نبضة أمل

61 3 3
                                    


في ليلة معتمة غاب عن سمائها البدر ، تقاوم تلك المدينة العتمة بأضواء شوارعها الخافتة و لوحات محلاتها المغلقة ، أمام باب منزل صغير مكون من طابقين صرخت فتاة ترتدي فستان أبيض طويل جزءه العلوي ناعم قد كشف عن كتفيها و جزء كبير من ظهرها و جزءه السفلي مخملي من الخصر حتى الاطراف ترتدي قفازات طويلة و حذاء عالي بنفس لون الفستان واضعة أحمر شفاه تناسق مع لون بشرتها الفاتحة يعلو رأسها تاج صغير ذات شعر شديد اللمعان يناهز لونه شدة عتمة تلك الليلة في وجه صبيين و فتاة وقفوا امام باب بيتها آمرة إياهم بالعودة إلى منازلهم حاملين بأيديهم صناديق لطيفة قد لفت بعناية و حرص .

غضبُ تلك الفتاة منعهم كلياً من فكرة المفاوضة للدخول ورؤية صديقهم القاطن في الطابق العلوي مستلقياً على سريره يراقب البريق الذي رسمته النجوم مرصعةً تلك السماء المعتمة.

بخطوات ثقيلة تفرغ غضب تلك الفتاة التي انتصف عمرها عقده الثالث قاصدة غرفة أخيها الوحيد الذي ينتظرها في غرفته، قاطع سيرها وقوف أمها أمام باب غرفته الصغيرة قائلة بنبرة غاضبة: لم يكن تصرفك لائقاً البتة و ...

قاطعتها على الفور: تعلمين مسبقاً أن هذا ما سيحدث، لن أسمح لأحد برؤيته في يوم ميلاده.

تجاوزتها بلطف محاولة تهدئة أعصابها داخلة غرفة اخيها الأصغر مغلقة إياها بإحكام.

أبقى ذلك الفتى عينيه الصافيتين محدقة إلى السماء عبر تلك النافذة الواسعة لدرجة ان السماء انعكست بجمال سوادها وتلألؤ نجومها في مقلتيه مرتسمة على محياه ملامح الهدوء والارتياح.

كان يرتدي ثياب نوم منزلية واسعة زرقاء اللون بأزرار تحكم اغلاق قميصه الطويل بالكامل، أشبع رئتيه الهواء البارد الداخل عبر نافذة غرفته المفتوحة ونطق بمرح: ألن تكفي عن ذلك أختاه؟

في لحظة اختفت علامات الانفعال عن ملامحها ثم جلست على كرسي كان ملاصق للسرير الذي كان مستلقياً عليه مع ظهور ابتسامة مرحة مفعمة بالسعادة: لم أخل أن صوتي سيصل لغرفتك لكنك تعلم أنك لي فقط اليوم يا صغيري الوحيد، عيد ميلاد سعيد أخي العزيز.

ضحك بخفة مع ارتسام ابتسامة لطيفة: شكراً لك اختي لكن هل وصل حظر الزوار عني لدرجة أني لم أرى والديّ اليوم حتى؟

احمرت وجنتاها من الخجل مع إمالة نظرها الى طرف السرير لتبعد نظراتها عنه، لم يقاوم منظرها وهي تحاول التهرب من النظر إليه مباشرة فضحك محاولاً منع نفسه القهقهة فتبعته هي حينما شاهدت السعادة قد ملأت عيناه التي لطالما سُحرتْ بهما.

بعدما توقف كلاهما ظلت تتأمله و هو يبادلها النظرات، بدت و كأنها سرحت و هي تحدق به بميلان رأسها لليمين و انحاء الجزء العلوي منها قليلاً للأمام، اعتاد ذلك الفتى على نظرات اخته التأملية و كأنه كائن أتى من كوكب آخر لكنه تفاجئ هذه المرة من اقتراب وجهها منه شيئاً فشيئاً حتى أنه شعر بأنفاسها المتسللة من بين شفتيها تلامس شفتيه السفلية، تسمر مكانه متجمداً بلا أدنى حركة أو تنفّس أو دقة قلب.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Aug 20, 2018 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

نبضة أملWhere stories live. Discover now