غريب الين و اليانج

418 47 15
                                    

أعرني انتباهك للحظة يا صديق، فلدي لك تحدي حله إن استطعت، فريقنا مكونٌ اسمه من أربعة أحرف، وأمامك أربعة ألغاز جد اسمنا فيهم، وحل لغزنا إن استطعت.

◇◇◇
يجلس واضعا ساقاً فوق الأخرى يحدق في ذلك الرجل الأربعيني المريب، لا يصدق أنه سمح لرجل غريب بدخول منزله، كيف له أن يسمح لرجل أربعيني غريب بأن يدخل منزله؟ إنه ليس شيخًا كبيرًا يحتاج إلى المساعدة، ذلك الرجل قد يكون قاتلا أو سارقاً، ولكن جل ما فعله منذ أن دخل هو، أن جلس إلى طاولة المطبخ الخشبية وطلب قدحًا من الشاي، ثم جلس يحدق في لعبة الشطرنج خاصتي والتي كنت قد تركتها على الطاولة، ذلك الرجل يشرب الشاي ببطء يغضبني، فلينهي كأسه ويغادر فحسب، أخيراً وضع الكوب الفارغ على الطاولة، ولكنه وبدلاً من المغادرة، قام بإعادة ترتيب قطع الشطرنج، هل يظنني مجنونا لألاعبه؟
بعدما أعاد ترتيب القطع أخذ قطعتين مختلفتي اللون ثم أخفاهما خلف ظهره وبدلهما، ثم وضع كلتا مرفقيه على الطاولة ويداه مغلقتين، وقال:
-اختر.
قلت باستنكار وحدة:
-هل تظن لأنني استضفتك في منزلي فإنني سوف ألعب معك الشطرنج؟
بينما قال هو بهدوءٍ مفسراً:
-لقد أكرمتني بالجلوس في هذا المكان الدافئ وأعطيتني كوبًا من الشاي اللذيذ، وفي المقابل سأرد لك معروفك.
-هل تظنني سيندريلا؟ هل ترى نفسك عرابتي؟ ثم كيف ستكرمني عن طريق لعبة شطرنج؟
لم يعقب، ولكنه مد قبضتيه، ورفع حاجبيه لي بمعنى "اختر"، زفرت بحنك، أشرت ليده اليمنى بإهمال وأنا أتوعده في صمت بالطرد إن كان كاذبًا، فتح قبضتيه فظهر أني قد اخترت اللون الأسود، أعاد القطعتين إلى مكانهما، ثم قال وهو يحرك إحدى قطعه:
-اختيارك موفق، اللون الأسود.
قلت بضجر وأنا أحرك إحدى قطعي بإهمال:
-إنه لون، ما المميز به؟
-لا يبدو أنك تمتلك معرفةً بقيمة هذا اللون، إن الألوان التي نلعب بها أيها السيد هي أساس النفس البشرية، الين واليانج، جميعنا بداخلنا كلا اللونين، بعضنا اختار أن يكون أسودًا وبعضنا اختار أن يكون أبيضاً، والبعض احتفظ بكلاهما الين واليانج.
-وما شأني بكل هذا؟
-سوف نلعب لعبة إن نجحت بها سوف أرد لك معروفك ضعفين، وإن لم تفعل فلن تلقى مني شيئًا.
صحت فيه بغضب:
-ولكن ليس هذا ما اتفقنا عليه في البداية، لن أكمل.
-ولكنك بدأت بالفعل، ولم يعد هذا خيارك، لقد اخترت الأسود، صحيح؟ لنرى.
حرك إصبعه فوق قطعي مفكرًا، قبلما يرفع قطعة الملك وينظر نحوي قائلاً بطريقةٍ أرعبتني:
-ين، رحلتك سوف تبدأ الآن، إنه لغزك الأول، جده.
سألت أنا لا أفهم شيئاً:
-ما هو الذي يجب أن أجده؟
-حرف، حرف تكرر في اسمه واسم عدوه اللدود، هيا أسرع فنحن لا نمتلك الوقت.
لم أكن أفهم شيئاً، ولا أرغب في الذهاب إلى أي مكان، لن أتزحزح من مكاني، ولدي العديد من الاعتراضات، ولكن.. لكن رأسي ثقيل، والأرض.. الأرض تدور، وآخر ما أذكره هو ارتطام رأسي بالطاولة، ثم أظلم المكان.

"لقد وضعت دائمًا حدودًا للتعامل مع الغرباء، ولكني لا أعلم ماذا حدث ولماذا هذا الشخص غريب الأطوار بالأخص؟ وها أنا هنا غارق في أفكاري بعد محادثه صغيره مع رجل يناهز من العمر الأربعون عامًا، وهذا اللغز الغريب الذي أجهله ويتحداني بقوله "حلها إن استطعت" فهل ستساعدني صديقي العزيز وتمد يد العون لي لحل هذا اللغز؟ ولكن تذكر أنه ليس من السهل اجتيازه لكن هذا لا يعني أن الأمر مستحيل، وتذكر أيضًا أن الخير والشر هما اللذان يخلقان التوازن في العالم مثل الين واليانج تمامًا، ولا تنسي أنه لم يفت الأوان بعد لمناورة صغيرة تخلق من الامير وحشًا."

حلها إن استطعتWhere stories live. Discover now