زهور النّرجس.

0

يُحكى أنّه كان في قديم الأزمان شابٌّ كان آية في الجمال، يدعى نارسيس.

قيل لوالديه عندما كان طفلًا: "نارسيس سيحظى بحياة طويلة، لكن فقط إذا لم يكتشف من يكون."

كبر الفتى ولم يكتشف حقًا كم كان جميلًا، رغم كثرة المخلوقات التي وقعت في حبه، رغم كثرة مدحهم له، هو لم يلاحظ.

رفضهم كلهم، غير مبالٍ بالألم الذي سبّبه لهم، كان قاسيًا ولئيمًا ومتعجرفًا؛ لم يكن يرى غير نفسه.

في يوم، كان يصطاد كعادته، وفجأة شعر بالعطش لذا توجه إلى البحيرة، وانحنى ليشرب.

وحين فعل، لمح كائنًا بديع الجمال، لم يستطع أن يبعد عينيه عنه.

وهنا، بدأ عذابه.

-

هذه العائلة تتبعها لعنة النّرجس.

على أحد أن يكون الظّل، الصّدى، على أحد أن يكون الاِنعكاس في المرآة.

سيُحذف ويَنسى ويُنسى، يُنفى سهوًا حيث لا زَهر ولا ألوان.

وكلُّ هذا يبدأ حين تجدين زهرة النرجس تحت وسادتك.
ثم تملأ سريركِ فيُصبح نعشكِ.
وعندما تغرقين في بركة نارسيس، لن يبقى منكِ سوى رائحة النّرجس.

وأنا في الجانب الآخر، أنتظركِ، أيّتها العزيزة؛
لكي يُسمع صوتي مجددًا، لكي أرى الألوان.

-

صرير المراجيح والزُّحليقات الصّدئة لم يكن بنفس الصّخب المعتاد اليوم.

الأطفال يلعبون بالفعل في كل مكان، مع أن الجوّ ليس مثاليًا؛ الغيوم تغطي السّماء منذرة بهطول قريب، والعشب رطب ينضح برائحة النّدى، فتتساءل بيلسان كيف امتلأ هذا المكان بسرعة في الصّباح.

ركلت القارورة البلاستيكية بتقزز دون أن تزعج نفسها حتى باِلتقاطها، أدخلت يديها في جيبيّ معطفها؛ الجوّ لازال باردًا رغم أنّه الربيع، اِقتربَتْ من الحاجز الخشبي، ووضعت يديها عليه رغم السّلك المعدني الشائك الموضوع لمنع الزّوار من التّطفّل والدّخول إلى بركة البط.

لا ترى السّبب من وضع السِّلك، صدقًا، حيث هناك ممر واضح في الحاجز، لا شيء فيه يمنع الأطفال من الدخول أو البط من الخروج.
'كم هذا سخيف. ' فكّرت.

رمت ببصرها نحو البحيرة؛ لم تكن شيئًا مثيرًا للدّهشة لهذا الحد حقيقةً، لكن لها نسيمها الذي ترميه الرّيح بوجهك، هذه البركة واسعة بالنسبة للحديقة، وأطرافها محددة بالحجارةِ ثم الحاجزِ الخشبيّ -الذي يحوي ممرًا سهلًا كما أُسلف الذكر-، وفي المنتصف بيت خشبي غريب الشكل، تستطيع أن ترى من موقعها تجمع البطّ فيه.
لكنها عبست، فلا طيور في الخارج اليوم.