جزء بلا عنوان 1

12 0 0
                                    


"لا بأس، فمهما حدث تغرق السفينة وقبطانها قبطانها".
لمست احدى النسمات الباردة بشرة وجهي المتشققة في ليلة كاحلة السماء، الغيوم متشبثة ببعضها البعض فلم يسعني رؤية نجمة الشمال، صوت الصارية يضايقني أكثر من ضوضاء المسامير الصدأة واخشاب الأرز العفنة، صحيحٌ انني لا أعلم أين انا ولكن لا بأس، فمهما حدث تغرق السفينة وقبطانها قبطانها.
مرت ثلاثة أيام منذ آخر لحظة رأينا بها اليابسة، بوصلتي معطلة، كلبي جائع والأهم من ذلك أن طاقمي أيضا، أيجب علي أن اطعم كلبي أم طاقمي؟ أظن انه من واجبي أن اطعم طاقمي أولا، فهم مرتزقة، إذا جاعوا أكلوني وأليفي من قبلي كفاتح شهية..
وهذا الغلام هناك، ما له يترصدني منذ أمس، حركاته وهمساته ووسوساته تضايقني، هل يمكن أن يكون في نيته أن يغدر بي ويسلبني أعز ما أملك؟ سفينتي أنا؟! كلا، فمهما حدث تغرق السفينة وقبطانها قبطانها.
غلبني النوم، ما ألطف أن تصحو على لعق الكلاب لوجهك، الشمس في الأفق، بالطبع نحن في ظهر اليوم، الرياح ملائمة للملاحة، اشتقت لزوجتي، عروس حياتي وعفيفة قلبي، سهيلي اللامع في السماء، أين سينتهي بها وبي المطاف يا ترى؟!
تحركات ذلك الفتى ما زالت تضايقني، هذه المرة لا يجلس وحيدا فقد التف حوله جزء من الطاقم، يا ويلي لا يمكنني الجزم لما يخططون، لا بأس، فمهما حدث، تغرق السفينة وقبطانها قبطانها.
كلبي ينبح، يبدو أنه يرى ما لا ارى، ينظر كلبي لذلك الفتى الشاذ، هل يتحتم علي أن اؤمر برميه من السفينة؟ كلا، قد يدافع عنه الطاقم ويسلبوني اياها، كلا كلا، سأفعلها انا بنفسي فكلبي لا يكذب ولن ينبح تجاهه من الفراغ!
منتصف الليل، الطاقم نيام، خطواتي الخفيفة تصدر صريرا صاخبا بالفعل، وجب علي أن أصلح السفينة قبل انطلاقها، سكيني ملتصق بيدي، كلبي أبى أن يأتي معي ليشهد، تسحبت نحو البقعة التي يتقوقع بها ذاك الشاذ لأنحر عنقه، خطوة، التالية فالأخرى، وها هى رقبته أمامي..!
ماذا! أين ذهبت! أين أنا! من هؤلاء؟! أزياء وأغطية رؤوس بيضاء اللون، حراس جبابرة الأجساد وغرفة واسعة جدا وموصدة بباب حديدي صلب، هل دخلت مثلث برمودا؟! ولو حتى، أين ذهبت سفينتي؟! وأين كلبي العزيز؟ ولماذا يبدو هذا الحارس البغيض مثل الفتى الشاذ؟! اللعنة!
انه يتقدم نحوي، لما يا ترى؟! يسحبني كالماشية نحو غرفة صغيرة داخل الغرفة الكبيرة، لماذا يجلسني على هذا الكرسي؟! ولماذا يضع حول رأسي هذه المجسات الغريبة؟!
صدمة تلو الأخرى ويعرض أمامي مرئيا وسمعيا وبالكاد حسيا بعض المشاهد الغريبة لشخص يشبهني، هل انا فعلا ذلك الشخص حسن المظهر والخلق؟ هل اولئك اطفالي حقا؟ كلا البتة..ليست هذه زوجتي بالطبع!
يا ويلي، يا ويلي لا استطيع الحراك حتى لأحك أسفل ظهري، وذلك الشاذ يترنح أمامي في سعادة مرة أخرى، ماذا تريد مني ايها اللعين!!
ألن تتحسن أبدا يا صديقي؟ قالها ذلك الشاذ لي وهو يبدو على وجهه القلق والحزن المفاجئ، وتابع قائلا:((ألا تتذكرني يا زميل الدراسة ورفيق الكلية؟))
لعلكم أدركتم الآن مثلي أنني مريض نفسي، حتى وإن لم تدركوا، الأهم أن تدركوا أن حياتكم سفينة لا ينبغي لها ان يصدر منها صوت الصرير او رائحة العفن، ولا يكون على متنها مرتزقة مؤقتين او الشواذ البغضاء المعكرين لصفو رياح الصارية، حتى وإن كانت كذلك فلا بأس، فهما حدث تغرق السفيتة وقبطانها قبطانها.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 25, 2020 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

جمال مغضوب عليهWhere stories live. Discover now