Dark | قاتم

3.4K 274 820
                                    


ذات مساءٍ ككُل مساء من أواخرِ شهرِ نوڤمبر، حيث يعج احد شوراع مارسيليا بحشودٍ كبيرةٍ من الناس، أنزلت السماء قطراتٍ ضئيلة تنبأ بهطولِ غيوثٍ وفيرة، تهاطلت تلك القطرات ببطء واحدةً تِلوَّ الاخرى، فراحَ الناس يتراكضون الى منَازلهِم ويغلقون محالهم

بَدأت تِلك القطرات بالتزايد على عكس عدد البشر الذي بدأ بالتناقص حد النفاذ ، تزايدت القطرات وبدأت تنزل بغزارة كأن السماء تنفجر باكية وصوت الرعد نحيبها ، وكأن تلك السماء سئمت من هروب الناس منها كلما امست حزينةً باكية

جثيتُ على ركبتاي وأَكمحت برأسي الى السماء وتلك القطرات تنهمر عليه وقد شقت الابتسامة طريقها الى شفتاي ، لأُهمهم بصوت شبه مسموع " لا تحزنِ ايتها السماء ، فأنا لن ألوذ بالفرار مثلما فعل بقية الإنس ، الجميع يحمل المواجع والاحزان ، حتى انتِ بلا شك "

بعد ما انهيت كلماتي بدمعة ضاعت بين قطرات الغيث اي دموع السماء ، نهضتُ امضي إلى منزلي الذي لا يبعد سوى القليل ، كنتُ اخطو خطوات متزنة بطيئة حتى وصلت الى منزلي الذي يحمل الكثير من الأسى في جدرانه ذات الالوان القاتمة ، المنزل الذي ورثته من والدي بالتبني ، دخلت خلعت حذائي الجلدي الذي كُنت احتذيه ، وثبت بجسدي على الاريكة المتمركزة وسط غرفة المعيشة ، لم اكن اشعر بالراحة على تلك الأريكة الفاخرة ، كنت اشعر بالوجع وملامح الألم تعتلي وجهي

" منذ اربع سنوات وانا اعيش ببيت كبير كهذا ، اعيش وحدي ، فقط انا معزولة عن التكلم مع أي احد منذ اربع سنوات ، لم يكن عليكَ ان تموت ! "

نطقت بتلك الكلمات وكل كلمة تلحقها دمعة ودمعة تلحق بدمعة حتى اجهجت بالبكاء ، مرت دقيقتان على هذه للحالة ، حتى توقفت وجففت دموعي ، حيث رأيت انه من المُزري البكاء كل ليلة بهذه الطريقة ، فأن البكاء لن يغير واقع الحال الذي اعيشه

نهضت لأبدل ملابسي واجفف شعري المبتلين ، في هذه اللحظات شعرت بأن ساقاي ما عادا يحملانني، حاولت الثبات والوقوف ولكن لا جدوى لأقع على الارضية الباردة ذات الملمس الناعم بجانب احد تلك الجدران القاتمة التي لطالما كانت اكثر ما احببته بهذا البيت

اخذت اتلمس الجدار بيدي اليمنى لأنطق بتفحص " مرحباً ايها الجدار ؟! "
لم احصل على رد ، هذا لا يهمني لاني اعلم ان ليس بمقدور الجدران الكلام ، لكنني انتابني شعور يدفعني للتحدث اكثر مع هذا الجدار

" اذن هل هل بمقدورنا ان نغدوا اصدقاء ؟! ، صحيح ، انا اعيش هنا معك منذ اربع سنين لكنني لم اعرف عن نفسي "
لكان احد غيري لأحس ببلاهته لانه يكلم جداراً اما انا فأشعر براحة شديدة

𝐃𝐚𝐫𝐤 𝐰𝐚𝐥𝐥𝐬Where stories live. Discover now