الموافقة والمقابلة

9 1 0
                                    

أصبحت مرّة أخرى في مواجهة أبي، قال:
"إذا كان لديك مشكلة ما، أمر ما، حسنًا قولي، تكلّمي وأخبريني حتّى أفهم".

أجبته: "أنا لا أريد الزواج أصلاً".

قال لي: "إنّه شابّ جيّد، وما تريدينه موجود لديه". وأضاف: "أظنّ أنّه لم يتسنّ لك رؤية عبّاس بشكل جيّد. ما رأيك لو آخذك إلى مكانٍ آخر وترينه بشكل أوضح؟".

وقد أكثر والدي من الحديث والنصيحة إلى حدّ جعلني في النهاية أوافق على رؤيته مرّة أخرى. ولكنّي لم أرد اللقاء به وجهًا لوجه. ووافقني أبي على ذلك أيضًا، واقترح أن يكون اللقاء في الدكان، حيث كان لدينا محلّ لبيع الحقائب.

إلى خلف مكان عرض الحقائب, حيث تتدلّى بطريقة تريحني بالوقوف خلفها، حضر عبّاس في الوقت المعلوم. استقبله أبي ورحّب به بحرارة وسأله عن أحواله، ثمّ أجلسه على كرسيّ في الجهة المقابلة لي تمامًا. شاهدته جيدًا من بين الفرجات التي بين الحقائب المتدليّة.

فيما بعد قال لي عبّاس: "حين جئتِ إلى الدكّان. من الواضح أنّها كانت خطة، وهي من تدبيرك".

وكان يقول: "منذ البداية عرفت أين تجلسين وكنت تنظرين إليّ".

طلبت من والدي أن يحدّثه بشكلٍ صريح حول دراستي، وأن يأخذ منه كلامًا قاطعًا، ويضع عليه شرطًا أن لا يمنعني من متابعة الدراسة.

لقد أخبروه عنّي وعن عنادي ولكنّه لم يهتمّ، وكان يقول:
"توكّلت على الله. وكأنّه قد أُلهِم إليّ أن أقوم بهذه المصاهرة".

ولهذا السبب لم يكن ليتكلّف كثيرًا أو ليبذل جهدًا إضافيًّا. بعض النّاس توقّعوا أنّه بعد الزواج، سيؤدّي وجودي معه إلى التقليل من ذهابه إلى الجبهة, إلّا أنّ عبّاسا كان يقول وبضرسٍ  قاطع: "ما دامت هناك حرب ولديّ القدرة الاستطاعة، فلن أتوقّف عن الذهاب إلى الجبهة".

بالمناسبة، أنا أيضًا كنت أتوقّع منه ذلك، وكنت مسرورة, لأنّه يفكّر بهذه الطريقة.

في ذلك اليوم، عندما تحدّث والدي معه حول الدراسة، وشرطي بعدم ترك التحصيل العلمي، كنت أترقّب ردّه بحساسيّة. وقد كنت سمعت أنّ الكثير من الرجال، في بداية الأمر، يقبلون أيّ شرط وعندما يتمّ لهم الأمر ينسون كلّ شيء. كنت قد حضّرت نفسي, لكي أسمع جوابه أنّه بإمكاني متابعة درسها، ولكنّه قال:
"لا مشكلة في الدراسة ما دامت لا تضرّ بحياتنا".

هاجر تنتظر Where stories live. Discover now