اليوم الثالث

28 3 0
                                    

"ومشينا في طريق مقمر

تنشد الفرحة فيه قبلنا

وضحكنا ضحك طفلين معاً

وعدونا فسبقنا ظلنا

وانتبهنا بعدما زال الرحيق

وليت.. أن لا نفيق"

إبراهيم ناجي

بكل الرضا أقول لك: لم تفارقيني أبدا، في يقظتي، في منامي، أثناء حلمي، في طرفة عيني، نهضت من فراشي، مسدت مخدتي بكفي، علَّي أزيح عنها بعضا من صورك التي رسمتها ليلا، غسلت وجهي، كي أرى ملامحك أوضح في مرآتي، أعتقد بأن ملامحك باتت جزء من قسمات وجهي، نظرت من نافذتي، مشطت الشوارع بحثا عنك، تأكدت أنني بلغت من العته عتيا، لماذا تمرين أمام شارع منزلي؟ وأنت التي تقطنين أحد فنادق الحمرا، أي قدر سيرمى بك في قدري؟ لكن أعدك بأنني

إن التقيتك قرب منزلي، أن أجعل منك سيدة النساء أجمع، سأجمع لك الورد وأنثره عليك علَّه يكتسب بعضا من شذاك.

هل أنا شهواني اليوم؟ هل تخطيت حدود الخيالات؟ هل عشقتها؟ هل سأراها اليوم؟ ماذا أهديها اليوم، فقد أهديتها بالأمس أحلى رغباتي، وقبل الأمس أيضا أهديتها نفسي وخيالاتي، وأنا الذي كنت آبى التخلي عن أي منها، لم أهدها بل وهبتها، إذن ماذا أهديها اليوم؟ لعلي أهديها آخر دواويني، وسأضيف عليها مسرحيتي الغنائية، التي لم تستطع أن تحضر افتتاحيتها كما وعدتني، هل أكتب عليها إهداء، أم أنتظر أن تطلب مني توقيعي وكلمة إهداء، لدي فكرة أخرى، لما لا أطلب منها أن تكتب هي لي إهداء؟

سأقبل بأي شيء تعطينيه، حتى وإن كان ديواني أو مسرحيتي، كنت قد قرأت بكتاب السر لرواندا بايرون "أن الإنسان إن آمن بشيء حقا وأراده بكل جوارحه، سيحصل عليه بالنهاية لا محالة" أي التعامل مع الرغبات من باب قانون الجذب، وأنا أريدها بكل جوارحي ورغباتي، سأراها اليوم وستأتي، ستقبل يدي يدها وعيني عينيها، سأحرص على أسرها، ستكون لي لبعض الوقت، وإن لم يتحقق ما أريد فسأقاضي رواندا لا محالة وسأقضي عليها إعلاميا وأدبيا! فلا تعرف كم عولت على كتابها وكم أملت أن ألقاها اليوم، حملت ديواني ومسرحيتي ومعطفي وانطلقت سيرا لقهوة غوايتي كعادتي، لم أعبأ برذاذ المطر يصافح وجنتي، ويمسد شعري بحنان، لم أعبأ به متمرغا في ثيابي كقطة فارسية خبيثة، أعلم أنه يداعبني الآن وسينقض بلسعاته الباردة لاحقا، وصلت بعد بضع صفعات من الهواء البارد، فقد كنا في نهاية شهر ديسمبر، نحاول أن نستقبل العام الجديد بكثير من الأمل والحب والتفاؤل والمتعة، أيكون هذا سببا لحبي لها؟ أيكون شهر ديسمبر أحد المتآمرين الكثر، أتكون الريح؟ أيكون المطر؟ البرق، الرعد، نيران المدفئة، وعطش صحاري؟

سبعة أيامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن