فإِنِّي

103 28 10
                                    

"ومن هو على أية حال كي يتدخل في شؤون ما لا يعنيه؟ ليس علي القلق عليه، أو الندم على قساوتي معه، أو حتى التفكير به، هناك ما أهم بكثير منه. "

هكذا كانت تتساءل داخل عقلها، وهي في طريقها نحو شقتها أخيرًا. لما وصلت، وجدت المشتري الجديد قد قرر الرحيل لتوه.

- سييل! لقد تأخرت، وقلقت عليك حقاً.. ماذا وقع لك؟

قال بصدق، ذلك الشاب الثلاثيني الوسيم، الذي يرتدي قميصا أبيض يُظهر عضلات صدره وسروالا رماديا غامقا يتماشى معه. ابتسمت سييل بلطف وأجابت:

- آسفة جدا رودريك، لقد كانت وسائل النقل منعدمة تقريبا لذلك تأخرت. فلنتفضل داخل الشقة، إلا إن كنت قد غيرت رأيك.

- بالتأكيد لم أُغيره، إنها شقة رائعة وقد أحببتها كثيرًا، بالإضافة أن خطيبتي لورينا متشوقة للانتقال إليها. 

- سعيدة لسماعي بذلك.. تكلمت بابتسامة مترددة، ثم تابعت: لا يخفى عنك أنني أحب هذه الشقة حبا جما، وقد قضيت فيها ذكريات دافئة لن أنساها أبدا. بعد الآن، ستكون شقتك الخاصة، لكن الذكريات ستبقى ذكرياتي. 

ضحك رودريك الذي لم يكن يعرف ما تقصده بخفة، وأردف:

- لا شك أن ذكرياتك ستحس بالوحدة إن رحلتِ عنها..

- لا يا رودريك، ستنضم إليها ذكرياتك أنت ولورينا ولن تحس بالوحدة أبدا.. قالت له ثم تابعت كلامها بهمسٍ لم يسمعه: أنا التي سأكون الوحيدة.

بعد إتمام إجراءات الشراء، تمنت سييل الخير لرودريك وخرجت من الشقة بسعادة مزيفة. لم يبق لديها شيء غير حقيبتها الصغيرة التي تحمل داخلها سروالين وسترتين، دِفترًا وقلمًا، وأحمر شفاه وعلبة سجائر. 

--------- 




التعيس | Le Malheureuxحيث تعيش القصص. اكتشف الآن