أحَدَ عَشرَ شِتاءًا

236 24 65
                                    

و إعتَراني الشَوقُ و كُلكَ رَحيل
و أخَذَ مِني الجَوى مأخذاً حتى جَفَ دَمعُ العَين
بِتُ ألمَحُكَ على وجوهِ العابِرين
ثُمَ اراكَ في بَسَماتِ المُحِبين
أستَشعِرُ طَعمَ شِفاهِكَ على اطرافِ شَفتاي

مازالَ خَيالُكَ موجوداً في رُكنِ المَقهى الذي زُرناهُ في آخرِ لِقاء
مازالَ كوبُ قَهوتِكَ ساخِناً بينَما قَهوتي انا قَد بَردَت تكادُ تُصبِحُ ثلجاً مِن
صَقيعِ ديسَمبر

أما عَن عِطرِكَ، فإني لا أكادُ انساهُ حتى اعودَ لِرسائلَ مُهترِئه وَصَلتنِي
مِنكَ قَبلَ اعوامٍ وَلَت، اتَنفسُها بِرقَةٍ خوفَ تَمزُقِها بينَ يَداي وتَوجُساً مِن نَفاذِ عِطرِكَ مِنها

آلافِ المُسافِرينَ نَزلوا في المَحطةِ التي غادَرتَ مِنها، عادوا جَميعاً الا
انت ، و مازِلتُ انا مُنتَظراً على نَفسِ المِقعِد كُلَ يوم مُنذُ ان تُلَملِمَ الشَمسُ
خُيوطَها لِتَغِزِلهُم وِشاحاً تُدفيءُ بهِ القَمرَ حينَ يَتَوَسُطُ كَبِدَ السَماء.

تَعصِفُ الرِياح من حَولِي تُحَرِكُ خُصلاتِ شَعري تُواسيني بِغيابِك و تَنثُر الغُيومُ دُموعها مَطراً إمتَزَجَ بأمطارِ غُيومي يُخفِيها عَن الأعيُن
لا أعبأُ لِمرَضٍ قَد يُصِيبُني و لا لِدمعٍ يَتصبَبُ مِن عَينَيَّ ، بِيدايَ أمسَحُ الدَمعُ و حَدَقتايَ تُعاودُ النَظرَ الى القِطار أنتَظرُ ان تَخطو خارِجَهُ معَ حقِيبَتِكَ البُنِيةُ الصغِيرةُ المُهترِئة ، تَنظُرُ في وسَطِ عَينايَّ و اركُضُ انا الى احضانِك أُعاتِبُكَ قليلاً و أُقَبِلكَ كثيراً ابكي على صَدرِكَ ثم أُحادِثُكَ بِقُبَلي، تُخبِرُني أحاديثَ إشتِياقكَ لأَسرُدَ على مَسامِعِكَ هُمومَ لُبِّي و أعودُ لِلَثمِ ثَغرِكَ أُهديهِ سلاماً دامياً مِن قَلبي تحت مصباح المحطة المعطل منذ رحيلك.

أاضحَكُ أم ابكِي عَلى خَيالِي؟ فالامرُ يَبدو كَما لو كانَ فِلماً سِنيمائِياً
بِنهايةٍ سَعِيده يَنتهي بِغلقِ السَتائِر و تَصفِيقِ الجُمهور ، لكِن أستَنتَهي
قِصتِي كما الافلام أم سأضَلُ انتَظِرُكَ تَحتَ نفسِ المِصباحِ المُعطَل ؟ و
اشربُ مع طيفِكَ القَهوةَ كلَ صَباح ، اتذوقُكَ على شِفاهيِّ و الثُمُ عِطرَكَ مِن رسائِلَ بالِية ؟

فآاهٍ و الفُ آهٍ على حالي مِن بعدِكَ يا مَن سَكَنَ النَبضَ و الأوداج
و يا مَن طَبعَ صورَتهُ بِجفنِ العَين فأراكَ في كُلِ مَرةٍ تَتشابَكُ فيها الرُموش.

إني أسكُنُ الشِتاءَ مُذ غابَ صيفُ يَداكَ عَن يَداي ، تَتَغيرُ الفُصولُ مِن
حَولِي لكني عالِقٌ في نفسِ الصَقيعِ الذي غِبتَ فيهِ و لأولِ مَرةٍ اشعُرُ
بِبردِ هذا الفَصلِ فلَطالَما كانَ دِفئُكَ يُحيطُني وكأنَنَي في فُقاعةٍ مَليئةٍ
بالزِهور، فوقِيَ الغُيوم تَمُرُ بِهدُوء تَتَخللُها أشِعةُ الشمسِ الدافِئة بِرقةٍ
تَنعكِسُ على وجوهِنا و تُلامِسُ اجسادَنا المُتعانِقةَ اسفَلَها كأنَها تُبارِكُ
حُبَنا لِبَعضِنا ، لكِنها مُذ غِبتَ اختفَى دِفئُها  و انطفأ نُورُها فجأةً حتى خِلتُ أنني اصابَنيَ العمى لِفرطِ الظلامِ الذي أبصَرت .
    ............................................ 

طَيفُكَ و كوبُ قَهوة TKWhere stories live. Discover now