Exotic Flower

1.6K 57 55
                                    

ليل نابس خيم على سقف حديقة مهجورة .. تُعّمر أرضُها اعشابا مصفرة و حشائش ميتة قضا عليها زمان يائس لا يرحم ..ليس بها سوى شجرة واحدة علية عجوز .. لم يتبقى من مجدها سوى ملامح دكريات الربيع الماضية  .. كرسي خشبي يتحرك ببطئ اماما و وراءا  مخلفا ورائه انينا بائسا و كأنه يعيد خيبة سِنينه و يحصيها .. جالسة في حضنه فتاة كل ما تبقى بها من معالم الحياة  جسد ، جسد ضئيل الحجم يلتبس فستان اسودا ينافس عتمة السماء .. كأنه لم يضئ به من قبل قمر .. و لم تعرف اشعة  الشمس طريقها اليه قط .. على يديها كومة قطن رماديٍ تخيط بها ربما شالا بئيسا .. وربما قصة غابرة اكلها الزمن .. صوت محدق صدح كعادته ، كان غناء مفتك للروح مصدره دواخل الفتاة الخالية ..إِغوال كعويل الابكم يطمس بشجنه غيهب الحديقة .. أيام وراء أيام ، شهور وراء شهور ، أعوام وراء أعوام ، أعمار وراء أعمار ، و الحديقة لا زالت تغتبس انفاسها بضلام الليل الحَّالك و شقاوة دندنة الفتاة .. الشال القطني رمادي اللون اصبح طويلا لكن روحه كانت معلقة بين مأساة الابرة و يد الفتاة .. و في لحظة بين النور و العتمة .. بين الموت و الحياة .. خرجت من أرض الحديقة زهرة بيضاء اللون تحت الشجرة المخرفَة .. تجّلت براءة و رحمة الكون بها .. جميلة أخادة تذيب عين الناظر فتنةً .. جسّدت الأمل و الملائكية بها .. تبعتُ المطأنينة في القلوب ..و كأنها جائت لٌتواسي الحديقة البئيسة ، توقفت الفتاة عن الغناء تم استقامت مقتربة للوردة البيضاء .. إنفتحت الوردة كاشفة عن رحيقها و جوهَرها البلّوري .. لِوهلة ضنت انها قد نبَتت في الجنة .. إبتسمت الفتاة و جمعت شالها الطويل جدا تم لَوته على عنقها .. شعرت بالدفئ ! .. مدت يديها ملتمسة اوراق الزهرة الناعمة .. شعرت بالخوف ! ضحكت .. شرِدت قليلا في نقاء و طهارة الوردة .. كشرت ملامحها .. رجعت إلى الخلف قليلا .. تم عادت الى النحيب المقنط .. اختفى البريق الدي نشرته الوردة في الحديقة ، لكن الوردة بقيت مشعة متوهِجة .. بياض صافي جَلي واضح .. أثار غيض الفتاة .. حركت الفتاة الكرسي الى جانب الوردة .. تم علقت نصف شالها الطويل على غصن الشجرة المريضة .. و تركت نصفه الاخر ملتويا على عنقها .. صعدت فوق الكرسي تم نطقت للمرة الأولى :

"لا أحد يولد في هدا العالم طاهرا و يبقى طاهرا.. كلنا نصبح مسوخا متسخة الأرواح و الضمير .. لا ترحيب في نفوسنا بشيئ سوى الضلام .. الضلالة  و الوحشية نطفة لا تزوح و لاتزول من كل دواخل امرء منا ، اشرعة الانسانية التي بنيناها ستموت و تقع مع اقنعة النفاق التي ارتديناها ، ستضهر  حقيقة اننا لينا سوى  وحوش تجيد فن القتل و الاستبذاد ، خلقنا لنرتكب جرائم و خطايا تخلف بجوارحنا الحقد و الكراهية الركيكة .. و تطعن روح الانتقام بنا كجرحٍ عميق لا هو ينزف و لا هو يلتأم .. لأنها الجّحيم التي يقودها الشياطين .. نعم نحن على بِرِّ الجحيم . "

اسقطت الفتاة الكرسي من تحت قدميها تم بدأت تتخبط معلقة في السماء ، غادرتها روحها بسرعة و كأنها كانت تنتضر الوداع .. توقف جسدها عن الحركة .. فجأة ، استهوى جسدها الارض و بقي رأسها معلقا بشالها الرمادي فوق غصن الشجرة .. كأنه يأبى بُعد السماء. قطرة دم سقطت على الوردة البيضاء ملطخة اوراقها ، لحقت بها التانية ، تم الثالتة .. حتى تَصبغّت الوردة بلون الدم الفاسِد .. و ذُبل بريقها .. و أُزيلت نقاوتها .. و ماتت صفاوتها .. و نما الشوك على رحيقها .. و زرع السّم بها .. و صارت تنشر الرعب في كل أركان الحديقة .. و باتت من وردة تفتن الابصار الى وحش تقتل من يقترب اليها .. حتى اصبح الجميع ينادونها خشية و تبجيلا :

Heaven of Hellحيث تعيش القصص. اكتشف الآن