4- قرنفلٌ بالأزرق

33 25 10
                                    


من باعتقاده أني سأتوانى عن الوصول لها بعد لُقياها أخيرًا؟ هل أتخلى بتلك السهولة عمن شغلَت فِكري خلال أيامٍ متواصلة...؟

لم أتردد لحظةً في القفز للضفة الأخرى، بل لم أفكر من الأساس! فكيف أتراجع الآن؟ كنتُ على وشكِ الوقوع في الجدول لولا اتزاني في اللحظة الأخيرة، واستعدتُ أنفاسي شاكرًا الله أني لم أسقط.

ركضتُ خلف خطواتها آملًا اللحاق بها وساعدني صوتٌ قريب جاء من ركلها للأشجار، فكان ظهرها مقابلًا لي، هذه المرة فكرتُ مرتين قبل الاقتراب خشية أن تخاف فتنساب من ناظري أو تختفي ولا أجدُ لها دليلًا.

أخذتُ نفسًا عميقًا وقد عاد توجسي من جديد...ثم لن يجدي التحمحم في جذب انتباهها، فكان الحل الأمثل هو جعلها تلاحظني مباشرة وحينها فقط اقتربت قدماي منها ببطء ثم قبل أن ألمس كتفها شعرَت بي واستدارت بسرعة مندهشة من تواجدي خلفها، بل كانت على وشك...لكمي؟ ما هذا؟!

تداركتُ نفسي قبل أن تصبح قبضتها وخدي كتلة واحدة وتراجعتُ خطوتان للوراء أحاول توضيح أمري لها، فأنا متأكد من كونها تعتبرني مترصدا يقصد التنمر بعد واقعة الحجر قبل قليل إلا أني لم أنوِ غير الحديث والتعرف إليها فقط من دافع الفضول المحض.

لم أتوقع أن تفهم كلماتي مباشرة بل وترد عليها بلغة الإشارة التي لم أفهم منها حركة واحدة، أثق ببلاهةِ ملامحي أثناء النظر إليها ومتابعة حركات يديها، وخاصة حين لبسَت وجهَها الصغير معالمُ التجهم وسحبَت يدي بعنف فاقدة لصبرها، لتكتب عليها: من تكون؟

خالجتني فكرة بدَت مناسبة للموقف فأخرجتُ هاتفي لأفتح ملاحظاته وأقدمه لها، عرضتُ أن تكتب عليه أثناء حديثنا بينما تقرأ حركة شفاهي. لم تُبدِ اهتمامها أولا لكن النظرة اللاحقة أكدت لي أنها تفكر بكوني أحمقا لا يستطيع التعامل مع حالتها...أو ربما أكون مخطئا وهي تفكر بي كأحمق وحسب.

بادرتُ بإجابة سؤالها السابق مع توضيح كوني لستُ من ساكني القرية الصغيرة، ثم رأيتُها تنقر بأناملها لوحة المفاتيح الهاتفية للحظات قِصار نتج عنها معرفتي بعِلمها السابق بغربتي عن القرية؛ حيث اتضح أنها تعرف الجميع واحدا واحدا هنا.

سألتُ عن اسمها فجادلَت بأنها لا ترغب بإخباري، ولما تخبرني من الأساس؟ لستُ بنظرها سوى غريب التقتْهُ مرتين لا ثالث لهما وفي المرة الثانية أذاها دون مقدمات قبل حتى أن تلمحه.

هل أقول أن لها كل الحق أم ألوم نفسي أولا؟ في الحالتين هو المنطق حَكَم الرأي وأحرجني أمامها...والآن يجب تصحيح موقفي حالا دون مماطلة لا فائدة تُرجى منها وتحسين صورتي، ولم يبدُ عليها الاقتناع رُغم قولها ستحاول تصديقي.

تمرُّد، الحُب الأبكَم. ✓Where stories live. Discover now