القصر

14 9 6
                                    

دَخلتُ من الباب الخلفي للقصر المؤدي الى المطبخ وأنا مُنذهلة لضخامة حجمهِ المُتكون من عشرة طوابق ذو القبب الثلاث في نهايته صُممت جُدرانهُ من الخارج بعنايةٍ فائقة كذلك كان الاهتمام بالتفاصيل والأعمدةِ الخارجية دقيقً للغاية.. لكنني رُغم ذلك لم اتجرأ السؤال للحفاظ على ثباتي مُتجنبةٍ الكثير من الفضول والاسئلة حول القصر وددتُ لو بأستطاعتي إدخال سائد معي والتجوال حول طوابق القصر ألا متناهية لكبر مساحة القصر..

تحدثت لوسين بعد أن كان المكان مليئ بالخادمات المتواضعات: حسناً يامور سأحضر لكِ ثياب العمل..
لم أنظر لها بل أخذت عيناي تتجول على الخدم وقلت: حسناً سيدة لوسين أنا في أنتظارك.. يا الهي كم أن المطبخ كبير تجاوز عدد الخدم الستين.. دون أن أعدهم بشكلٍ دقيق لاحظتُ على ملامحهم شقاء العمل ملتزمين الصمت.. أصوات الصحون تملئ المكان فقط، كيف بأستطاعتي إسترجاع تلك الصفحة أذا كان خدمهم يتجاوز الستين خادمة ربما اذا تجولت في القصر لوجدتُ فيلقٍ كامل... واذا بي أنظر الى سيدة لوسين التي بدت لطيفة في التعامل معي أومأت لي للقدوم مشيت بضع خطوات لأصل الى نهاية المطبخ فتحت لي باب تَلك القاعة التي سرعان ما عرفتها أنها مكان لنوم الخدم.. اتجهنا نحو أحد ألأسرةّ لتقول لوسين: عزيزتي يامور هذا هو سريركِ.. كانَ متهالك وغطائهُ ذو خامة رخيصة لا قيمة لها الى جانبه خزانة صغيرة للثياب.. اعتقد ان جميع الخدم لهم ثلاث أزياء اثنان متشابهان في التصميم والألوان الباهته والأخير يبدو لطيف وفخم لهم كخدم.. لاحظت لوسين أنني أتفحص الثياب لتقول بالتأشير على تلك الثياب المنفردة عن الاخريات: لا يرتديها الخدم الا في المناسبات الكبيرة والحفلات كي يبدون بمظهر جيد بأعتبارهم خدم الملك تليد.. اما ألاخريات يمكنكِ التدوير بينهما واحرصي على أن لا تتمزق فليس لديكِ سواهم..

_حسناً سيدتي شكراً لكِ، ولكن ما هو عملي في التحديد..!
لوسين: ستعملين على أعداد الحساء وتسخينه اذا برد وكذلك سأكون مشرفةً عليك لمساعدتكِ في ذلك يجب الانتباه الى كمية الملح.. حاولي التركيز في العمل دون اخطاء فأنتي تعلمين ماذا يحصل أذا خطأ أحد أمام المساعد تائب.. كذلك تجنبي الجدال والحوارات الطويلة داخل القصر...

بعد سماعي لما قالت رغبتُ لو أعلم ماذا يفعل تائب اذا أرتكب أحدهم خطأ ربما يعاقبهُ بالطرد.. لا يُعقل ان يقتل احدهم.. ولكن في تلك ألاثناء تذكرت كلام سائد ووصفهِ لهم بالاغبياء الوحوش.. فمحيتُ فكرة أن يطردهم من العمل لأترك المجال لتخيل تائب يقتل الخدم... لا أكذب بشأن أنني لم أرتعب ولكنني حاولتُ جاهدةٍ التظاهر بالسيطرة..

