الفصل السابع

16.5K 487 64
                                    

كل ما في هذا الكون، قابل للتغير؛ رجاءًا لا تطلب مني الثبات..!!"
"بكوفسكي تشارلز"
-------------------
على ماذا تعاقب هي؟ لاتعلم، ولكن كل ما تعلمه، أن لا يوجد احد يهتم بها ولا بحياتها، لا احد يشعر كم ان شعور التخلي والوحدة قاتل بالنسبة لها، ظلت الأفكار السوداوية تداهمها إلى أن وجدت ذاتها تلتقط أحد قطع الزجاج بين يدها وترفعها أمام نظراتها الضائعة تنوي فعل ما هيأه لها شيطانها، فإذا هم يستطيعون التخلي بتلك البساطة، فالآن حان دورها وحقًا هي غير عابئة حتى لو كان الثمن حياتها فقد قربت قطعة الزجاج من معصمها ببطء شديد بأيدي مرتعشة وهي قاب قوسين أو ادنى من تحقيق غرضها لولآ تلك اليد القوية التي دفعت ما بيدها وتلاها صراخها :

- يا لهوي .....يالهوي بتعملي ايه يا ست البنات عايزة تموتي نفسك

رفعت نظراتها الباكية وصرخت بانهيار تام وبنبرة هستيرية :
- سبيني يا داده انا حياتي متفرقش مع حد سبيني اموت وارتاح

استغفرت" مُحبة" ودمعاتها تنسل تشاركها بأسها ثم اسرعت بجلوسها في جوارها بعدما ازاحت بعض القطع بطرف تنورتها الفضفاضة وضمتها في حنو شديد مواسية :

-استغفري ربنا يا ست البنات عايزة تموتي كافرة و تغضبي ربنا

فكرت بالأمر لثوانٍ عدة قبل أن
تنفي برأسها ودمعاتها مازالت تنهال على وجهها صارخة بقهر :

-بس ......انا تعبت ومش عايزة اعيش لوحدي

أجابتها "مُحبة" في عطف :
- أنتِ مش لوحدك .....كلنا جنبك يا بنتي استهدي بالله واستغفري ربنا وبلاش الأفكار السودا دي تسيطر عليكِ

خرجت "ميرال" من أحضانها وصرخت بعدم اقتناع :

- لأ أنا لوحدي وأفكاري مش سودا تقدري تقوليلي
ذنبي ايه يا داده الست اللي جابتني للدنيا اتخلت عني وهاجرت برة البلد وعايشة حياتها مع جوزها وعيالها ونستني .........نستني يا داده

قالت أخر جملة بنبرة ممزقة وهي ترفع الهاتف أمام نظرات" مُحبة "التي أحتل البؤس ملامحها وجذبت الهاتف من يدها وهي تراها تتكور على ذاتها و تضم ركبتيها لصدرها، لتصيح بها معاتبة :

-بلاش تعملي في نفسك كده يا بنتي والله هي ما تستاهل ظفرك، وانا قولتلك الف مره بلاش تتابعي أخبارها مش بتاخدي منها ومن سيرتها غير وجع القلب

زاد نحيبها وقالت بِصوت مختنق يأس لأبعد حد وهي تتأرجح في جلستها للأمام والخلف بعدم اتزان :

- حاولت والله ومعرفتش......معرفتش يا داده
= طب استهدي بالله يا بنتي

قالت جملتها وهي تقترب منها تحاول السيطرة على حالتها تلك بين أحضانها ثم أخذت تربت على ظهرها بحنان بالغ،وهي تقرأ لها  آيات من القرآن كي تبث بها السَكينة، دقائق عدة مرت حتى هدئت وصعدت لفراشها، وإن اطمئنت "مُحبة" انها غفت نظفت الفوضى و خرجت وهي حائرة هل تخبر والدها أن يتدخل ويعرضها على مختص كي لا تكرر محاولاتها مرة آخرى أم لا ، في حين شعرت هي بخروجها رفعت نظراتها نحو حقيبتها التي تجاور فراشها ثم تناولتها، تخرج منها تلك الحبوب المخدرة التي تنتشلها من ارض الواقع و تجعل عقلها في سبات دون أن يزعجها بذلك الضجيج المزعج الغير محتمل، وبالفعل دست حبتان دفعة واحدة بفمها وارتشفت بعدها بضع قطرات المياه من الكوب الذي يعتلي كمودها ثم تكورت على ذاتها من جديد وظلت ساهمة بيأس تستقبل حالة اللامبالاة والسبات التي تتملك منها بكامل ارادتها
------------------------
بينما هي خرجت من غرفة "ميرال" والحزن يفترش ملامحها حتى انها لم تنتبه لصوت "دعاء" وهي تتسأل بِسخرية :

خطايا بريئة (مُكتملة)Where stories live. Discover now