صرخة دوت وسط الجنود ان العدو آتٍ فهلموا ....
خوذنا اعتمرت رؤوسنا بينما السيوف لم تنتظر وقتاً لتخرج من اغمادها وانقضضنا باشلاءنا الممزقة كالليوث نرحت بالهلاك ضيفاً بيننااندفعت متسلحا بعزيمتي وسيفي اهاجم لادفاع عن حرمة ارضي وبيتي وشرف عائلتي ... ثلاث اخوات وابوين عجوزين ... لن اسمح لهؤلاء البرابرة بانتهاك كرامتهم ولو انطلقت السموات السبعة على اراضيها !
صرخة انطلقت قريبا مني قبل ان تستقر جثة احد اخوتي قريبا من قدمي !
اتسعت عيناي بهلع وانا ارى تلك الدماء تجري على الارض كالانهار واجسادهم تهوي في حضرة الموت باستسلام .. تتساقط كأوراق الخريف اليابسة من شجرة الحياة المعمرة ومعها تتساقط ذكرياتنا وتنطلق من الارض كالسهام وتنغرز في فؤادي
السهام ... نعم السهام !
تراجعت .. جريت كالمجنون الى الخلف وعيناي معلقتين بآلة اطلاق السهام .. غرفت من صناديق السهام ما استطاعت يداي حمله وساعرت اعبئ الاماكن الفارغة فيها ثم اخذت بعضها لاوقد فيها النار واشعل اطراف السهام المهيئة للانطلاق ...
سمعت احد اخوتي يصرخ من بعيد ...
_ ماذا تفعل ايها مجنون ؟ لو اطلقتها ستصيب جنودنا !_ ليصابوا ... الم يأتوا للموت في سبيل المدينة ؟ انه الحل الوحيد لنجاتها !
حملت حبلا ضخما ووصلته بجميع الاوتار التي تقابل الجزء المتآكل من الصفيحة الخلفية وامسكت بطرفيه وللفتها حول ذراعَي ساحبا اياها بالاتجاه المعاكس بهدف شد الاوتار الى الخلف
سحبتها باقصى ما استطيع حتى شعرت ان ذراعي على وشك الانخلاع ثم هويت بسيفي على الحبال المثبتتة للصفيحة الخلفية وفي ذات اللحظة قفزت لارتد الى الخلف بفعل الاوتار فارتطم جسدب بعشرات السهام التي انطلقت من الجانب الاخر الى ساحة المعركة قبل ان اسقط ارضا !
من املك القوة لاصرخ من الالم حتى .. شعرت باضلاعي تتداخل فيما بينها وبصقت بعض اسناني مع كمية وفيرة من الدم الدافئ من فمي ...تحاملت على نفسي لازحف واتسلق الالة ثم نهضت مستجمعاً ما بقي لدي من طاقة وقفزت في رحلة مع السهام نحو قلب المعركة وانا اضحك بجنون لنتيجة فعلتي التي اراها بابشع صورة ممكنة وانا اصرخ ...
_ لن تدخلوها !!!
عندما فتحت عيني المرة التالية على اصوات تعود لجنود الدعم اللذين اتوا اخيرا يتقدمهم قائد من العاصمة بدرعه اللامع وحذاءه النظيف يطالعني بازرداء ... لا بد ان منظري لم يعجبه!
وناهيك عن الالم اكن قادرا حتى على الشعور بجسدي ... لم اعلم ربما قد قطع شيء من اطرافي !الحق اني لم اتذكر ما فعلت او ما فعل لي بعد ان اصابني ذلك الجنون الغريب سوى اني اندفعت بين الحشود كمسخ دمر عقله يسحق كل شيء أمامه بوحشية .. ولم اكن قادرا على الشعور باي جرح اصابني وقتها !
لم استطع الا تحريك عيني يمينا وشمالا لأرى المذبحة التي خلفتها فعلتي المجنونة .. اجساد محترقة مقطعة واخرى سليمة لاخوتي وجنود العدو قد تكومت فوق بعضها على مدى البصر واشلاء ممزقة تترامى في كل جانب .. وقد توجت تلك اللوحة ببرك الدماء المنتشرة !
تقدم ذلك القائد المهندم ليقف فوق رأسي ونطق ببرود ...
_ ستعدم لتسببك في هذه المجزرة وقتل ابناء مدينتك !
ثم سدد لجسدي ركلة جعلتني ارتعد من الالم وهو يقول ...
_خائن!
تعالت الهتافات الحانقة المؤيدة لقراره من قبل اهل المدينة اللذين احتشدوا في الساحة هناك
لم افكر في الدفاع عن نفسي او نفي اي تهمة من تلك كانت تقذف علي كل صوب ابدا ... لم افعل ابدا وكأني سأستطيع بعد موتهم جميعا !!سحبت مستسلماً نحو المشنقة لالقى جزاءي على ما اقترفته يداي لاجل حماية المدينة وكرامتها وعيناي ترقب من بعيد اسرتي .. ابي الذي يحاول ان يقف متماسكا وامي واخواتي اللواتي يجهشن بالبكاء لاجلي
تمردت الدموع من عيني عن رؤيتهم وحاولت رسم ابتسامة ورفع راسي باقصى ما استطعت محاولا ان اوصل بعض الكلمات اليهم ...
(( لا تخافوا بعد الان ولا تحزنوا من اجلي ... المدينة ... بخير . ))
أنت تقرأ
حُماة المدينة
Historical Fictionانهم اولئك اللذين جعلوا من صدورهم درعاً يرد هجوم الغابرين لوذاً عن كرامةٍ لم تعرف الانكسار .... في غمرة الخَوَرِ وحضور الردى وقفوا ...