بيْن بيْن

135 12 1
                                    

في الفصل السابق، تحدثنا عن العبور الجندري. كما قلتُ لكم، العبور الجندري هو في الحقيقة مظلة ضخمة تجمع تحتها أطيافًا عديدة وكل طيفٍ، وإن بدا مشابهًا للبقية إلا أنه يحمل اختلافًا معينًا.

في هذا العالم، وفي نظر الهامش الأعظم، هناك فقط (ذكر وأنثى). وحين يولد الجنين، أول شيء يفعله الطبيب هو تحديد مصيره بنظرة خاطفة. لكن، هل هذه النظرة الخاطفة كافية حقًا؟
صرتم تعرفون ماذا يعني أن تكون عابرًا جندريًا، لكن، العابرون جندريًا ليسوا الوحيدون الذين يضطرون إلى دفع ضريبة النمطية في مجتمعاتنا هذه.

معكم وهم مرة أخرى، واليوم سأخبركم عن جماعة، رغم أن ظاهر الأمر أنهم مقبولون. إلا أنهم لا يعانون بشكل أقل.
هناك من يضعهم تحت مظلة العابرين (الترانس). وهناك من يرى إن تجربتهم مستقلة كفاية لكي يكونوا تحت مظلة تخصهم وحدهم.

بلا مماطلة، إنهم «بينيو الجنس/ الانترسكس» أو كما كان يطلق عليهم قديمًا «ثنائيو الجنس/ المصححون جنسيًا»
كل تلك المصطلحات تشير لنفس الأفراد. لكن، «بينيو الجنس» أدق وصفًا. وسنعرف لماذا قريبًا.

ماذا تعني بينية الجنس؟
يولد الأشخاص -عادة- إما ذكورًا أو إناثًا، بالنظر إلى أعضائهم الجنسية، وعادة أيضًا، الغالبية يكبرون بشكل طبيعي دون أن يملكوا أي رفض لهذه الهوية التي يحملونها.
لكن، هناك أشخاص في هذا العالم، لا يكون تحديد هويتهم بهذه البساطة، وهؤلاء هم بينيو الجنس.

الأشخاص الذين يولدون بأعضاء جنسية مختلطة، أو مبهمة. أي أن البين جنسية هي أن يولد الشخص -مثلًا- بعضو ظاهري أنثوي، وأعضاء داخلية ذكورية، أو العكس. وهناك حالات أخرى بالطبع، مثل أن يولد الشخص بعضوين ظاهرين. لكن، أحدهما بطبيعة الحال سيكون غير مكتمل.

في حقيقة الأمر، حالات البينجنسية، كثيرة جدًا ومتنوعة، ومن النادر أن تجد شخصين من بينيي الجنس يعانيان من الحالة نفسها.

كيف يتم اكتشاف حالات بينية الجنس؟
بطبيعة الحال، ولأن حالات بينية الجنس متباينة جدًا ومتنوعة، فإن اكتشاف هذه الحالات أيضًا لا يخضع للظروف ذاتها؛ ففي بعض الحالات، قد يتم اكتشاف الأمر بعد الولادة مباشرة، وفي حالات أخرى لا يتم اكتشافها إلا في مرحلة البلوغ، والبعض يكتشفون الأمر عند ممارسة الجنس، وهناك من يقضون حياتهم كلها دون اكتشاف الأمر!

وعلى عكس ما يبدو، فإن أولئك الذين يتم اكتشافهم عند الولادة أسوأ حظًا من الذين يستكشفون ذواتهم عند البلوغ؛ ففي المجتمعات العربية ما تزال المنظومات الصحية تعتبر بينية الجنس حالة مرضية تستدعي تدخلًا جراحيًا بالضرورة. ولأن الأطفال لا يملكون أهلية الاختيار، يتم تقرير مصيرهم عبر الأطباء والأهالي، ما يعني أن حياتهم عبارة عن مقامرة، ربما يتوافقون مع الجنس الذي تم اختياره لهم، وربما لا!
لكن، على الأقل الأفراد البالغين يملكون حق الرفض أو الاختيار أحيانًا. رغم أن الأمر لا يكون دائمًا سهلًا، حتى للبالغين.

ما الذي يواجهه بينيو الجنس؟
لأن الجنس غالبًا لا يخرج عن ثنائية (الذكورة والأنوثة) فإن الأشخاص بينيو الجنس عادةً يتم تهميشهم أو اعتبارهم شواذ القاعدة، حتى بعد خضوعهم للجراحة التصحيحية لا يتم اعتبارهم أشخاصًا طبيعيون يملكون حقوقًا كغيرهم ممن ولدوا على الجنس ذاته بلا أي مشكلات!

•هذا إلى جانب أن الجراحة لا تكون دائمًا الاختيار الأنسب لبعض الأفراد بينيّو الجنس، إما لخوفهم من التداعيات، أو لعدم شعورهم بالانتماء لأي جنس، أو لأي سبب آخر. ما يجعلهم عرضة أكثر للرفض وربما التعنيف من الأهل والمجتمع سواءً.

•كذلك فإن الأشخاص بينيو الجنس يكونون دائمًا بحاجة للتأهيل النفسي، سواء خضعوا للجراحة أم لا. لكن، المنظومات الصحية في مجتمعاتنا عشوائية للغاية، ما يجعل هذا الأمر مجرد تفصيلة روتينية يمكن تخطيها، وأولئك الذين لا يملكون رفاهية الذهاب لطبيب خاص، يعانون وحدهم نفسيًا وجسديًا!

على كل حال، إن التنوع حقيقة ثابتة في هذه الحياة، وبينية الجنس مثال شديد الوضوح على هذه الحقيقة. رغم أن الغالبية يقولون أنهم يتقبلون هذه الفكرة. لكن، في حقيقة الأمر، هؤلاء الأشخاص ما يزالون يعانون من الازدراء والرفض بيننا.

-وهم

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Nov 01, 2021 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

أطياف قزحWhere stories live. Discover now