6-أسيرة!

15.4K 306 16
                                    

يجدر بها ان تعود الى منزلها!
فتحت عينيها بسرعة فيما تسللت الى ذهنها هذه الفكرة. كانت ليلة الأمس مرهقة جدا ومستنزفة للمشاعر فلم تتمكن من تحليل الامر الذي يزعجها ، لكنها تذكرت الآن شعور خافيير بالرضى لاهتمام وسائل الاعلام بهما لأن قصة خطوبتهما ستتصدر عناوين الصحف حول العالم . ما الذي سيستنجه والدها من هذا الخبر؟ انه لن يفهم ما يجري وسوف يشعر بالقلق ، وذلك اخر ما ترغب بحصوله نظرا لحالته النفسية الحساسة. قذفت غرايس الاغطية الى الخلف ، ثم عبست لدى ادراكها بأنها نامت في ملابسها الداخلية ،عوضا عن ارتداء قميص للنوم . الفستان الازرق الذي امرها خافيير بأرتدائه الى مأدبة العشاء كان معلقا على مسند الكرسي ، وهي لا تتذكر أنها وضعته هناك. آخر أمر تذكره هو جلوسها في السيارة اثناء عودتهما الى شقة خافيير. لا بد أنها غفت في السيارة . أيعني هذا انه حملها الى سريرها؟ ثم ..... من الذي نزع عنها ملابسها ؟ لا بد انها مدبرة المنزل . قررت غرايس ذلك فسرى الارتياح في جسدها ، فيما اندفعت خارج الفراش. كانت قد جمعت بسرعة اغراضها القليلة حين توقفا لفترة وجيزة في الفندق الذي كانت تنزل فيه في غرناطة يوم امس. وحين قام خافيير بتسديد فاتورة الفندق عنها، ثارت ثائرتها وغضبت فتجادلت معه بمرارة خلال رحلتهما بالطائرة نحو مدريد . اما الآن فقد أحست بقلبها يغوص في صدرها وهي تنقب في حقيبة اغراضها . يبدو ان جواز سفرها وتذكرة العودة مفقودان. هل تراها وضعتهما في الدرج المجاور للسرير في الفندق ، ثم نسيت أن توضبهما مع اغراضها؟
أفرغت غرايس محتويات الحقيبة على الارض ، باحثة في كل شيء ، لكن من دون جدوى . لعل خافيير يستطيع الاتصال بالفندق ليستفسر ان كان احدهم قد وجدها . فكرت غرايس بذلك وهي تلبس بسرعة رداء الحمام وتنطلق بسرعة عبر الممشى ، فيما لم تحتل رأسها اي فكرة سوى حاجتها الملحة لإيجاد جواز سفرها . قرعت على باب غرفة خافيير، لكنها لم تلق أي جواب، فأخذت تقفز من قدم الى اخرى نافدة الصبر . لم تكن لديها اي فكرة عن الوقت لكنها ترغب في العودة الى لندن لتكلم والدها قبل ان يعلم قبل ان يعلم عن الزواج المقبل من خلال إحدى الصحف .
قرعت غرايس الباب مجددا ، ثم فتحته بحذر. وجدت سرير خافيير فارغا، فأبتلعت ريقها لدى رؤية منظر الاغطية الحريرية القرمزية المجعدة بشكل فوضوي . فكرت ان شقة خافيير تتميز الى حد بعيد بكونها شقة رجل اعزب ، وحسبما يبدو فأن هذا الجناح المخصص للأغواء يبدو تجسيدا لهذه الفكرة بفضل السرير الضخم ذو الستائر المخملية البنفسجية و...... يا إلهي! هناك مرآة هائلة معلقة في السقف.
خرج خافيير من الحمام المتصل بغرفة النوم، وتمشى الى داخل الغرفة ثم قال :" صباح الخير غرايس. هل نمت جيدا؟"
راح يفرك شعره بمنشفة ، وقد لف منشفة اخرى حول خصره. بدا جلده متوهجا كالحرير.
-أنا ..... نعم ..... شكرا لك.
صعب على غرايس ان تفكر بشكل متماسك ، ولم يكن بمقدورها الا ان تحدق به بعينين متسعتين مصعوقتين. إنه وسيم جدا الى درجة الالم . لا يحق لأي رجل ان يبدو جذابا الى هذا الحد .
-هل تريدين شيئا؟
ضاقت عينا خافيير لدى رؤيتها ملتفة برداء الحمام . فهي حتما تبدو اكثر نضارة مما كانت عليه ليلة امس بخديها المتوردين خجلا. غرايس لا تشبه ابدا خياراته المعتادة للنساء، فهو يفضل اولئك النبيلات الشقراوات المتميزات المتألقات . لكن لسبب ما، فأن هذه الوردة الانكليزية الرقيقة ذات العينين الشبيهتين بعيني الغزال والابتسامة المحيرة تجعل الدماء تتدفق في عروقه بشكل مفاجئ .
غمغمت غرايس قائلة :" علي ان اعود الى دياري".
ابعدت نظراتها عن جسده فركزتها على السجادة ، ثم تابعت :" انا بحاجة لرؤية والدي حتى افسر له عن .... الزواج وكل شيء .... قبل ان يقرأ عن الموضوع في صفحات الجرائد ، لكنني لا استطيع ايجاد جواز سفري . لا بد انني اتركه في الفندق ".
