السّوادِ الرّقص.

139 18 70
                                    

على ضوء القمَر المُتسلّل مِن النّافذة ، أجلسُ على مكتَبِي المُكوّمُ بكَومَة مِن الأوراق، أسطرُهَا مُعبَاءةٌ بالكلمَاتِ السّوداءَ ، والّتي تجتمعُ جميعهَا تحَت اِسم السّوادِ الرّقص ، هِي أحَد أعمالي الكتابِيّة الجديدة الّتي تمَلؤ كُل وقتي.

لم أنشَرهَا بعَد ، لأنّني لم أنتهِي مِنهَا ، فأحيَانَا أشعَرُ برغبَة بتوقف عَن الكتابَة والهرب مِن كُل شيء، وترك هَذا العمَل.

العجَز عَن اِنتاجَ أفكَار جديدة ، هِي أكثَرُ مَا يخشَاهُ الكاتب ، و العجَزُ في عقلي يجَعل فكَرة الفرارِ أكثر وضُوحًا ، في بعض الأحيَان أشعَرُ بالكُره الشّديد للكتابَة وأعمَالي ورغبَة كبيرة في تمزق كل شيء ولكنني أجَدُ  ذاتِي مُستمرةٌ..!

رغمَ كرهِي للكتابَة لا أزالُ مُستمَرًا فيهَا، لِمَ.؟
كان سؤالاً لم أجَد لهُ اِجابَة حتّى الأن.

هَل هَذا حبًّا لم أفهمهُ أم أنّ اِستمراري في ذلكَ سيحدّدُ مَاهي مهِيَتِي.؟

جيرار جرانتِ غراهَام ، أشعرُ أنّ هذا ليسَ أنَا، الضيق في صدري يجعَل الأمَر أكثر اِلامًا.

ألقيَتُ القَلم على الورقة البيَضاء، ثُمَّ أرجعَتُ رأسي للخلف، لأسترِيحَ للحظَة، لم يكَن للغيَوم وجُود ، فالقمَر طلَّ بجمَالهِ.

حينهَا تذكَرتُ مَا حصَل قبَل أسبوع ، ذلكَ الشّخَص المجهُول ، الّذي أخبَرنِي بأحَد قصائدِي الّتي أخفيَهَا عَن للعالم, مِن أيَن لهُ بمعرفَة هَذا ، وكيف علمِ.؟

فقط كُل مَا فعَلهُ زاد الأسئلة الّتي تحَتاجُ لإجابَة..

°°

حَلّ الصّبَاحُ ، وقَد تجَهّزتُ كالعادة، غادرتُ الغُرفَة مُتأهّبًا ، نحَو غُرفَة المائدة، حيَث ينتظرنِي والدي، جرانتِ غراهامِ، للإفطارِ معًا.

ولجَتُ الغُرفَة بخُطواتٍ هادئة وجلستُ بصمتٍ على يمِيَن والدي، كان الإفطَارُ عبارة عَن لحمٍ ونبيذٍ ، وبعض الخُضارِ.

المَائدة مُلونَة ولِكنّني أراهَا مُظلمَةٌ.

كانتِ أصوات المَعالق تدقُّ على الصّحَن في هَذا الصّمت ، لم أشعر قط بأنّهُ والدي يومًا، علاقتُنَا أشبَهُ بالغُرباء ، يعيشان معًا تحَت سقفٍ واحد فحسَب.

- جِيرار..!

قال بصوتهِ الخشَن البَارد، دون التّحَدِيق بيّ.

- نعَم أبي.

فأجابَتُ بعَد أنّ أنزلتُ رأسي أُقطِّع اللحم بسكِيَن.

زهُورٍ تَعرَّتِWhere stories live. Discover now