P6-قبل 30 يوم

50 3 1
                                    

"قبل ٣٠ يوم"
-مرحبا يوجين ، هل يمكنك أن تُقِلّني اليوم ، لقد تأخرت في العمل كالعادة.
-بالطبع أنا في المقهى سأمر عليكَ بعض لحظات .
-شكرا.
أقفلتُ الخط وأنا أشعر بالإِمْتنان لحظياني بأخٍ لم تلده أمي. يوجين هو صديق طفولتي ، صديق دراستي وكل شيء ، يتفهمني في كل حالاتي حتى تلك التي أعلن فيها الخلوة بنفسي من أجل جمع شتات أفكاري،لم يكن ينزعج من عدم تحدثنا او قضائنا لأوقات طويلة معا ، لأنه يعلم أن صداقتنا تتجاوز تلك المحددات التقليدية.
فيما يخص عملي،فكنت أعمل كمحاسب لإحدى شركات الطاقات البديلة هنا في مدينة "أوساكا".أما يوجين فيعمل ب ███████ ███████. لقد نبهني أن لا أخبر أحدا بحقيقة عمله لكن لا أظن أنني ساطلع أحدا على ما أكتب في مذكرتي يوما ما .
-أخيرا وصلت يا رجل شكرا لك .
-"باااكا" تعلم أنه ليس بيننا شكر، هيا اصعد .
ثم أضاف ، "عليك أخذ قسط من الراحة يا صاح،أنت تنهك نفسك بالعمل،الجسد لا يرحم"
أجبت بعد أخذي لنفسٍ عميق..
-لا عليك فأنا أحب عملي وأستمتع به .
-فليكن يونا،نحن نحتاح لإراحة أنفسنا من الأشياء التي نحبها ايضا.
تبادلنا الحديث طول الطريق لبيتي،على الرغم من أن أعمالنا لا علاقة لها بالأدب إلا أننا كنا مولعين بها كمواضيع لنناقشها.

لم أكن شخصا انطوائيا ولا اجتماعيا، واِتخذت بينهما نسقاً في تعاملي، إلى أن بدأ الأرق يزورني في ليالي ديسمبر الباردة، لكن كما تعلمون، الصدأ يمنع تآكل الحديد . فقد كنت أحظى بوقتٍ وَعزيزتي التي أمسك بها الأن، ويتعذر علي تذكر معاني بعض ما كتبت عليها.
يوما عن يوم ، كان الأرق يزداد حِدة.منهكاً مُتَثاقلا كنت أذهب لعملي بعد ان حظيت بنومٍ متعب.
إلى أن تخطى الأمر عقلي وطالَت الغرابةُ سائر جسدي، أصبحت شديد الإِحتلام ، مظهري الوسيمُ كان قد تغير، ونحفت على غير المعتاد. والغريب أنني صرت شديد النسيان ، كنت أكتب جملا وعبارات لكنني لا أجدها في اليوم التالي.

أخذت يوم إجازة وأقبلت على أحد الأطباء . وشَخَّص حالتي على أنني أمر بنوبة أرقٍ حادة . ويجب أن أبقى جليس المشفى لمعاينتي.
أتمازحني يا ذا الأربعة عيون ؟ مدير عملي ينتظر أول هفوة مني ليطردني، وانا لا أنوي المغادرة قبل أخذي راتبي.
اِكتفيت ببعضِ أقراصِ النوم التي كنت أشربها رفقة كوب من القهوة ، أراهن ان جسمي كان يلعن مدى تهوري. لسبب ما .. كنت أعتقد أن المشكل يتعدى قدرة هته الأقراص على حله.
كان يوجين يَعودُني كثيرا وكان يُعد لي الطعام بنفسه... تبا، ليت أحدنا كان أنثى.
"رأيتُ الفَتَى الفَتِيَّ صار فُتَاتً بعد ما فُتِن بِفتاة فَاتَه لمس فتونها"
"-يا رجل هل أنت من كتب هذا؟" قال يوجين بعدما رفع ورقة من على الأرض قبل أن أنتبه.
-أجل... "إذن فتلك الورقة حقيقية ولم أكتبها في ذهني وحسب كما كان يحدث دوما" شعرت وقتها أنني بدأت اتحسن.
-يونااا هذا رائع، ربما عليك كتابة رواية ما مستقبلا، لديك موهبة يجب استغلالها.
"تبا كم يحرجني بإطراءاته اللامتناهية"
- ربما سأفعل وسأجعلك بطلها.
ضحك مبتسما وكذلك فَعلتُ أنا .
بعد ليلة من العراك بيني وبين سريري. استيقظت وأول ما فعلته أن أردت الإِطِّلاع على تلك العبارة التي التقطها يوجين بالأمس،لكن لم أجدها..مهلا،لن تخدعني مجددا،لقد كانت هنا، هل كنتُ أهلوس مجددا؟
حسنا هنالك طريقة واحدة لأعرف.
اِتصلْ بيوجين . بصوتٍ صاخبٍ صحتُ في "Siri" التي لطالما سألتها أَتحبينني فكان ردها بالإيجاب.
"تم تحويل الخط"
-ألو
-يوجين هل كنت هنا بالأمس؟
-ماذا؟ بالطبع...
-هل تذكر تلك الورقة التي سألتني عما اذا كتبتُها؟
-أجل لقد كانت رائعة.
-هل أخذتها معك؟
-ماذا؟ تعلم جيدا أنني لن آخذ شيء لا يخصني دون اذنك.
-اسف لا عليك .
أقفلتُ الخط ، ولأَول مرة تمنيت لو أن شخصا أخذ شيء يخصني دون اذني.
ماذا الان؟؟ لم تكن هلوسة.اين اختفت؟؟
صدقوني إنَّ أخطر الأمراض ليس السرطان ولا التليف القلبي ولا تشمع الكبد. أخطر الأمراض هو جهلك بماهية علتك.

من أنتWhere stories live. Discover now