بسم الله الرحمن الرحيم

25 6 4
                                    

خرج فرحان في صباح اليوم من منزله ليستلم شهادته، فقد كان قد ترك المدرسه من الصف التاسع ليتجه الي معهد لتعليم الصناعات والحرف ، كان سعيدا جدا بهذا الانجاز وخصوصا ان والدته العجوز ستجد من يساندها ماديا في تربية باقي اخوته الصغار بعد وفاة زوجها، وصل فرحان الي معهده قبل الموعد بدقائق من شدة فرحته وظل ينتظر ويتامل في العالم من حوله فيشاهد تلك الشجرة الجميلة التي كان يجلس تحتها في فترة الدراسه ويسمع اصوات عصافيرها والريح التي تحرك اغصانها، بنى فرحان احلامه في تلك اللحظه انه سيبدأ في العمل بجديه حتى يصل الي غايته وهي مساعدة عائلته والزواج من صديقة طفولته الفتاة التي كان يلعب معها من نوعمة اظافره في حيهم الفقير ، استلم فرحان اوراقه وخرج الي مصنع الاخشاب لتصنيع الصناديق الخشبية ليبدأ معهم رحلته ، بدأ يومه الاول يعمل بجد مع الالات الحاده التي تشبه حدتها ايام طفولته وقطع النجارة المتطايره كانها تلك العواصف الرمليه التي كانت تمر عليه هو وصديقة طفولته وهم يلعبون في الشارع ايام الخريف ورائحة النجارة التي تصل قوتها الي باب المصنع كان يومه الاول من اصعب الايام ، رجع في الليل وكان الجو بارد مع سقوط قطرات مطر خفيفه ، فكر فرحان في شراء دراجه بعد حصوله على المال الكافي من عمله لانه لايمتلك مواصالات خاصه به ، وصل فرحان الي الشارع ووقف امام المنزل المقابل لمنزله انه بيت صديقة طفولته والفتاة التي يريدها اسمها ريم ، قام فرحان برمى قطعت حجر صغيره على شباكها الخشبي فخرجت فورا وكانها تعلم موعد عودته وتنتظره حتى ياتي، قابلته بضحكه شديدة الابتهاج والفرح وكان وضعه متسخ ومتعب من العمل ولكن ملامح السعاده اضاءة وجهه وكذلك وجهها، عاد فرحان الي المنزل فوجد امه واخوته بانتظاره على العشاء فهنالك بعض الخبز والطماطم والزيت وقليل من الجبن تناول عشائه وخلد الي النوم فورا ، كانت العيون الذابله تحمل صورة ريم والعقل يود الذهاب اليها لكن الجسد منهكاً والجيب فارغ ، استمرت الايام على نفس الموال واصبحت اسابيع ثم اشهر حتى مرضت والدته فكانت بداية لمعاناه جديده ، قام الشاب فرحان بجمع الاموال التي خزنها لنفسه فلم تكفى لعلاج امه فذهب الي صديقه حسان الذي كان يدرس معه فحصل منه على بعض المال فالصديق وقت الضيق وذهب الي الشيخ عدنان الذي كان يدرس فرحان عنده القران الكريم في صغره حتى حصل منه على بعض المال وتنازل بائع الدواء عن باقي السعر وقال لعلى هذه الثقافة تنتشر في البلاد ويعود لنا الخير باذن الله ، رغم خسارة فرحان نقوده الى انه كسب شفاء امه وعاد بها الي اخوته سالمين فكانت عيون الابناء تبكي دمعة فرح ودمعة حزن ، في اليوم الثاني تحدث مدراء العمل مع فرحان بشان تغيبه عن العمل فقد اخبرهم بمرض امه واثناء عودته من عمله الى منزله مر على ريم فلم تخرج اليه مثل كل مرا ، ظل فرحان ينتظر فطال الوقت ولم يتغير شيء فعاد الي منزله وقد زاده حزن على حزنه ، في صباح اليوم الثاني اخبرت ام فرحان ابنها ان ريم لم تكن الفتاة التي تستحق ما اعطاها من الحب والاحترام ، لم يفهم فرحان ماحصل فذهب الي الشيخ عدنان ليساله عن عائلة ريم فقال له انها قد تقدم لها رجل ثري في المنطقة ووافق اهلها فجن جنون فرحان حتى انه نسى موعد عمله تاخر عليه وعند وصوله تحدث معه المدراء بقوه بسبب اهماله للعمل وقلة عطائه وعدم احترام المواعيد ، خرج فرحان بعد انتهاء موعد العمل يركد الي ريم وقلبه ينبض بجنون لايعلم هل ان ورقته قد احترقت ام انه في حلم ، وصل الي اسفل نافذتها فبدأ بالضحك ورتب شعره وملابسه واستعد لمقابلتها فاخد الحجر ورماه وظل ينتظر وقلبه يكاد يتوقف وما من مجيب له ! اكتئب وصرخ بصوت عالي باسمها فخرجت له بعيون مليئه بالشر وكانها عيون ذئب وقالت له ماذا تفعل يااحمق الا تحترم حرمة البيوت فقال لها ماذا تقولين؟ فانا فرحان حبيبك ! فقالت له وضعك لن يسمح لك ان تكون حبيب احد فقال لها قولي لي ماذا اخطات في حقك او قللت من حبك حتى تفعلي بي كل هاذا فقالت له قد جائني من يستحقني وقد علت الاصوات فخرج الاهل وطردوه وهددوه من القدوم مره اخرى حتى لا تسيء سمعتهم ويخسروا الخاطب الجديد ، عاد فرحان الي المنزل وقد انهارت قواه ولا يعرف ماذا يصنع لنفسه من حلول ، في اليوم التالي استيقظ سرحان فذهب الي شيخ المنطقه عدنان لعله يساعده فاخبره الشيخ بانه سيذهب ليتحدث معهم ففرح فرحان فرح شديد وذهب الي عمله فكان وصوله متاخرا جدا بعد تلك الاحداث فاختار المدراء ان يطردوه من العمل فحاول فرحان فعل شيء معهم ولكن لم يعدوا يطيقوه حتى مساعدة صديقه حسان له كانت ستسبب الطرد لحسان نفسه فلم ينقذه احد ، عاد مسرعا تاركا ورائه عمله وحلمه وهو لا يفكر الا بريم وعندما وصل الي الشيخ عدنان كانت نظراته لفرحان مليئه بالخيبه فساله حسان هل من الجديد؟ فقال الشيخ متاسفا لم يقبلوك ، غادر فرحان المكان وكان يمشي ولا يلعم اين هو ذاهب؟ حتى وصل الي مقهى يدخنون الارقيله فجلس واخرج اخر امواله وبدا يدخن معهم بقوه على امل ان يحرق مشاعره التى تألمه وعيناه تاره تضحكان وتاره تبكيان حتى عاد الي منزله ودخل الغرفه ونام على سجادها يتحسر على خسارته لكل شيء كان يملكه في الحياه وبدأ انفه ينزف الدماء بسبب ارتفاع نسبة كريات الدم في الجسم من كثرت الارقيله في مره واحده وبدأت الذاكره السوداء تعود اليه تدريجيا يتذكر والده اثناء مرضه قبل موته وامه التي تشبه حالة ابيه واخوته الاطفال الذين لايقدرون على الكفاح في الحياه تذكر صديقة طفولته عندما قال لها بكل عفوية انت لي وانا لك ، اصبح الدماغ كغسالة الملابس يخلط الافكار والذكريات ، والدماء يحاول ايقاف نزيفها بيده والعيون تبكى بحرقه ويقول فخطاره هل انا الذي سمتني امي فرحان لاني كنت في صغري دائما ضاحكا لا تفارقني السعادة ابدا؟ اين ذهبت طموحي وقواي؟ هل يعقل ان نهايتي ستكون بهذا الوضع كالحشره؟ ، فقد فرحان وعيه بسبب دوار في الدماغ من نزيف الدماء واستيقظ في الصباح فوجد نفسه في وضع كارثي فقام مسرعا لينظف نفسه والمكان الذى ينام فيه ثم طرق الباب فذهب ليجد صديقه حسان امامه ، قال حسان مرحبا صديقي رد فرحان بصوت باهت مرحبا حسان فقال حسان اعلم ماحدث معك فقد سالت عليك الشيخ عدنان وانا في كامل اسفي لما حدث لك وكان فرحان صامتا لا يجيب فقال حسان هيا بينا نذهب لصلاة الظهر واريد ان اخبرك شيئا جديدا ، اقامة الصلاة ثم سجد المصلين وبدأ فرحان يناجي ربه سبحانه وتعالى حتى انتهت الصلاة وخرج المصلين وفرحان جالس لا يعلم ان سيذهب حتى جاء له حسان وقال له لديا عمل جديد ففرح فرحان وقال ماهذا العمل؟ فقال حسان لدي زوج خالتي يعمل في صيد الاسماك سنذهب اليه وخرجى معا حتى وصلى الى البحر فتعرف فرحان على الصياد ماهر زوج خالة حسان ثم غادر حسان وبقى فرحان يتامل في البحر ويتذكر الماضي ولكنه يريد ان يبدأ حياة جديده بدون تشويش ، اتفقوا على بدأ العمل من اليوم التالي وفعلا وصل حسان عند شروق الشمس الي العمل ودخلى بالقارب الي اعماق البحر وبدأ الصياد ماهر بالصيد وحسان يتعلم عمله الجديد ، انتهى اليوم بسرعه واخذ حسان من الصياد ماهر بعض النقود وعاد الي المنزل ولكن في طريق العوده اوقفه احدى الصيادين الاخرين فقال له لقد سمعنا انك عامل جديد معنا وانك تبحث عن عمل وتريد الربح السريع فلدينا ماتطلبه فقال فرحان لم افهم شيء فقال الصياد المجهول نريد شابا مثلك يدخل معنى في مشروع مقابل ملايين فقال له فرحان ماهذا المشروع فقال له الصياد المجهول سنرسلك الي مكان تجلب لنا انواع من النباتات المخدره فلن تشك فيك الشرطه بملامحك الطيبه وسنعطيك اموال كثيره مع كل طلب فلم ينطق فرحان بكلمه وقال الصياد المجهول عليك ان تفكر في الامر وان اخبرت احد بشيء فنهايتك ستكون قريبه، عاد فرحان الي منزله وهو غارق في افكاره هل يعقل ان يصل بي الحال الي هكذا؟ هل هذا مايريده ربي سبحانه مني؟ هل هذا ماتريده عائلتي مني؟ هل هذا مااريده من نفسي؟ رفض فرحان العمل وقرر ان يبتعد عن المكان وفي صباح اليوم الثاني ذهب حسان الي الصياد ماهر ليخبره عدم رغبته في الاستمرار في العمل ولكن اوقفته سيارة شرطة ، قالو له اركب السياره ولا تنطق بحرف فركب وهو خائف لايعلم ماهو مصيره الان، تم نقله الى مكتب تحقيقات واخبره الظابط حاتم انهم عرفو عن طريق جواسيسهم بان فرحان سيعمل في المخدرات ففزع فرحان وقال اقسم بالله لم افكر في هذا ابدا وكنت ساغادر المكان فقال الظابط حاتم لن تغادره بسهوله، فسيقتلونك، فرعش فرحان وقال ماهذه الورطة التي وقعت فيها فقال الظابط حاتم لعل الله اختار لك هذه الاحداث حتى تصبح بطل حقيقي فقال فرحان كيف؟ فقال الظابط حاتم نريدك ان تبقى في عملك في البحر وتعمل معنى عميل للشرطة، فقال فرحان ليست لدي امكانيات لهذه المصاعب ، فقال الظابط حاتم هذا العمل من اجل عائلتك ووطنك وستجنى منه النجاح والمال ، فقال فرحان ساحاول ان ابذل كل جهدي ، تم الاتفاق بينهم على ان فرحان سيخترق العصابه وكانه يعمل معهم وسينقل المعلومات الي الظابط حاتم في مواعيد معينه وبعد ايام اخبر فرحان الظابط حاتم انه علم من العصابه طريقة وصولهم المخدرات وهي ان مجموعة من ايطاليا تقوم برمى صناديق المخدرات قبالة سواحل البلاد ومع تغير فصول السنه يقذف البحر الصناديق على شواطئ معينه ويتم جمعها من العصابات وفي يوم من الايام اخبر الظابط حاتم فرحان بان يقوم بتركيب كاميرات ومسجلات صوتيه في اماكن معينه في فترة الغداء عندما تكون العصابه في مكان معين يتناولون الطعام وتم تدريب فرحان على التسلل وطريقة التركيب واجراء اختبارات عليه وكان فرحان خائفا ولكن مستعدا ليقدم شيء لعائلته وبلده حتى ان كلفه حياته، تسلل فرحان الي المكان المعلوم وبدأ في عمله الذى اتفق عليه مع الشرطة الا انه شعر زعيم العصابة بعدم وجود فرحان معهم على الطعام بعد ان اصبح صديقهم فارسل احد افراد العصابه يبحث عنه فوجد فرحان فقال له الزعيم يريدك فقال فرحان حسنا ساتي بعد قليل وذهب الرجل وبدأ فرحان في تركيب الكميرات والمسجلات الصوتيه ولكن زعيم العصابه شعر بان هناك امر غريب فارسل رجاله للقبض على فرحان فشاهدهم وشاهدوه فهرب منهم وقامو باطلاق النيران عليه وهو يركض فاصابته رصاصه في كتفه وسقط فاقتحمت الشرطة المكان واشتعلت الحرب مع العصابة حتى قبضت على بعض منهم وفر الزعيم مع مجموعة اخرى وتم اسعاف فرحان، بعد ازالة الرصاصه من جسده انتشرت قصة فرحان في كل الصحف والجرائد وحصل على المكافأة كبيره من الدوله وتم تكريمه في عدة مناسبات وطلب الظابط حاتم ضمه الي رجال الشرطه وحصل على عمل في مكافحة الجرائم والمخدرات ومع الوقت تم ترقيته الي منصب اعلى ، تزوج من اخت صديقه المقرب حسان وكانت اكبر مصدر سعاده في حياته وافضل من تربي ابنائه واصبح فرحان رمز للوطنية في البلاد .

الألم والأملWhere stories live. Discover now