Part 15: أقدارٌ مُتزاحِمة

8.6K 588 123
                                    

ايمكن ان تتعمد الاقدار ان تغير مسار اقدام البشر, لاجل غاية يجهلها بني الانسان, ام من اجل صدفة ستحدث فيما بعد لتغير حجر في حائط التاريخ الممتد على مر العصور.

بين الطرقات الوعرة للجبال سار ثلاثة من بني الانسان, في مكان لم يزوره من قبل, وفي جزيرة تقع اقصى الارض, هل يساوي ثمن حياة ان يضع ثلاثة رقابهم رهان قضية ربما تكون خاسرة, في قانون العبيد والاغنياء فالجواب مختوم بنعم.

ضوء القمر الخافت البعيد هو املهم عصى سميكة تمكن المعلم من وضع بعض القماش عليها واحراقها بطريقته البدائية الناتجة من تقادح الاحجار.
سمعوا من بعيد حوافر الخيول التي تتسلق الطرق الوعرة بصعوبة, همس بيروس يخبرهم ان يسرعوا في مسيرتهم, استمروا بالجري بين الاحجار والاشواك غير مكترثين لاجسادهم والامهم ولا يحملون سوى حقيبة الازهار.

تعب الجميع من جراء الركض والصعود بين الجبل شاقين طريقهم نحو وجهتهم, وفي خضم تلك اللحظات المرعبة اصبحت اصوات الحوافر وصرخات رجال القبيلة اقرب على مسامع الثلاثة الهاربين, بينما اكمل زعيم القبيلة يمضي باحثا في ارجاء الغابة عن اريليوس ورفيقيه وهو كبركان يكاد يتفجر, مضى يصرخ وهو يتوعد باستخراج قلوبهم بنفسه وتقطيع اجسادهم ورميها للذئاب.

تعب المعلم ولم يستطع اكمال الطريق, لكنه لم يتحدث واكمل يسير بقدميه بين الاشواك والاحجار, وعندما حاول صعود بعض الاحجار المتراكمة بعد ان عبرها اريليوس وبيروس, لم تكن يداه قويتان ويافعتين فتمكن الشيب منه وانزلقت قدمه وسقطت عائدا نحو اسفل الاحجار, كان عليهم التسلق بين الحين والاخرى ليتمكنوا من سباق رجال القبيلة الذين اصبحوا قريبين جدا.

استدار اريليوس الذي كان قد تولى حمل الشعلة وبجانبه بيروس يسحب انفاسه على صوت سقوط المعلم, هرع اريليوس الى معلمة وقفز نزولا اليه, تبعه بيروس وهو يقول: "ابي هل انت بخير".

اعطى اريليوس الشعلة لبيروس ونزل بالقرب من اذني المعلم الذي سقط على ظهره, حاول مساعدة المعلم الذي صرخ من الم الجرح الذي اصاب قدمه اليسرى, فقد التوت وتمزقت, كان الجرح عميقا, والالم مبرحا.

مزق اريليوس القليل من ملابسه واحضر مسرعا غصنا صغيرا ولفه حول قدم المعلم, واصر على ان يكمل الطريق والمعلم يستند على كتفه, حاول المعلم جاهدا ان يتركوه وشأنه لكن اريليوس لم يستمع وعيناه تدمع مضمدا الجرح ويردد: "لن اتخلى عنك, سننجوا سويا".

حملوا المعلم الذي اتكئ على كتف اريليوس وبيروس واتجه من الطريق وتركوا صعود الاحجار, مضوا وقد تباطئت سرعتهم, وخلال دقائق قليلة اصبحت الوحوش على مقربة منهم, صرخ المعلم على اريليوس واخبره ان يسنده الى تلك الشجرة, التي كانت واقفة شامخة وساقها عريضة تدل على انها شجرة قديمة منذ زمن بعيد, باغصانها العالية والمتشابكة المخيفة.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةWhere stories live. Discover now