الفصل الرابع

2.7K 191 23
                                    

الفصل الرابع


كانت تجلس بجانب والدتها تطعمها بعد أن حممتها و بدلت لها ملابسها بملابس جديدة من تلك التى أشتراها جعفر مع ملابس أخواتها الصغار كانت تقوم بكل هذا و عقلها يفكر فى كل ما حدث وقت نزولها من غرفتها و كلمات جعفر لها
- ذنبي أني بحبك يا هدير
نظرت إليه بصدمة و أندهاش ليكمل كلماته بصدق وصل إليها مباشرة
- من أول يوم شوفتك فيه يا هدير .. يمكن أنتِ مكنتيش حاسة بيا و لا شيفاني من الأساس بس أنا مليش غيرك و عيلتك هى عيلتي و بقيتوا مسؤلين مني
عادت من أفكارها حين أنتهت من تسريح شعر والدتها ربتت والدتها على قدمها بحنان و أبتسمت براحة لتقول هدير بابتسامة رقيقة
- شوفتي أخواتي و لبسهم  الجديد
أتسعت إبتسامة بدرية لتكمل هدير كلماتها
- جعفر إنسان طيب أوى و بجد مش عارفة أشكره إزاى على كل إللى بيعمله ده
أشارت لها والدتها على قلبها لتبتسم هدير و هى تقول بخجل
- تقصدى أنى أحبه
أومئت والدتها بنعم لتقول هدير ببعض التفكير
- أنا خايفة يا أمي خايفة أوى 
لتقطب بدرية حاجبيها بضيق لتكمل هدير كلماتها
- أنا ماشوفتش منه حاجة وحشه بس قبل ما يحصل إللى حصل ده كله أنا كنت بخاف منه أوى و كنت كارهه الشغل بسببه
كان يظهر على معالم وجه بدرية الضيق لتبتسم هدير و هى تقول ببعض المرح
- خلاص هتبعينى يا بداره و تقفى جمب جوز بنتك
لتبتسم بدرية بحنان و هى تفتح ذراعيها لأبنتها التي لم ترى من الحياة سوى الألم و الحزن و تخشى أن تشعر بالسعادة فيغلق ذلك الباب فى وجهها 
غادرت الغرفة بعد أن تأكدت من نوم والدتها و توجهت إلى غرفة أختيها طرقت الباب ثم دلفت لتجد فاطمة تشاهد التلفاز و زينب غارقة فى النوم و هى تحتضن تلك الدُميه الذى أحضرها لها جعفر على شكل إحدى أميرات ديزني
أبتسمت بسعادة فهى فى أحلامها لم تكن تستطيع تخيل أن يعيش أخواتها تلك الحياة المريحة التى كانت تتمني ولو القليل منها من أجلهم
نظرت إلى فاطمة و قالت
- علي وحسام فين ؟
نظرت إليها فاطمة سريعاً و قالت
- مش عارفة تقريباً مع عمو جعفر
أبتسمت هدير و غادرت الغرفة و أغلقت الباب خلفها و نزلت الدرج تبحث بعيونها عنهم لكنها لا تجد لهم أثر
حتى وصلت إلى الصاله ليصلها صوتهم من خارج المنزل توجهت إلى الشرفة و فتحتها و وقفت تنظر إلى ما يحدث بالخارج بعدم تصديق
الثلاثة يرتدون ملابس رياضية و يلعبون كرة قدم لا تستطيع الفهم هل هم فريق واحد أم فريقين وحكم أم أنهم مجموعة من الصبية الصغار يركضون خلف الكرة
كانت تبتسم بسعادة و كأنها تشاهد فيلم من أفلام الكرتون الممتع
شعر بها و بوقوفها لكنه لم يرد إظهار هذا ... أراد أن يتركها بحريتها تتابع ما يحدث دون خجل
مرت عدة دقائق حتى جلس حسام أرضاً و هو يقول
- أنا خلاص تعبت
جلس علي جواره و قال
- فعلاً أنا ملعبتش كده قبل كده
ليلقى جعفر عليهم الكرة ليتأوهوا بمرح و هو يقول
- عيال سيس صحيح
ثم ألتفت إليها و هو يقول
- الغدا على وصول ... طلبت سمك و جمبري و عملت حساب الرز و السلطات
صفق الولدان بسعادة كبيرة و كانت هى تنظر إليه بعيون تمتلىء بالشكر و الأمتنان ... و أيضاً كانت تلمع عيونها بإحساس آخر يتمناه قلبه لكنه لن يصدقه الأن ... لا يريد حبها له من أجل بعض قطع الملابس أو وجبات طعام فاخرة هو يريد حبها حين تتأكد أنه هو من سكن روحها و قلبها و سوف ينتظر أن يميل يوماً
~~~~~~~~~~~~~~~~~
فى إحدى (( الغرز )) المنتشرة فى ذلك المكان النائي يجلس أرضاً و بين يديه ذلك الخرطوم الطويل يسحب منه بعض السموم و يخرجها على هيئة دخان و عقله سارح فى ذلك القلم الغادر الذي تلقاه من ذلك الحقير من أخذ منه كل شيء دون أن يراعي أن له أيضاً بعض الحق فى أن ينال ما نالوه أولاده و زوجته ... لماذا لم يأخذه معه مثلهم
يشعر بنار حارقه داخل قلبه خاصة بعد أن سأل عليه و علم ما يملك و كيف ستعيش زوجته و أولاده و هو لن يترك حقه
نظره جانبيه حين شعر بأحد يجلس جواره و مد يده يأخذ منه ذلك الخرطوم الطويل و هو يقول