عبست حين اسقط خافيير المنشة التي كان يستخدمها لتجفيف شعره على السرير ، ثم تمشى عبر الغرفة متجها نحوها.
-هلا اتصلت بالفندق في غرناطة لتسأل ان كانوا قد وجدوه؟
- لا!
جوابه الموجز أثار غضب غرايس ، فشبكت ذراعيها فوق صدرها ، وهي تتمنى لو انها ارتدت ملابسها العادية قبل ان تندفع بسرعة نحو غرفة نوم خافيير . تذكرت كيف جذبها خافيير اليه في الليلة السابقة ليعانقها بحرارة . أجبرت افكارها على العودة الى الحاضر لتقول :" هذا امر مهم جدا، خافيير ، يجدر بي ان اجد جواز سفري".
راقبها خافيير بصمت من خلال جفني عينيه المحجوبتين لفترة بدا لها انها استمرت دهرا . ان الانجذاب الحسي بينهما واضح لا شك فيه . أقرت غرايس بذلك فيما أحست بنبضات قلبها تتسارع. لكن
عليها ان تتذكر جيدا سبب وجودها هنا : انه والدها ! قالت :" خافيير .... ارجوك".
-جواز سفرك موضوع في خزنتي المقفلة.
أخيرا قطع خافيير اتصال نظراتهما فابتعد عن غرايس حتى يذهب لأخراج قميص من خزانة ملابسه . راقبته غرايس وهو يدخل ذراعيه في كمي القميص قبل ان يبدأ بإقفال أزرارها ، ثم قالت له :" لكن ..... كيف وصل الى هناك؟ هل سرقته من حقيبتي؟"
- انا لم أسرقه. والدك هو اللص المحترف ولست انا عزيزتي . انا ببساطة أخرجته من حقيبتك لأبقيه في مكان آمن .
ظهرت بقعتان حمراوان على خديها وهي تقول :" اللعنة! عليك ان تعيده لي. لربما اكون محظوظة فأتمكن من تبديل رحلتي بأخرى تغادر اليوم نحو لندن".
رد خافيير بتعجرف :" أتتوقعين مني ان اسمح لك بالسفر والعودة الى انكلترا؟ سددت ديون والدك من حسابي المصرفي الخاص وأصبح حرا من خطر الملاحقة القانونية ، فما الذي يمنعك الآن من التواري عن الانظار والتنكر لأتفاقنا ؟ افهمي هذا عزيزتي : انا لن ادعك تفارقين نظري حتى يصبح خاتم الزواج في يدك ، ويتم عقد زواجنا ".
حاولت غرايس ان تطمئنه يائسة ، فيما غاص قلبها تحت تأثير وميض العزم والتصميم البادي في عينيه، فقالت له :" لكنني اعدك بأنني لن اختفي. أعدك بذلك" .
أجابها خافيير ساخرا :" انت من آل بيريسفورد ، فهل تتوقعين مني ان اصدقك ؟ في مطلق الاحوال ، ليس هنالك متسع من الوقت حتى تذهبي الى انكلترا . اليوم سوف نعود الى قصر الاسد لنبدأ بالتحضير لزفافنا . هنالك الكثير من الترتيبات التي علينا القيام بها ".
مررت غرايس احدى يديها المرتعشتين من خلال شعرها، وهي تجاهد لإخفاء اضطرابها وخيبتها ، ثم قالت :" اي نوع من الترتيبات؟ من المؤكد اننا سنجري مراسم مختصرة لا زواجا شبيها بالقصص الخرافية ".
أعلمها خافيير بتعجرف :" من الطبيعي ان يكون زفاف الدوق دو هيريرا حدثا مهما جدا . اعطيت التعليمات للموظفين لدي بأن يحضروا الطعام الكافي لعدة مئات من الضيوف من افراد المجتمع الاسباني الراقي، وسوف تتم المراسم في كنيسة القصر ".
تناول سرواله عن علاقة الملابس ثم وجه اليها نظرة موجزة قائلا :" رتبت لك موعدا مع احدى اهم مصممات الازياء في مدريد لتأخذ مقاييسك من اجل أعداد فستان العرس لك ، وهي سوف تصل قريبا . أقترح عليك ان تذهبي لارتداء ملابسك ، الا اذا كنت تنوين استقبالها برداء الحمام ".
ارتفع حاجبا خافيير جزئيا ، متابعا :" بالرغم من انني لا اعترض ابدا على مظهرك هذا عزيزتي".
ليتها تستطيع ان تصفع تلك الابتسامة الوقحة عن وجهه! لم تعد غرايس قادرة على الكلام بسبب الغضب ، لكنها تذكرت والدها فغاص قلبها في صدرها .يجدر بها ان تقنع خافيير بشكل ما . همست قائلة :" كيف تظن ان انغوس سيشعر لو أنه قرأ علاقتنا هذه في الصحف ؟"
- أتصور انه سيعتقد انك فتاة ذكية جدا. من الواضح انه ارسلك الى القصر لتحاولي اغوائي واقناعي بمساعدته ، لكنك عوضا عن ذلك ربحت الجائزة الكبرى ، اي الزواج بمليونير سوف يعيد سجله نظيفا.

شبح من الماضي "شانتيل شاو"... (روايات احلام )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن