8|العفو بعد الشكر

8 5 0
                                    

لنأخذ هذا المثال:
قد تكلّف صاحبك أن يشتري لك حاجة، يشتريها ويجلبها لك، فتقول له: شكرا. فإن أجابك: عفوا، فإنما يعني أن تعفيه من الشكر لأنه لم يقم إلا بواجبه تجاهك، على الرغم من أن ما قام به ليس واجبا، بل هو فضل منه وتفضّل. ولكن سموّ نفسه، جعله يعتبر عمله ممحوّا ولا وجود له كتلك الأرض الجرداء «العفو».
فهو يقول لك إنه لم يفعل شيئا يستحق الشكر. وهذا تواضع كبير منه.
ولو استعمل صيغة أخرى لتضمنت اعترافا مبطنا بأنه فعل ما يستحق الشكر عليه. كأن يقول: «حبا وكرامة» مثلا أو «على الرحب والسعة» وما أشبه ذلك.
فهو – بهذين التعبيرين – يعني، وربما من غير قصد، أن هذا العمل ليس واجبا عليه وإنما قام به حبا لك وإكراما «في الأولى» وأنه ترحيب بك «في الثانية» فهو لم ينظر إليه على أنه واجب يؤديه باعتباره واجبا بحد ذاته لا حبا وإكراما لشخص آخر.
وأحيانا تسمع من يصرح بذلك، فحين تقول له:  «شكرا» يجيبك: «عفوا.. لا شكر على واجب».

فالعفو ككثير من كلمات اللغة العربية يختلف معناه حسب السياق، لا يقتصر على المسامحة فقط رغم أنه معنى تقريبي لا غير، سأضع الفرق بينهما في الفصول القادمة بإذن الله.

طاب يومكم. 💙🌻

فوائد لغويةWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu