8-لست أكرهك

14.2K 325 17
                                    

تحركت غرايس الناعسة ، وانقلبت من جنب إلى آخر في السرير . لكن جفنيها انفتحا بسرعة حين أسرها صوت مألوف فأيقظها تماما.
حياها خافيير بصرامة :" اخيرا استيقظت! لم اعرف ابدا امرأة تنام بعمق مماثل ".
قالت له غرايس برقة :" ذلك لأنني اتمتع بضمير صاف".
أحست بنبضات قلبها تتسارع حين تشربت مظهره النحيل الغامض البالغ الجاذبية ، بسرواله الجينز الاسود ، والكنزة الصوفية .
-هل أستنتج أنك لم تتمتع بليلة مريحة ؟
رد خافيير فيما تمشى نحو السرير :" صحيح . لكن السبب ليس ضميري ، ولا افتقاره الى الصفاء . ما منعني من النوم عزيزتي ، هو جسدك الملتف حولي بإغواء شديد ، وهو أمر اطلق العنان لمخيلتي ".
اعترضت غرايس ، وهي غير قادرة على ملاقاة نظرته الساخرة :" انا لم ألتف على جسدك ".
بعد ان صرح لها خافيير بذلك لن يغمض لها جفن بعد الآن . إنها لا تتذكر اي شيء عن الليلة المنصرمة باستثناء شعورها بالدفء والاسترخاء والامان. أتراها
حقا امضت الليلة وهي منضمة الى دفء جسده؟ نظرت إليه بحذر ، وقد ثارت شكوكها بسبب تعابير وجهه المهدئة اللطيفة ، فقالت :" عل اتأمل الكثير باعتقادي انك تصرفت كرجل نبيل ؟".
طمأنها خافيير بابتسامة :" تصرفت بشكل معصوم عن الخطأ . ثقي بي ".
وقبل ان تتمكن غرايس من الحراك ، انحنى خافيير فوقها فأسرها في عناق سريع . تحول خداها الى لون زهري عندما استقام فنظر نزولا نحوها ، وقال لها :" حين نقيم علاقة سوف تكونين مستيقظة ومدركة تماما لما يحصل ، وسوف تستمتعين بذلك عزيزتي ".
أجبرت غرايس رئتيها على استنشاق الهواء ، وأبعدت نظراتها بالقوة عن خافيير ، فيما ارتعشت أناملها قليلا . بدا من المستحيل ان تسيطر على الارتعاش الذي يصيبها بسبب قربه منها ، خصوصا حين يتفوه بكلمات مماثلة . ردت بنبرة لاذعة :" ألم تصغي الى كلمة واحدة مما قلته لك ليلة الأمس؟ أنا لن اقيم علاقة مع رجل لا أحبه ".
أطلق خافيير ضحكة مكتومة وتحرك نحو الباب قائلا :" إذا سوف يكون علي بكل بساطة ان اوقعك بحبي . أليس كذلك؟".
طمأنت غرايس نفسها قائلة إنه بالطبع لن يتمكن من فعل ذلك ، ذلك امر مستحيل! ردت عليه :" ظننتك لا تؤمن بالحب ".
أخبرها خافيير بغروره المعتاد :" أنا كذلك ، لكنني اؤمن بالجاذبية المتبادلة . لأكون صريحا معك ، أنا لا آبه للاسم الذي تطلقينه على هذه الكيمياء الموجودة بيننا ، لكن كلينا نعلم جيدا كم تحرقنا بشدة . اما الآن فقد حان وقت استيقاظك . كونسويلا سوف تأتي الى هنا تأتي خلال دقائق حاملة لك الفطور ، بعدئذ يجدر بنا اللحاق بالطائرة ".
-لماذا ....؟ إلى أين نحن ذاهبان؟
-سوف نقضي بضعة أسابيع في جزر السيشيل.
فتح خافيير الباب ، وكان على وشك أن يخطو خارجا حين تكلمت غرايس . سألته بارتباك :" أتقصد ان لديك أعمالا هناك؟"
أجابها وقد ظهر توهج ماكر في عينيه :" لا! انها رحلة استجمام ومتعة فقط".
وقبل ان تتمكن من طرح المزيد من الاسئلة وصلت كونسويلا حاملة فطورها ، فاختفى خافيير .
تكلمت الخادمة الشابة وهي تبتسم ابتسامة عريضة ، فيما وضعت الصينية على حضن غرايس ، فقالت:" لا بد انك متحمسة جدا. شهر عسل في جزر السيشيل أمر رومنسي جدا. إن الدوق يتمتع بوجه متصلب لكن قلبه دافئ .... اعتقد ذلك ".
تابعت كونسويلا كلامها فيما جمعت البتلات القليلة التي سقطت على خزانة الادراج ذات المرآة ، فقالت مبتسمة لغرايس :" من المؤسف ان ورودك سوف تذوي قبل عودتك . صمم السينيور هيريرا على قطفها لك بنفسه من حدائق القصر ، لكن الاشواك جرحت يديه فأدمتهما . هل هنالك اي شيء آخر تحتاجينه ، سنيوريتا؟"
فكرت غرايس صامتة أنها فقط بحاجة الى مفتاح يدخلها الى ذهن الدوق دو هيريرا . هزت رأسها وحدقت نزولا نحو الفطور ، فاكتشفت فجأة ان شهيتها قد فارقتها . من هو هذا الرجل الذي تزوجته؟ اعتقدت انه بارد القلب عديم الرحمة ، لكنه تكبد العناء ليقطف لها ازهارها المفضلة لأجل باقة العرس ، والآن سوف يخطفها بسرعة البرق الى احد اكثر الاماكن رومنسية في العالم لقضاء شهر عسلهما . لكنها تذكرت ان خافيير سوف يكون نافد الصبر لأن يستلم موقعه في رئاسة مصرف هيريرا ، وذلك هو السبب الوحيد لزواجه منها .
مرت خمسة ايام ، وما زالت غرايس لا تملك مفهوما واضحا للأشياء التي تؤثر على زوجها. فمنذ وصولهما الى الفيلا الفخمة الواقعة على الشاطئ في جزر السيشيل ، راح خافيير يتصرف بلياقة واهتمام لا تشوبهما شائبة . بدا ساحرا جدا معها ، الى درجة أنها بالكاد استطاعت ان تصدق انه الرجل نفسه الذي اطلق كلبه في اعقابها حين قبض عليها تتطفل على اراضي قصره . اي لعبة تراه يلعب معها؟ لأنها حتما لعبة ما ، أما الذنب فيقع عليها وحدها لكونها تنزلق اكثر فأكثر لتغوص في تأثير سحره.
أمضيا ايامهما يسبحان في بركة السباحة الخاصة بالفيلا او في البحر الازرق الغامق . تمشيا على الشاطئ وهما يتحدثان عن كل موضوع محتمل ، باستثناء والدها واسباب زواجهما . تناقشا بشأن الافلام السينمائية والفنون ، وقام خافيير بإطلاعها على تفاصيل مدهشة بخصوص الكنوز المراكشية الموجودة في قصره . كما قال لها ان بإمكانها الاطلاع على القوائم المدونة يدويا حين يعودان الى غرناطة . لكن غرايس لم تتمكن من اكتشاف حقيقة خافيير هيريرا او الاسرار التي يبقيها مغلقة في قلبه. لم يتحدث عن طفولته مجددا ، لكنها افترضت انه يشعر بالوحدة .

شبح من الماضي "شانتيل شاو"... (روايات احلام )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن