منزل الشتاء

1.8K 93 59
                                    

"تيك _توك ...تيك _توك ....تيك .....توك !"

هي عقارب الساعة التي تمشي ببطؤ مُتعمّد حالما تجدنا بأمس الحاجة لمرور الوقت

تُعذبنا كما يفعل صوت نقطة الماء المتكرر في رواق سجن جهنمي بعيد

أربعة عيون تحدق في الساعة المعلقة على الجدار وسط الصف ،بينما يبدو كلام أستاذ اللغة العربية كفديو بالعرض البطيئ ،لا تسمع منه سوى كلمات ممطوطة بصوت ثخين بينما الجميع فيه يتحركون ببطؤ شديد يصيب أعصابك بالانهاك

" انتهى الدرس "

وهذه كانت العبارة الوحيدة التي فهمها الشابان من الدرس بأكمله ،وبدأت بعدها موجة تكديس الأغراض في الحقائب ومغادرة المقاعد في سباق ملحمي نحو باب المدرسة وكأن أحدهم اخبر الطلاب بأن قنبلة ستنفجر في المكان في حال لم يخرجوا منه بظرف دقيقة

حالة مخاض مستعصية تحدث عند الباب ،تنتهي بانكسار نافورة الأولاد المتدفقين عبره كسيل جارف لينتشروا في الطرقات كجحافل التتار  مستمتعين بحريتهم التي سلبتها المدرسة ، خصوصاً أن اليوم خميس آخر الأسبوع والجمعة عطلة

ليضع علاء كفه على كتف طاهر ويقول : طهورة ،سنذهب لقاعة البلياردو ،ألحق بنا

فيهرول طاهر مبتعداً وهو يقول: اعتذر ،سأذهب مع ابن خالتي اليوم

علاء يصرخ من بعيد: بالله عليك يا رجل ! ،أحضره وتعال

لكن طاهر يصبح على الرصيف المقابل ويلوح له : سنذهب لمنزل العائلة ،أراكم الأحد

الموقف نفسه تكرر مع ماهر لكن بشكل أصعب ، لأنه لايذهب للمواصلات بل المواصلات تأتي إليه

حيث وقفت السيارة التي يفترض بها أن توصله للمنزل وسائقها ينتظر قدوم ماهر ، لكن الأخير يهرول نحوها وينخفض ليرى السائق ويقول : أبو جمال ،اسمع ...سأخرج في موعد مع فتاة ،عليك تغطيتي ، أخبر أبي بأي كذبة

ليبتسم أبو جمال ويقول : أهي جميلة ؟

فيرد الثاني وهو يلمح طاهر بطرف عينه : أجمل من السماء والشمس معاً

ليضرب أبو جمال على صدره ويقول : عندي

ماهر: سأشتري لك لفائف الشاورما لمدة أسبوع ،والله إنك كفو ،أنت زلمتي

أبو جمال : أي شيئ أبو أمجد الصغير سعيداً

يعطيه ماهر ابتسامة صفراء ثم يقول في نفسه بينما يهرول لصديقه على الطرف الثاني ( فليفقأ الرب عيني قبل أن اسمي ابني المستقبلي باسم أبي الوغد)

طاهر يبتسم : ها انت ذا

يرفع ماهر القلنسوة فوق رأسه يتلفت بحذر ويقول: هيا بنا

طاهر : الدراجتين هنا

يركبانها ويبدآن رحلتهما نحو الريف البعيد ،عبر الطرق الوعرة وبرك الطين و الحصى الصغيرة التي قد تثقب الإطارات في أي لحظة

طاهر وماهر Where stories live. Discover now