الفصل الخامس

347 29 4
                                    

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد
قراءة ممتعة

********************
أمسكت يد شقيقها تستشعر الدفئ من رهبة هذا المكان البارد الذي يضم بين ثناياه أرواح كثيرة تنام هنا بهدوء بجانب بعضها البعض، حاوطها شقيقها بذراعيه يشد من أزرها يحاول منحها القوة لأكمال هذا الطريق الذي أصرت هي أن تلقي نظرة الوداع الأخيرة على قبر والديها العزيزين، سار الإثنين حتى وصلا أمام قبرين لا زالت الورود التي وضعت عليهما كما هي وكأنها وضعت الأن وليس قبل أكثر من أسبوع!! يقول الله تعالى في كتابه المقدس ( الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ). صدق الله العظيم .
تذكرت عرين هذه الأية وهي ترى النور يشع من قبريهما لتبكي برهبه بعد أن شعرت برجفة تجتاح جسدها من جديد.
جلست أمام القبرين بينما وقف عروة يقرأ ( الفاتحة ) خلفها يود أن يكون الجبل الذي سيلتقطها وقت إنهيارها بأي لحظة، كذلك وقف فهد يطالع المشهد بألم على حال صديقه وتلك المسكينة التي بدأت تنحب بقوة قائله :
- اشتقتلكم كتير يا نور عيني، اشتقت أضمكم وأنام بحضنكم، اشتقت لحنانكم وحبكم وخوفكم عليا، نفسي أكون بحلم بكابوس يا بابا وإني رح اصحى ألاقيكم قاعدين بالصالة زي العادة، ماما اشتقتلك وانتي بتسرحيلي شعري وانا أكون نايمة على رجليكي، قومو أرجوكم قومو...

لم تستطع أن تكمل بسبب سيطرة الدموع عليها التي جعلتها تشعر بإختناق الكلمات في جوفها ليهبط عروة على مستواها يحتضنها بحب ممزوج بألم حاول أن لا يظهره أمامها حتى لا تنهار أكثر، بينما ترقرقت الدموع بعيني فهد على هذا المشهد الحزين ليتقدم ناحيتهما يهتف  :
- ادعولهم بالرحمة وبلاش عياط يا عرين علشان باباكي ومامتك ميزعلوش منك .

مسحت دموعها بقسوة تهتف :
- لا لا ما بدي ماما وبابا يزعلو مني!

سكتت قليلا لترسم إبتسامة واسعة على شفتيها تهتف لهما من جديد :
- شايف يا بابا شايفة يا ماما أنا بضحك أهو متزعلوش!!

في ذاته أقسم بأنه لم يتعرض لموقف مؤلم بحياته بقدر الأن! ود لو أن ينتزعها من بين ذراعي شقيقها يدخلها ذراعيه يحتضنها بقوة قادرة على تعويضها هذا الألم، ود لو يمسكها من ذراعها يحدق بعينيها يخبرها بأن تتوقف عن ذلك فهي زعزعت كيانه بأكمله ببراءتها وعفويتها وسحر الأسود الذي ترتديه!

قذف تلك الأفكار المجنونة من رأسه ليهتف بجمود :
- يلا يا عروة خلينا نمشي بلاش نتأخر!

اومأ له عروة بتفهم لينهض يهتف لشقيقته :
- يلا يا حبيبتي!

احنت رأسها لتقبل قبر والدها أولا تهتف له :
- مع السلامة يا بابا .

ومن ثم نهضت قليلا لتتجه ناحية قبر والدتها لتقبله أيضا تهتف :
- مع السلامة يا ماما .

فرصة حب Where stories live. Discover now