غادرنا غرفة الخدم بعد ان غيرتُ ثيابي... وفي أثناء السير اتجاه موقعي في المطبخ دخل رجل ذو بشرة بيضاء وطوله تجاوز طول سائد بقليل.. بلحية كثيفة وكان لعينيه السوداوتين نظرات ينبعث منها الشر فقط نطق بنبرة عالية "أجتماع في الحال.. ليترك كل منكم موقعهُ متجهاً نحو قاعة الملك".. علمتُ أنه تائب لتصرفه بأرتياح والتحدث بصوت صاخب ربما أذا أستمرّ الأمر هكذا سأغادرُ المكان وأنا منعدمة السمع.. سرتُ معهم لمغادرة المكان.. حتى انتهينا وسط تلك القاعة الملكية التي كان سقفها مليئ باللوحات المرسومة وجدران صُنعت من حجر المرمر حيثُ كان للقاعة الملكية خمسة أبواب كبيرة مؤدية الى أماكن مختلفة حول القصر... عرشهُ في وسط القاعة الذي لم أبعد نظري عنهُ محاولةً التدقيق في تلك الزخرفات التي صُممت حوله وسرعان ما أمرنا تائب بالأنحناء لأداء التحية للملك الذي تقدم اتجاه عرشهِ بسبب تلك التحية لم أستطع التمعن في حفظ ملامح الملك.. رفعتُ ناظري بعد الانتهاء منها وقبل أن يلقي خطابهُ.. انتهى فضولي عندما نظرتُ الى ملامح" تليد" ذو الملامح البيضاء والحاجبان المقترنان الكثيفةِ خالطها الشيب وكذلك رأسهُ... كثافة اللحية البيضاء كانت تغطي نصف وجههِ بالأضافةِ الى النمش المنتشر حول أنفهِ بشكلٍ واضح أستطعت أن ألاحظ ملامحهُ لأنني تقدمتُ للصفوف الأولى القريبة من العرش ... نظر بعيناه الملونه بلون السماء المثقبة مخاطباً لنا بَتهُكم:

_ الليلة سيُقام أجتماع مع كبار التجار والمقربين لي.. قوموا بأعداد أفضل وليمة وقدموا أجود وأفضل الفواكه الطازجة.. أرتفعت نبرة صوتهِ بعدها... ركزوا في العمل وقدموا أفضل ما لديكم... وأضاف اليهِ بالانتباه من أحداث أي خطأ وبأن المذنب سياكل من الفاكهة الزرقاء ويجلد مع أنفاسهِ الأخيرة.. أما الجميع سيعاقب لمدة ثلاثة ايام دون طعام ومضاعفة العمل الشاق...

آمرنا بالأنصراف ليغادر حشد الخدم القاعة بينما يبدأ تليد بتوجيه كلامه للحراس وجنود القصر وأعطائهم الأوامر بالإضافة الى التحذير والأنتباه..

****

في الجهةِ الأخرى حاول سائد أيجاد حل في أخراج يامور بأسرع وقت من خلال التقرب الى الطبقة الفقيرة هناك ومعرفة اخبار الخدم.. لم يعود الى منزله منذُ مفارقتهِ لموج الليل لقد لبث داخل المدينة في أحدى المساكن الفقيرة منتظراً قدوم نهاية الأسبوع..
أتممتُ صُنعَ الحساء بعد حلول المساء  بمساعدة السيدة لوسين ليدخل تائب يدقق على الطعام مقترباً من الحساء.. كبحتُ نفسي من النظر اليهِ واضعة يدي فوق صدري لخفقان قلبي الشديد بعد معرفتي بما حل بالخادمةِ السابقة من ما اخبرتني اياه الخادمات...

قال بملامحه التي يملأها البرود: من أعد الحساء..

لم أعد أشعرُ بشيء بعد سؤالهِ عن من أعدهُ..

بعد هذا السؤال نطقت لوسين بصدمة وخوف على يامور: ماذا بكِ يامور.. لقد فقدت وعيها أحضرو لي بعض الماء.. تجمد تائب في مكانهِ ليقول: هل هذه من اعدت الحساء!؟
أجابتهُ لوسين بقلق: نعم انها هي.. ماذا بداخلهِ هذه المرة!؟

تائب أجابها بضحكة وسخرية على خوف يامور التي لم يعرف اسمها الى هذه اللحظة: أخبريها عند أستيقاظها بأن الحساء جيد..ليخرج دون أي اهتمام يذكر حول ما حدث..

في نهاية اليوم وبعد أن أفاقت يامور وجدت نفسها على سريرها لا تستطيع تحريك جسدها لتعبها الشديد في العمل الذي أهلك عضلاتها... يا ألهي الحساء.. نطقت يامور بتلك الكلمات بصوتً واضح لتسمعها من وقفت خلف الباب قلقٍ عليها السيدة لوسين.. دخلت تهدأ خوف موج الليل ببضع كلمات وهي تربتُ على كتفها بحنان: لا تقلقي عزيزتي الحساء جيد لقد أحسنتِ صُنعاً...

تنهدت موج الليل بأرتياح بعد سماعها تلك الكلمات.. لتخبرها لوسين بالأستراحة في سريرها...

____________________
لهنا ينتهي البارت التاسع اتمنى يعجبكم

.
.
. لا تنسوا التصويت وكومنت تعزيز حلو مثلكم احبكم❤

يامورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن