الفصل الاول

1.1K 28 1
                                    

بهدوء الصباح ونور الشمس الذهبي، تظهر جمال امرأة في بداية الخمسينات من عمرها. تبدو وكأنها لم تتأثر بتقدم العمر، فجمالها يشع من داخلها بثقة وهدوء. بينما تحتسي قهوتها، تبدأ بالكتابة بقلمٍ يتأرجح بين أناملها، تارة تكتب بثقة وتارة أخرى بتأنٍ وتأمل، وجهها يتلألأ بالحكمة والخبرة، وعيناها تعكسان عمق الحياة والتجارب التي خاضتها.

بداية الحكاية

في قرية جميلة وبعيدة عن صخب الحياة، تجلس امرأة في منتصف عمرها بجوار ثلاث فتيات جميلات. الفتيات يلعبن ببراءة وسعادة مطلقة، تملأ أصوات ضحكاتهن الجو بالبهجة والسرور. تبدو الأم سعيدة وهي تراقبهن، وجهها مشرق بالحنان والحب، وعينيها تتلألأ بفرح ورضا.

الفتيات يتبادلن الضحكات و الفرح، يجرين في الحقول الخضراء ويمسكن بيدي بعضهن البعض بكل ثقة ومحبة. يتسابقن خلف الفراشات ويتساقطن في العشب الناعم وسط زهور الربيع الجميلة. الأم تنظر إليهن بابتسامة حنونة، تتمنى في صمت أن تبقى هذه اللحظات الجميلة محفورة في ذاكرتها إلى الأبد.

الأب يقف وسط الحقل الخضراء، يشعر بالسعادة والفخر وهو يحمل الفواكه اللذيذة التي اختارها بعناية. ينظر إلى بناته الثلاثة، اللواتي يركضن نحوه بأذرع مفتوحة وابتسامات واسعة على وجوههن. يستقبلهن بحنان ويحتضنهن بقوة، يشعر بقلبه يمتلئ بالحب والفرح عندما يغمرهن بحنانه.

الفتيات يعبّرن عن سعادتهن بكلمات الحب والامتنان، ويرددن كلمات الفرح والشكر. الأم تشهد هذه اللحظة الجميلة ببسمة راضية عن كل ما تراه، حيث يغمر الحب والسعادة قلوب الجميع.

وفي حين كانوا يجلسون بسعادة وسط الطبيعة الخلابة، تفاجأوا بظهور رجل غريب مصحوبًا بعدد من الرجال الملثمين. فور رؤيتهم، شعرت الأم بالفزع والخوف، لكنها بدلاً من الصراخ أو التهرب، خبأت بناتها في صدرها الحنون بحنان وحب كبيرين. كانت عيونها تعبر عن القلق والحذر، لكنها لم تظهر ذلك في تصرفاتها، بل بقيت هادئة وقوية أمام تلك الظروف الصعبة.

وقف الأب بين بناته، جاهزًا للدفاع عنهن، لكن بسرعة هاجمه الرجال الملثمون بقوة وسرعة فائقتين، بدأت حربًا بين الأب الشجاع الذي كان يقف كالصخرة الصلبة لحماية عائلته، كانوا البنات متعلقين بثياب أمهم بخوف شديد، يشاهدون بتوتر وهم يراقبون المشهد الصادم للصراع الذي كان يدور أمام أعينهم.

بينما كان الصراع يشتد، حاولت الأم بكل قوتها وعزيمتها أن تبعد الرجال الملثمين عن بناتها. بالرغم من الصعوبات والمخاطر، لم تتوقف عن المحاولة، حيث استخدمت كل ما بوسعها لحماية بناتها وإبعاد الخطر عنهن.

بينما كانت الصراع يشتد، مسكت الأم بقوة يد ابنتها الكبرى، وبلهجة صارمة قالت: "فكتوريا، خذي أخوتك واهربي بعيدًا قبل أن يمسكك أحد الرجال". ردت فكتوريا بخوف: "لكن كيف لي أن أتركك يا أمي؟" ردت الأم بقوة: "لا تقلقين يا عزيزتي، أنا ووالدك سنكون بخير، لكن الأهم الآن أنتِ وأخوتك الصغار، خذيهم واهربي بسرعة، هيا".

كانت الدموع تتساقط من عيني فكتوريا وهي تشعر بالخوف الشديد، حيث كانت ترى والدها ملقى على الأرض والرجال يركلونه بقوة، بينما كان هناك رجل يقترب من والدتها بنظرات متعطشة. لم تفهم فكتوريا كل شيء في تلك اللحظة سوى أن عليها حماية أخوتها الصغار، الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعة والخمسة سنوات. مسكت يدهم بقوة وركضت بسرعة، وروحها قلقة على والدها ووالدتها اللذين كانا يقاومان العنف الوحشي.

انتبه الرجل إلى أن الفتيات قد هربن فأمر جنوده ان يحضرونهن بسرعة . ثم و ضع السيف على رقبه الأب و زوجتة. قال الاب و بصوت مهزوز عليك اللعنة يا جبار ، هل يفعل الصديق هكذا بصديقه ؟، ضحك الرجل بضحكة مستفزة و قال : هل تظن أنك صديقي يا لوثر ؟ لقد انتهت صداقتنا من زمن بعيد ، و الان حان وقت الثأر . سأقتلك أنت وزوجتك امام اعين بناتك الحسنوات يا لوثر.

في تلك اللحظات قبض الرجال على فكتوريا و أخوتها الصغار، إيزابيلا و ماري ووضعوهم أمام والديهم . كانت فكتوريا تبكي بصمت و هي تحتضن اخوتها الصغار في حضنها . قالت الأم بصوت محب لي فكتوريا ، انتي تعلمين كم احبك و أحب اخوتك . ذكريهم فيني دائماً يا عزيزتي. ثم أغمضت الام عينيها ورحلت إلى الأبد.
و في تلك الاثناء كان الاب يبكي و ينظر إلى بناته بحسرة، و يقول بتوسل : ارجو أن تسامحوني يا بناتي. ثم رحل هو الاخر . لم تتماسك فكتوريا نفسها في تلك اللحظات ، فالصدمات التي تعرضت لها جعلتها تسقط على الارض فاقدة و عيها .

***

خيوط القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن