محطة

27 8 0
                                    

كنت اشاهد برنامجا عن التنمية البشرية او ماشابه بالصدفة
كانوا يتحدثون عن فترات الحياة وكيف البعض يقسمها ويستفاد منها
رغم قلة اهتمامي بهذه الموضوعات المبتذلة لكني فكرت بتقسيم حياتي لمحطات بناء على مامررت به كنوع من التسلية واسترجاع الذكريات
لا أود الاستفادة من شيء فجميع من عرفتهم سطحيين او قمامة جهلوا حياتي اسخف مماهي عليه بالفعل
قررت البدء بطفولتي لذا تفقدت ألبوم الصور العائلية
ونعم لازلت أعيش في منزل والديّ لانهم بحاجة لمن يعتني بالمنزل بسبب طبيعية عملهما .
قلبت الصور ورأيت نفسي ابتسم باشراق ...آه انها محطة السعادة بلا شك
حيث لم يكن والديّ يغرقان انفسهما بالعمل لأجل العائلة التي بالكاد يرونها ...
استمريت بتقليب الصفحات لمرحلة الاعدادية اظن سأسميها محطة التوتر
فبداية المراهقة حقا مزعجة ..
واظن استمرت هذه المحطة حتى الثانوية فقلق الامتحانات والوقوع بالحب والخوف من المستقبل ازدادت
لفتت نظري احدى الصور مع صديقاتي
بدأت بتألمها
-اوه بشرتي مشرقة وشعري طويل
لقد فقدت مقومات الجمال هذه نوعا ما بسبب اهمالي
كنت اقف بجانب فتاة ذات شعر بني قصير وأعين سوداء
انها استفاني ... صديقتي التي تشاركنا معا الكثير من الاهتمامات وتستمع لي بلاملل
هاها لقد كانت واقعة تماما بحب حبيبها وكم كانت سخيفة لتبكي عندما افترقا
يالا الحنين ولا اصدق اني اشعر بالحنين لتلك الفترة
اتسائل ان تغيرت ...
علي مراسلتها!
الملل يأكل اضلاعي احتاج لرفيق لاحادثه ونتشارك المتعة
بحثت في هاتفي عن رقمها ووجدته فرسلت لها رسالة استفقد حالها
ردت بعد دقيقة واحدة .. لازالت سريعة في الرد واحب هذا بها
تحدثنا كثيرا عن كل شيء لدرجة نسيت أمر المحطات ذاك
واتفقنا على موعد للقاء .
انتظرتها في إحدى المقاهي وفور قدومها عرفتها
لم تتغير حقا
فقط اطالت شعرها وفقدت وزنا لكنها لازالت ذات الفتاة ذات الابتسامة الهادئة التي لطالما دعمتني
جلسنا وتحدثنا
تبدو نوعا ما حزينة لكني لست بوضع جيد لاهتم بمشاكل الاخرين سأكتفي بمحاولة تسليتها كالايام السابقة
انها تدرس في الجامعة فلابد ان الضغط الدراسي هو ما يؤرقها
محظوظة يمكنها اكمال الدراسة الجامعية بسبب الاموال التي تركها والدها لها بعد وفاته بخلافي أنا ....
ظللنا نلتقي في أيام العطل ونوعا ما احسست ان الاوقات اصبحت الطف
لقد نسيت متعة امتلاك صديق وكان كل يوم كيوم جديد ....
في ذات مرة سألتها عن ان كانت قد ارتبطت مجددا فهزت رأسها نافية
_لما ؟ انتي جميلة بالتأكيد هناك من قد يرغب بك !
نظرت للاسفل بتردد وصمتت حينها فكرت قليلا واستنتجت...امرا جعلني اسألها بتفاجئ
_لاتقولي انك لازلتي متعلقة باستفان!!
هزت رأسها بحزن موافقة وتجنبت النظر لعيني
_اه ياللهي لقد مضت ثلاث سنوات منذ اختفائه ألم تتجاوزيه؟
_ لااستطيع انه لايفارق بالي
كانت على وشك البكاء فحاولت مواساتها قليلا
_لاتحزني لااحد يحب الحزينين ! كوني قوية
ستتجاوزينة ان ابعدتي هذا الحزن عنك مثل مااتجاوز الكثير من الامور
مسحت دموعها التي كادت ان تسقط وقالت بصوت مرتجف:._اتظنين انه تركني بسبب حزني حينها؟
اه انها تقصد عن وفاة والدها وتركها وحيدة فأمها ايضاً قد تزوجت من رجل اخر
_همم لايمكنني الجزم لكن ممكن
لذا عليكي نسيانه لا يستحقك ومن السخافة حزنك على شخص وانتي تمتلكين حياة جيدة ومستقرة
نظرت إلي حينها نظرة طويلة ولم تقل شيئاً سوى الايماء برأسها
من وقتها لم تظهر اي معالم للحزن فشعرت اني نجحت بتغير افكارها
وكم كنت مخطئة...
ففي احدى الايام استيقظت على خبر انتحارها مع حبيبها في منزلها
لم اصدق ولم استوعب
لقد راسلتني البارحة بحماس على غير العادة
وكانت مجموعةمن الرسائل المبتهجث تقول ان استفان قد عاد لها وانهما معاً اخيرا
فرحت لأجلها رغم شكي بغرابة الوضع وقلت لنفسي لاداعي لافساد فرحتها
كيف آلت الامور لهذا؟
لماذا ؟ بعد سعادتي اخيرا بتغير نمط حياتي الروتيني
ينتهي بهذا الشكل المروع
بكيت ذلك اليوم حتى جفت دموعي ، وراجعت تصرفاتي مرارا وتكراراً
لادرك اني لم اهتم بما تمربه وركزت على نفسي ومشاكلي التافهة ...
وظللت اقول لو اني حاولت ولو اني استمعت اكثر ولو اني اهتممت لما كنت سأفقدها ...
يبدو ان هذه المحطة من حياتي هي الاسوء على الاطلاق
إن كنت سامنحها اسماً فهي محطة الندم ....

يتبع

الظل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن