الفصل الاخير

3.5K 180 28
                                    


.
.
.
بعد ذلك اليوم غادرت مريم حياة غيث واعده نفسها بعدم العودة، تركت كل شيء بدون ان تودع أحد، لم تجد نفسها قادرة علي الحديث مع أحد فقط تريد الهدوء و النأي بنفسها بعيداً عن كل هذا الصخب و الخداع.....
.
.
.
لجئت إلي الخالة فاطمه حتي تخفيها عن عالمها هذا، رحبت بها السيدة فاطمه و أقترحت عليها البقاء في إحدي القري البعيده و الهادئة حتى ترتب أفكارها و تستعيد رباطه جأشها.....
سافرت ألي قرية صغيرة من قري طرابزون حيث ولدت السيدة فاطمة و ترعرعت... كانت فاطمه إمرأه بسيطه و طيبه القلب في عقدها الخامس لديها ثلاثة اولاد و بنتين، كلهم متزوجون و يعملون بالخارج إلا إبنتها الصغري فرح التي مازالت تدرس و تعيش مع أمها، و كانت في مثل سن مريم، تألفت مريم معها بسهولة و اصبحتا صديقتين، حاولت الام، و إبنتها إسعاد مريم و دعمها حتي تتخطي تلك الآلام و ذلك الخذلان الذي عاشته...

استغرق الامر من مريم شهر حتى ترتب فيه أفكارها و تستعيد رباطه جأشها.. أول قرار اتخذته هو إيجاد عمل يُدر عليها دخل لتتعايش منه مع طفلها، و بعده إستئجار منزل ليحتويها، لن تبقي عالة علي الخالة و إبنتها..

و بالفعل وجدت عمل صغير كأمينة مكتبه، و أستأجرت شقة صغيرة بجوار منزل الخالة...
غيرت هاتفها و لم تتواصل مع أى شخص..

كانت مريم مولعة بالقراءه و الكتابة و هذا ساعدها في عملها و جعلها تستمتع به..... إقترح عليها السيد عبدالرحمن_ جارها و قد كان كاتب و يملك جريدة محلية_..... أن تكتب بعض المقالات و ينشرها و هذا سيُدر عليها ربح إضافي... أحبت مريم الفكرة و شرعت في اغتنام  وقت فراغها في كتابة بعض المقالات أو القصص القصيرة و نشرها تحت اسم مجهول... و في وقت قصير أصبحت الجريده ذات شهرة في انحاء طرابزون بسبب تلك القصص و المقالات....

أما عن غيث فلم تهتم بالسؤال أو التفكير بشأنه.... لقد تخلت عنه في ذلك اليوم الذي جرحها فيه و كذب عليها..... الايام كفيلة بتغيير الكثير من المعتقدات... من كان يصدق أن مريم عاشقة غيث ستتحول بين ليلة و ضحاها إلي إمرأة لا تبالي بوجوده او عدمه في حياتها........

و بشأن  مراد،  فلم ينقطع التواصل بينهم، بل مازالا يتهاتفان و يتابعان اخبار بعضهم البعض.... لا تزال تذكر عندما قابلته منذ شهر، اخبرته حينها عن علاقتها مع غيث، و طلبت منه مساعدتها في إجراءات الطلاق التى أوقفتها بلحظة سعادة طائشة اصابتها.... كانت تتوقع رفضه و إحتقاره لها كونها اخفت عنه علاقتهما، لكن صدمها ما رأته في عينيه من مواساة و دعم لها... لقد اخبرها أنها إمرأه رائعه تستحق الحب و السعادة.... و وعدها  أن يساعدها في قضية الطلاق.... و قد حكمت المحكمه لهم بالطلاق بسبب غياب غيث و محاميه عن حضور الجلسات بدون أي مبرر.... و هكذا اصبحت حُره من قيود عشق غيث.....

.
.
.
.
.
.
.
في الوقت الحاضر......

هبت تلك النسمات البارده والمنعشه لتداعب وجهها الابيض المستدير، الذي يحاوطه حجابها الاسود كحال باقي ما ترتديه،،، اقشعر جسدها اثر تلك النسمات وظهرت إبتسامه صغيره على شفتيها الصغيرة المكتنزة، تلك الشفتان اللتان كانتا ذابلتان طوال الاشهر الماضيه،،، هى لا تكره تلك النسمات فهى من عشاق الشتاء وبرودته،،، لكن الان هنالك غصه اختنقت فى حنجرتها،، لانها ولاول مرة تشعر بهذا البرد وهذا الخوف،،، لاول مرة ستكون وحيدة فى هذا الشتاء،،، عائلتها الوحيدة ليست معها،وربما لن يكون كذلك لبقية حياتها،،، رفعت تلك الكعكه المستديره التى كانت تمسكها لتقضم منها قطعه صغيره لتسد بها جوعها وتخمد غصتها،،، وضعتها بعدها فى غلافها و نهضت من الكرسي التى كانت تحتله فى تلك الحديقه معلقه حقيبتها البيضاء والمتناقضه مع فستانها البسيط وحجابها الاسود وسارت متجهه نحو تلك المكتبه الصغيره فى الحى المتوسط،،، مكتبه صغيرة وقديمه لكنها تمتلك الكثير من الكنوز والمعارف القيمه، ويرتادها الكثير من الزوار،،، دخلت ملقيه التحيه على( السيد عبد القارد) ذلك الرجل العجوز صاحب المكتبه،، مسن عاشق للعلم والتعلم رغم انه تجاوز عقدها السابع،،، كان منغمس فى قرأة كتابه ولم يكلف نفسه عناء الرد عليها،،لتبتسم فى نفسها غير عاتبه او غاضبه فهى اعتادت فظاظته، اتجهت خلف مكتبها الصغير فهى تعمل كأمينه لهذه المكتبه رغم انه ليس مجال دراستها التى توقفت عنها بسببه،،، كما توقفت عن الكثير، لقد قررت منذ فترة مزاوله هوايتها التى احبتها كثيرا "الكتابه" لم تعرف كيف تبدأ،، لكن الجو اليوم كان هادئ ما شجعها على فتح دفترها لتشرع فى كتابه ما عاشته فى حياتها،، وصدقاً ما عاشته يفوق ألف حيااه،،،،،،،

ذنبها العشق 💔Where stories live. Discover now