوراء ، امسك خافيير بها واخفض رأسها وعانقها.
فاضت الحرارة من خلال شرايينها ، فأحست كأن عظامها تحولت الى هلام. لم تعد قادرة على منع نفسها من الانحناء نحوه، لتضغط بجسدها على حائط صدره القاسي . استخدم خافيير يديه بمهارة ودقة فأطلقت غرايس انينا خافتا، عندها جذبها لتدنو منه اكثر. شعرت بضربات قلبه غير المنتظمة يتردد صداها تزامنا مع ضربات قلبها هي . لفت ذراعيها حول عنقه ثم غرست اناملها في شعره الحريري الاسود . لم تشعر بأحساس مماثل ابدا من قبل، حتى عندما كان ريتشارد يعانقها ، وهو الرجل الذي ظنت انه حب حياتها .
-اعتقد ان ذلك كاف. اريدك ان تبدي مفتونة لا مذعورة كأنك خرجت لتوك من السرير، وبالكاد تنتظرين العودة اليه .
أطفأ هذا التعليق الساخر شغف غرايس ، كما لو ان دلوا من المياه الباردة قد سكب فوق رأسها . تلون خداها باللون القرمزي وانتزعت يديها عن كتفي خافيير، وهي تحاول تجنب نظرته الساخرة . فيما همست مرتعشة:" ايها الوغد!"
-لا اظن ان احدا سيشك بشغفنا المتبادل. أليس كذلك عزيزتي؟ انت تبدين مفتونة بخطيبك بشكل ملائم. جل ماعليك فعله الان هو الابقاء على هذا المظهر حتى نهاية السهرة .
بدا واضحا من نبرة خافيير ادراكه التام بأنه لم يكن هنالك اي تظاهر في ما جرى ، اقله من ناحيتها هي. فكرت غرايس بذلك فيما احست بالغثيان. كيف تمكنت من التجاوب معه وهي تعلم كم يمقتها ؟
فتح السائق الباب لهما ، فقبض خافيير على رسغ غرايس .ثم همس في اذنها قائلا :" ابتسمي عزيزتي، قبل ان يشعر المصورون بالارتياب ، فأضطر الى معانقتك مجددا. اريد ان يرى العالم اجمع في صحف الغد ان زواجنا هو ارتباط حب مصنوع في الجنة".
راحت غرايس ترتعش من شدة الاضطراب ، فيما سمرت ابتسامة على وجهها . كادت تصاب بالعمى بسبب وميض اضواء آلات تصوير الصحافيين المجتمعين على الرصيف. قالت من خلال اسنانها :" كلانا نعرف جيدا ان ارتباطنا تم ابتكاره في نيران الجحيم ، لذا اشك في انني استطيع خداع اي شخص ليعتقد انني مغرمة بك".
استقرت يد خافيير على خصرها ، فبدا لها كأنها تحرقها من خلال الفستان. تشدق وهو يقودها بحزم نحو بهو الفندق :" على العكس . اعتقد انك بدوت مقنعة جدا، لكن اذا كنت تلحين يمكننا ان نخوض المزيد من التدريبات لاحقا هذا المساء . الآن ، ها هو مضيفنا. تذكري ما تخاطرين به هنا ، غرايس".
حذرها خافيير بصوت حريري ناعم متابعا :" حرية والدك تعتمد على قيامك بأداء ملائم ، تماما كالنجمة الهوليودية ".

شبح من الماضي "شانتيل شاو"... (روايات احلام )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن