الهاتف

68 3 2
                                    

كان يشاهد مقطع فيديو على هاتف والده ؛ ثم سُمع صراخه بعدها ومن ثَمَ فقد النطق.
‏لقد كان الطفل من قبل هذا النوقف  ضحوكا  مرحا فما الذي حدث ليخرسه هكذا.
‏وحين كان الاب يتصفح هاتفه وجد مقطعا مصورا فيها خدعة مرعبه قبل انتهاء الفيديو يخرج مخلوق مخيف ليصرخ صرخة تنقطع لها الانفاس، انفزع الأب من المشهد الذي رأه وحدث نفسه مالذي نفعله بابنائنا بتلك الهواتف، نفرح لنضج وعيهم ولكن ليس كهذا.

إعتاد الأب ومنذ فترة أن يقوم بتشغيل هاتفه على اليوتيوب ليلفت إنتباه طفله الصغير ظنا منه بان جذب انتباهه الى الشاشة الصغيرة ينمي فيها التركيز والنضج والذكاء، يريد لطفله ان يكون مواكبا لتكنولوجيا عصره فيما بعد.
وكانت الام حين تريد إسكات طفلها عن صراخه تجذب انتباهه وتلاعبه وحين يضجر وتكل هي الاخرى تأتي بطفلها الى الشاشة الصغيرة لتشغل نظره وسمعها بها فيسكو عن بكائه.
إعتاد الصغير على ملازمة الشاشة الصغيرة منذ نعومة أظفاره هو لا يعي شيئا مما يراه سوى المشاهد المتخركة والاصوات الصاخبة، وكانت مراقبة الابوين فى باديء الامر فى اشد حالاتها نظر لصغر سن طفلهما، حتى اذا بدأ الطفل يشتد عوده وبلغ عامه الرابع اعتادوا تركه والهاتف، يأتي فيه بأي مشهد يرده دون صعوبة لقد تعلم جيدا، وبينما يقلب الطفل فى المقاطع الكثيرة امامه، ظهر له كرتون مصور عن لعبة عرضت فى مسلس اجنبي  الموتي الأحياء، وبعض المقاطع لسبايدر مان وهالك ومجموعتهما، ويتابع الطفل كل يوم المشاهدات، ويقترح البرنامج له فيديوهات جديدة على نفس الوتيرة نظرا لسجل المشاهدات السابقة، حتي اصبحت كل مشاهدات الطفل لمقاطع فيديو دمويه ومرعبة.
بدا الطفل مرحلة الانعزال مبكرا، لا يجلس الاوحده ولا يسكت عن البكاء الا اذا اخذ الهاتف بين يديه حتى يغلبه النعاس وهو يشاهد، بدات عيناه وعقله ينصبان كل تركيز لهما على الهاتف وما فيه من مشاهد تجذب انتباهه وتسترعيه، حتى أدمنها كإدمان المخدرات، واي مخدر هذا الذي يتعاطاه طفل فى هذا العمر، هو السم فى العسل الذي تسرب رويدا رويدا حتى تملك من عقله، أصيب الطفل   بشيء من التوحد، يتفزع ليلا ويقوم من نومه صارخا، تهدأه أمه فى أحضانها فينام، تزايد الامر مع مرور كل ليلة حتى اصبح لا يحتمل.
وبدأ الطفل فى الامتناع عن الطعام والاكتفاء بقطع من البسكويت، والاندومي، والشيبسي، حتى أصيب بضعف عام وهزال.
سقط الطفل مغشيا عليه فوق الهاتف، دون أن يراه أحدا، وحين رأته والدته ظنت بأنه قد نام فوق الهاتف، فحملته  الى منامه، وبعد مرور فترة قاربت من الثلاث ساعات، دخلت الام لتلقي نظرة على طفلها فأذا بجسد عبارة عن قطعة مجمدة من البرودة، ووجهه الشاحب يتحول الى الزرقة، صرخت عدة صرخات وحملتة فى حضنها، دخل الاب يتحسس طفله، يحاول ايقاظه دون جدوى، حملاه واسرعا الى اقرب عيادة لفحصه، وحين وصلا الى عيادة الطبيب واثناء فحصه تبين أن الطفل مات، نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدمويه، لقد توفي الطفل منذ ساعة على اقرب تقدير.

أحاديث المساء(قصص،خواطر،مقالات، قصائد) Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