بَائِسٌ أنتَ؛ لَا تَعرفُ لِلحياةِ ذَائقةً، لَا يَحِقُ لِثَغركَ الأَرعَنِ النُطقُ بِبِنتِ شفَةٍ، فقدْ كُنتَ سَلِيلَ النُورِ المُسْتَتِرَ تَحتَ جُنحِ الغَياهِبِ.
رَفِيقُ القِمَارِ أنتَ يَا فَتَى الفَراشَةِ، وَرِهَانُنَا رُوحُكَ الثَكلَى المُبتئسَة.
كَان رَونَقُ حَيَاتِكَ هَشًا، لَا يَقوَى عَلى تَحَمُلِ عَثَرَاتِ الحَياةِ وَيَهوِي عِندَ أَبْسَطِ العَراقِيل؛ إلَا أنكَ يَا فَتَى الفَراشَةِ لَطَالَمَا تَبَسْمتَ مُقَوِسًا شِفَاهكَ، وَمُضَيِقًا أحدَاقكَ البَراقَةَ بِأسًى. مَا دَمَتْ أحدَاقُكَ دَمعًا يَومًا، مُبتَهِجٌ كـ"التِيلِيتَابِيز" أنتَ، وَفي بَاطِنِكَ تَتَرَنَحُ جُثَثُ أَتراحِكَ، ثُمَ تَكْبُو قاطِنَةً بَينَ دهالِيز قلْبِكَ عَلَى وجههِ وَقَفاهُ!
بِئسًا حَاوَلتُ أَسْوَ قُرُوحِكَ مِن البَعِيد، فَمَا بَعدَ بَسمتِكَ الفَاتِنَةِ تِلكَ تَسْقُطُ دُموعُكَ خِفيةً، فِي قَلبِكَ عَلَى أقلِ تقديرٍ.
وَفِي حينٍ أَشَحتُ فِيهِ أَبصَارِي عَنكَ، عُدتُ لأُدرِكَ جَريرَتي! يَا فَتى الفَراشَةِ؛ لَا تَقُل شيئًا، لَا تَنبِس وَلَا حَتَى ببِنتِ شَفَةٍ، فَقَط أعطِني بَسمةً!
أعِد تَقَوُسَ ثَغرِكَ الآسِر، وَفُكَ عَنِي لَعنَةَ خَطايا هَذِه الرُوح الآثِمة!
-الأوَل مِن أكتُوبَر 2025، بَارك لَاتُويَا.
---
أزْهِرِي يَا فَتَاةَ الأُقْحوَان وَلَا تأبَهي لِي، فعَبيرُكِ فَواحٌ إلَا أنهُ يَخنِقنِي! مَلاكٌ مُلَطخٌ بَشُجونِي أنَا، وَأخشَى عَلَيكِ مِن سَخَطِي وَوَهَنِي.
شَظَايَا كَيان الكَسِيرِ أَنَا، جُرحٌ لَا يَبرأُ أزمُنًا. عَندَليبٌ فَاقَ صَوتهُ الأنغَامَ عذوبةً، فَمَا لِي أعجَزُ الغناء؟
أنبِشُ فِي أجداثِ الماضِي السَّحِيق مُستَذكِرًا ذَوِي السَوَادِ قُرابَةَ المَبنى الأبيضِ، حينَ نَبَسَ العَجُوزُ لِلغُلَامِ الذِي يَجحَده بِأقْرَاصِ الشَّمسِ فِي عَيْنَيهِ، والذِي لَم يعِ -حِينَهَا- أنهُ سَيَغدُو فَتَى الفَرَاشَةِ البَائِسَ.
"أَتَعلمُ أَيُهَا الصَغِير، مَن هُم؟ إنهُم أولَئِكَ البَائِسُونَ، الَذِين لَا يَبكُونَ وَبِبُؤسِهم هُم مُقتَرِنُونَ."
بَائسٌ أَنَا لِجَهلِي يَا أيهَا الجَد، بائسٌ لِضَعفِي وَعجزِي عَنْ مُسَاندَتِهَا...
بائِسٌ أنَا وَسأبقَى بائِسًا!
لَا أستَطيعُ تَصديقَه، كُل هَذَا يَبْدُو كحلم، حلمٌ أعْوَجٌ يفتك بأوجاعِي.
"يَا فَتاة الأقحُوانِ، لَا تُحاولي التَلاشي!"
أصرُخ بِهَا فِي سِري، وألقِي كَلِماتِي السَامةَ عليكِ عَلانِيةً؛ إلا أنكِ مَلاذُ فَتى الفَراشةِ الوَاجِم، فَتَى الفَرَاشَةِ الذِي يَخشَى رَحيلَكِ كَمَا فعَلت هِي.
YOU ARE READING
فَتَى الفَرَاشَة. | J.JK
Short Story"أَتَعلمُ أَيُهَا الصَغِير، مَن هُم؟ إنهُم أولَئِكَ البَائِسُونَ، الَذِين لَا يَبكُونَ وَبِبُؤسِهم هُم مُقتَرِنُونَ." نَبَسَ العَجُوزُ لِلغُلَامِ الذِي يَجحَده بِأقْرَاصِ الشَّمسِ فِي عَيْنَيهِ، والذِي لَم يعِ -حِينَهَا- أنهُ سَيَغدُو فَتَى الفَرَاش...