- الكيف مناولة مش مقاولة يا حنفي
ظل حنفي صامت ينظر إليه و عقله يرسم خطة إذا نجحت سيحصل على ما يريد و أكثر
أعتدل فى جلسته و هو يقول
- كيفك النهارده على حسابي يا مفتاح .. و بكره كمان بس أنا عايز منك خدمة
نظر إليه مفتاح بابتسامة واسعة تظهر أسنانه الصفراء و هو يقول
- يدوم الواجب يا معلم حنفي ... آآمرني يا خويا رقبتي سداده
لينظر حنفي حوله ثم أقترب من أُذن مفتاح و قال بصوت منخفض
- مش هنا خلص مزاجك و نتكلم فى بيتي
أومىء مفتاح بنعم و هو يسحب من ذلك الخرطوم تلك السموم القاتلة و أخرج دخان كثيف جعل الرؤية أمامهم ضبابيه لعدة ثوانى ثم قال
- أوامرك يا كبير
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أستيقظ جعفر كعادته الصباحية باكراً نظر إلى هدير النائمة بهدوء أبتسم بسعادة و هو يتذكر ما حدث بالأمس وقت تناول الطعام حين أجتمعوا جميعاً على طاولة الطعام و أصر هو أن يُجلس زينب بجانبه حتى يطعمها بيده خاصة و أن الصغيرة متعلقه به بشده حتى أن هدير حين صعدت لتطعم والدتها و نزلت لهم وجدت زينب تجلس أرضاً جوار قدم جعفر و هو يقص عليها قصة تلك الأميرة الذى أحضر لها دميتها
كان علي يمسك الجمبري من ذيله و يضعه أمام حسام و هو يقول
- بيتاكل إزاى ده ؟
- مش عارف هو المفروض نقشره ؟
ليضحك جعفر بصوت عالي لتقول هدير ببعض الضيق
- عيب كده و بعدين م
ليقاطعها جعفر و هو يقول
- أنا كمان كنت مش بعرف أكله يا هدير
ثم نظر إلى الصبيين و قال
- ده حتى أنتوا محظوظين ... أنا أول مره شوفت الجمبري كنت معزوم فى مطعم و فضلت متنح و مش عارف أعمل آيه و لا يتاكل إزاى لحد ما إللى كان عازمني قشرلى واحدة
وقال كلمته الأخيرة و هو يقوم بتقشير الجمبري و يضعه أمام الصبيه
- وقتها حسيت أنى دخلت الجنة من جمال طعمه و غمضت عيني زى إعلانات الشكولاته
ليغمض الصبيين عيونهم ليضحك جعفر و هو يقول
- أيوه كده بالظبط
ليضحكوا الفتايات بصوت عالى كانت هدير تقشر الجمبري من أجل فاطمة فى نفس الوقت الذى وضع فيه جعفر إحدى القطع داخل فم زينب التي تنظر إليه و كأنه شىء كبير و عظيم
و ذلك فعلاً ما تشعر به هدير ... أن جعفر رجل حقيقى صاحب قلب كبير  حنون دافىء يشعر الجميع بالأنتماء إليه و كأنهم قطعه منه 
كان وقت تناول الطعام مليء بالضحك و المرح و كان يطعم زينب و هو يداعب أنفها و أحياناً يداعبها برأس السمكه و هى تصرخ بخوف مصطنع 
أنتهوا جميعاً من تناول طعامهم و بالأمر من جعفر لم يسمح لأى منهم تنظيف المطبخ و حين صعدوا الأربعة إلى غرفهم وقف أمامها و هو يقول
- أنا هغسل المواعين و أنتِ تنشفى ورايا و بعدين تعملى لينا كوبيتين شاي نشربهم فى الجنينة
أومئت بنعم و هى تبتسم و كأنها مسحورة أو منومة
بعد نصف ساعة كانوا يجلسون فى الحديقة تحاوطهم نسائم الليل الرقيقة
كانت هى تنظر إلى السماء و تتابع النجوم و كان هو ينظر إليها يتابع عينيها بعشق
عاد من أفكاره حين سمع صوتها تقول
- صباح الخير
أبتسم لها و هو يقول
- صباح الهنا
تلونت و جنتيها بالأحمر القاني بسبب تأمله لها ليبتعد و يقول
- للأسف لازم أروح الشغل
نزلت من السرير و هى تقول
- أنا كمان لازم أروح
ليقف أمامها و هو يقول
- هخدلك الأسبوع ده أجازة أرتاحى و أتعودي على البيت و الولاد كمان يتعودوا
صمت لثواني ثم قال
- كمان عايزين نجيب حد يقعد معاهم فى الوقت إللى هتكوني فيه فى الشغل علشان ماما كمان
أقتربت منه لتمسك يده تقبلها ليسحب يده سريعاً و هو ينظر إليها بلوم و عتاب وقبل أن يقول شىء قالت هى
- أنت أكبر نعمة من ربنا عوض مكنتش أحلم بيه و لا أتخيل أنه يحصل ليا فى يوم
أبتسمت إبتسامة صغيرة و أكملت
- و النعمة الكبيرة دى لازم أحافظ عليها و أقدر قيمة وجودها فى حياتي
لم يستطع قول شىء و لكنه سحبها ليضمها بين ذراعيه بقوة تكاد تكسر عظامها لكنها كانت تبتسم بسعادة رغم ذلك الألم

يتبع

حين التقيتك (( جعفر قلبي )) Where stories live. Discover now