Part 3

1.3K 86 220
                                    

أوقَفَ سيّارَته قُرب مدخَلِ الاسعاف وارتَجل مِنها ، فَتحَ الباب الخَلفي وأخذَ جَسدها الهامِد بَين ذِراعَيه وولجَ البابَ طالِباً المُساعَدَة .

وضَعها عَلى أحدِ الأسرّةِ الجِلديّة المُغلّفة ، و سُرعان ما أتت مُمرّضَتين غطّت إحداهُما جِزءاً مِن وَجهِها الذي فقدَ لونَه بِقناعِ الأوكسِجين وبَدَأتِ الأُخرى بِفحصِ نَبضِها وضَغطها ..

كانَت نَبضاتُها شِبه مخفيّة وأنفاسُها مضطَرِبَة ، والآخرُ يُراقِبُ بِهدوءٍ عَكسَ داخِله الذي يَنهَشُه القَلق ..

المُمرّضات يفعلنَ إسعافَاتٍ أوليّةٍ مُخصّصة حتّى يَصِل الطّبيب ، فوَصلَ وسُرعانَ ماعَرِفَ هَويّتها ..
نادَى مُطالِباً بالآلاتِ والمُصول وأبعَدَ أجزاءاً مِن ثيابِها كاشِفاً مَوضِع قَلبها الذي بَدأ تَمسِيجه ..

فَتحَت إحدى المُمرّضات شريانها وضَخّت الماءَ الطّبي المُختَلِط بِمصلٍ عِلاجِيّ كَما أمرَها الطّبيب ، وَوصلَت الأُخرَى أجهِزَة المُراقَبَة الطّبية عَلى صَدرها بِأماكِنَ مُحدّدة .

الجَميعُ يَتصرّفُ بِهدوء ، لَم يَكن الأمر بِسوء المَرّةِ السّابِقَة على الأقل ، هُم مُدرِكونَ بأن الأمور لاتَزال تُصنّف إيجاباً !

يُراقِبُ المَصلَ الدّاخِل جَسدَها ، رسمُ نَبضاتِها الخَافِتَة و أنفاسُها الغَيرُ مُنتَظمَة ..

مَضَت رُبعُ سَاعَة عَلى مَضَض وشَيءٌ واحد لَم يَختَلف سِوى كيسُ المَصلِ المُعلّق ، قَد نَقِصَ إلى مُنتَصَفه لَكِن دونَ جَدوى ..

عِندَما قَرّرَ ضرب قَلبِها بِصعقَةٍ كَهربائيّةٍ خَفيفَة لَعلّهُ يَستَجِيب ، وعِندما فَركَ قَبضَتيّ الصّاعِقِ بِبعضِهما ..
إنتَبهَ لِصوتِ الآلة المُشير إلى تَحسّنٍ طَفيف بِوضعِها المؤلِم المُخيفِ هَذا ..

لِوَهلَةٍ ظَنَّ أنّ ذَلِكَ القَلب الصّغير عَلى وَشكِ الاستِسلام كَما مُحاوَلته السّابِقة لِذلِك ..
لَكِنّهُ الآنَ قَد تَنهّدَ بِراحَة واستأنَفَ مُساعَدتهُ لِذلِكَ القَلب النّقيّ .

مَضَت ساعاتٌ سِت بَعدَ أن استَعادَت نَبضَها الطّبيعي و انتَظَمَت أنفاسُها
هاهِيَ الآن مُستَلقِيَةً عَلى سَريرِها ، فِي الغُرفَةِ التِي عَهدَتها مِنذُ سَنواتٍ عِدّة
فَتحَت بِجُهدٍ كَبيرٍ عَيناها الرّمادِيّة التِي زُيّنَت بِهالاتٍ حمراءَ ورديّة أسفلَ جفنيهَا الذينِ اكتَحلا بلونٍ مُماثِل ، أزاحَت قِناعَ الأوكسِجين وبِيدِها الأخرى أرَادَت فَركَ وجهَها فَلاحَظَت الأنابيبَ التي تَقتَحِمُ شَرايِينها ، تَجاهَلتهُم كَما تَفعَلُ كُل مَرّة وفَركَت وَجهَها بِتعبٍ شَديد ..

جوجيتسو كايسن || الرَّبيع القَاتِم Where stories live. Discover now